تهريب الخردة السورية لصناعة حديد نستورده
يصعب إحصاء ما تصدره سورية من الخردة، لأن عملية تصديرها لا تحدث بإشراف وزارة مالية أو اقتصاد أو غيرها.
بل تحدث عبر التهريب حصراً وبرعاية جهات تثبت أنه لا يمكنها رؤية جرارات زراعية بمقطورات محملة بالخردة، أو شاحنات تحمل الخردة، أو طرطيرات بثلاثة دواليب تعبر باتجاه الحدود وعلى الأرض حيث تتوزع سلطات قمع التهريب!.
ويتم تهريب الخردة إلى الجوار مع توفر الحاجة الماسة إليها في الداخل، إذ توجد في حماة الشركة العامة للمنتجات الحديدية والفولاذية ولديها معمل للحديد بطاقة 78 ألف طن سنوياً ويعمل منذ 1971، وفيها أيضاً معمل صهر الخردة بطاقة 60 ألف طن سنوياً ويعمل منذ 1978 بغية انتاج عروق فولاذية بيليت مربعة وهي المادة الأولية لمعمل القضبان الحديدية.
يجدر التنويه إلى أن السوق السورية غنية بالخردة الناتجة من نفايات المعادن والآليات وتتوفر بكثافة لدى نفايات الشركات الصناعية والخاصة ونفايات المنازل وإن وتيرة تهريبها تثبت أنها أصبحت مهنة منظمة منذ سنوات، حيث يقوم بعض المواطنين بتأمينها من الداخل وتجميعها، ومن ثم تأمين نقلها إلى المناطق الحدودية حيث يتم تجميعها في أماكن متعددة ضمن الأراضي الزراعية وأحياناً وسط القرى الحدودية، ويتم تسطيرها ضمن مقطورات الجرارات الزراعية محدثة أصواتاً صاخبة وقرقعة مزعجة أصبحت عاملاً إضافياً للضجيج في الريف الحدودي، وبعد ذلك يتم نقلها عبر الطرقات الوعرة والمسالك إلى المرحلة النهائية لتسليمها إلى الجوار..
ومع أنه صدرت منذ بضعة سنوات تعليماته مشددة حول تهريب الخردة، إلا أن وتيرة تهريبها ارتفعت بشدة مؤخراً بسبب ارتفاع الأسعار العالمية، وتحول شريحة من مهربي المازوت سابقاً إلى تهريب الخردة وبذلك تخسر الصناعة السورية مادة أولية متوفرة بكثرة.
ويعمل في تهريب الخردة شريحة من الشباب في القرى الحدودية ممن لا يجدون عملاً سوى التهريب بينما يتولى تجار الجوار تأمين الخردة السورية لمعامل الحديد في الخارج لتحويل الخردة السورية إلى قضبان حديدية، علماً أن سورية تعتبر من الدول المستوردة للحديد حيث لا يلبي انتاج معمل حماة الحاجة المحلية..
ويمكن للقاطنين في القرى الحدودية والزوار معاينة تهريب الخردة كشكل روتيني حيث تتكثف مشاهد الجرارات بمقطوراتها المحملة بالخردة، والشاحنات الهوندا وغيرها المتخصصة بتهريب الخردة وأحياناً بعض الطرطيرات بثلاثة دواليب والتي هي أساساً لا تصلح إلا خردة ويتوجب صهرها في معمل حديد حماة.
يشار إلى كثافة امتلاك الجرارات الزراعية ومقطوراتها في القرى الحدودية وكذلك كثافة ملكية الشاحنات الزراعية بينما يحتار المزارعون في تأمين جرارات وشاحنات لصالح النشاط الزراعي، وتتفرغ معظم الجرارات والشاحنات لأعمال التهريب مع أن أغلبها يحمل ترخيصاً زراعياً..
وهكذا وكما يبدع المهربون في تأمين حاجة الخارج من الخردة السورية تحت ترخيص زراعي، يبدع معمل حديد حماة في خسارة مادة أولية مهمة لصناعة الحديد تحت بند تطوير وتحديث للشركة العامة للمنتجات الحديدية والفولاذية، ويبدع البلد في استيراد الحديد بأسعاره الكاوية، ويبقى السؤال: إذا كان معمل حديد حماة لا يستوعب الخردة السورية وتستوعبها أسواق الخارج، أما من سبيل آخر لضمان صهرها محلياً واستثمارها في صناعة الحديد محلياً لدى قطاع عام أو خاص؟ وإذا كان معمل حديد حماة يمكنه استيعاب الخردة السورية فما هي السلبيات التي تجعل الخردة تفر منه، وتتغلب عليه حوافز المهربين؟!.
ظافر أحمد
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد