حمى رفع الأسعار تنتقل لجميع السلع والمهن… والرقابة خارج التغطية
يوماً بعد آخر تثقل الأسعار بارتفاعها الجنوني كاهل ذوي الدخل المحدود ممن فقدوا كل حيلة للمواءمة بين دخولهم المتهاوية والأسعار التي تسارعت في تحليقها حتى باتت فوق متناول أيدي السواد الأعظم من الناس وخاصة العاملين في الدولة لأنهم تفردوا بكونهم الشريحة الوحيدة التي لا تستطيع مواكبة رفع أسعار جهدها كما يفعل سائق السيارة وبائع الخضرة والطبيب والصيدلي والخياط والحذاء وعمال الساحات وجميع التجار وأصحاب المهن الحرة الذين يواكبون ارتفاع الأسعار دون أن يتأثروا بشكل كبير بهذا الارتفاع، العاملون في الدولة وحدهم من يدفعون ضريبة ارتفاع الأسعار فأصبحت لقمة الحياة غايتهم ومبتغاهم.
عبد العزيز موظف في التربية قال: أنا لا أستطيع أن أعمل بأي مهنة أخرى وراتبي لا يزيد على 25 ألف ليرة ولدي خمسة أطفال ولا أستطيع توفير أدنى حدود المعيشة علماً أن بيتي ملك وزوجتي موظفة براتب 21 ألفاً ومع ذلك لا نستطيع توفير الحاجات الأساسية فأي أسرة تحتاج يومياً 4 آلاف ليرة سورية حليب أطفال ومستلزماتهم إضافة إلى مصاريف الأسرة من طعام ولباس وأدوية وغير ذلك وفواتير كهرباء وماء.
علي حلاق قال: أنا مضطر لرفع الأجرة علماً أن أجرة الحلاق تاريخياً لم تكن محددة فالزبون يدفع ما يشاء ولا يمكن أن تكون بيننا مفاصلة على الأجرة ولكن اليوم نأخذ 250 ل.س حداً أدنى وهناك البعض يدفع أكثر علماً أننا كنا نأخذ منذ عامين 150 ليرة سورية ونحن في حارة شعبية أما الحلاق في المناطق الراقية فيأخذ 500 ل.س حداً أدنى.
جابر عامل بسطة في الشيخ سعد قال: أنا موظف بشهادة جامعية ومع ذلك أقوم بالعمل على هذه البسطة لأن الراتب لا يكفي وأنا مضطر للعمل بعد الدوام حتى أستطيع توفير ضروريات الحياة اليوم السكر 250 ل.س والسمن النباتي 700 ليرة والزيت 600 ل.س أما اللحمة بكل أنواعها فهي ليست واردة في قائمة استهلاكنا منذ عدة أشهر وكذلك الفواكه.
محمد مصطفى خبير اقتصادي قال: تعاني الأسواق من انفلات غير طبيعي في ارتفاع الأسعار ولا علاقة للدولار بهذا الارتفاع وما تقوم به دوريات التموين هو من باب رفع العتب فقط ولكن لا ضابط للأسواق.
إذاً هذه حقيقة بات يعرفها الجميع ولم نأت بجديد، لكن الذي نريد أن نعرفه ما دامت الحكومة ليست مقتنعة بالارتفاع الجنوني في الأسعار وأن الدولار لا أثر له في ذلك، لماذا لا تعمل على ضبطها والضرب بيد من حديد على أيدي المتلاعبين بقوت الشعب، ترتفع أسعار الأدوية فيغير الصيادلة الأسعار على العبوات المنتجة قبل عام ويجنون أرباحاً هائلة، تصدر التموين أسعار السكر على فاتورة الاستيراد اليوم فيبيع التاجر السكر المخزن في مستودعات منذ أشهر بالسعر الجديد نفسه وهكذا دواليك.
وعندما نسأل التموين نجدهم يتفاخرون بكتابة عدد هزيل من الضبوط في سوق يفترض أن يحال يومياً الآلاف من التجار إلى القضاء وتغلق عشرات المحلات التي تضرب حتى بالأسعار التي تضعها التموين عرض الحائط علماً أن أسعار التموين ليست اختراعاً أو ماركة مسجلة لأنهم يقومون بجولة في السوق ويضعون أسعارهم كما يشاء الباعة، أي إنها تحصيل حاصل، نريد أن تفهم الحكومة أن ذوي الدخل المحدود يستنزفون شيئاً فشيئاً وهذا مؤشر خطر قد يدفع البعض إلى أفعال لا يريدونها من السرقة وما شابهها لأن الجوع كافر.
محمود الصالح
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد