بالرغم من خطورتها: نفايات الرعاية الصحية خارج «الاحتواء»

تعد إدارة نفايات الرعاية الصحية من الموضوعات التي باتت جدّ ملحة مع التنامي الهائل للقطاع الصحي في سورية، لما تحتويه هذه النفايات من أخطار ترتبط بنوعيتها من نفايات سامة أو معدية أو جارحة أو ملوثة للبيئة وغيرها.
ويقصد بنفايات الرعاية الصحية النفايات الناتجة عن عمل المشافي ومراكز الرعاية الصحية والعيادات والمخابر والمعالجات المنزلية والأدوية منتهية الصلاحية ويشمل ذلك التطبيقات العملية في الجامعات والمعاهد والبحوث المتعلقة بها.
وبالرغم من المحاولات الجادة لوضع نظام متكامل للتخلص من خطر هذه النفايات، إلا أنها لم تتعد كونها محاولات متفرقة لم تحظ بالاهتمام والتعاون، والنتيجة أنه حتى اليوم لا يتوافر في سورية مثل هذا النظام، وإن توافر في بعض المحافظات فإنه يعاني خللاً في إحدى حلقاته يفقده قيمته كاملة.
وهذا ما يؤكده الدكتور عاطف الطويل رئيس دائرة اللايشمانيا والصحة البيئية في وزارة الصحة الذي بين أن إدارة نفايات الرعاية الصحية تقوم على ثلاثة مكونات أساسية، أولها الفرز أي فصل النفايات الطبية ونفايات الرعاية الصحية عن النفايات العادية وفصل هذه النفايات بحسب أنواعها من نفايات حادة أو سامة أو مشعة وغيرها، أما المكون الثاني فهو جمع ونقل نفايات الرعاية الصحية، الأمر الذي يتطلب بدوه كوادر متدربة وسيارات خاصة ليست موجودة لدينا، والأمر الثالث هو المعالجة، وهي غير متوافرة سوى في أربع محافظات تعاني من خلل في المكونين السابقين، ما يفقد عملية إدارة النفايات الطبية أي قيمة، وأضاف الدكتور الطويل: معظم مشافي البلاد لا تفرز نفاياتها، وإن فعلت فهذه النفايات يعاد خلطها عند تحميلها بسيارات القمامة مع النفايات العادية، أما نقل النفايات الطبية فيتم بسيارات قمامة عادية لا تتوافر فيها الشروط المطلوبة، وكل ما لدينا في سورية من السيارات التي تتوافر فيها هذه الشروط، هو خمس سيارات فقط حصلنا عليها كمنحة، ولكن وللأسف أعطيت هذه السيارات لمحافظات لا يوجد لديها فرز للنفايات الطبية ولا تمتلك محطات لمعالجة هذه النفايات مثل السويداء وطرطوس، أما دمشق التي تحقق شرطي الفرز والمعالجة فظلت تنقل النفايات الطبية بسيارات قمامة عادية مع غيرها من النفايات لتُنسف كل الجهود المبذولة فيها للتخلص الآمن من النفايات الطبية، مشيراً إلى أن تطبيق نظام متكامل لإدارة نفايات الرعاية الصحية يحتاج ميزانيات ضخمة وتعاوناً بين جميع الجهات المعنية.
من جهتها بينت المهندسة رولا أبازيد مسؤولة النفايات الصلبة والطبية في وزارة الدولة لشؤون البيئة أنه قبل عام 2004 لم يكن هناك إدارة لنفايات الرعاية الصحية في سورية، حيث كان يتم التخلص منها عن طريق الرمي العشوائي مع غيرها من النفايات، وفي عام 2004 وضعت شركة فرنسية بالتعاون مع لجنة من وزارتي البيئة والإدارة المحلية مخططاً توجيهياً لإدارة النفايات الصلبة في سورية ومن بينها نفايات الرعاية الصحية، ورأى المخطط أن الطريقة الفضلى للتخلص من خطر هذه النفايات هي المعالجة بالأوتوكليف، أي إنشاء محطات مركزية في المحافظات السورية للتعقيم والتطهير بالبخار.
وأشارت أبا زيد إلى أن وزارة الصحة عمدت إلى تزويد عدد كبير من مستشفياتها بأجهزة أوتوكليف صغيرة لتعقيم نفايات الرعاية الصحية ضمن المشافي، للتخلص من خطرها عند خلطها مع غيرها من النفايات، لتتلافى تقصير الجهات الأخرى ولكن هذا ضاعف التكلفة مع التوجه لإنشاء محطات أوتوكليف مركزية في المحافظات.
وبيّنت أبازيد أن أربع محافظات فقط باتت تمتلك محطات أوتوكليف مركزية، ومع هذا فإن الحلقة لم تكتمل فيها بعد، ودائماً هناك خلل إما في الفرز وإما في الجمع والنقل وإما في المعالجة، ففي دمشق هناك خلل في الجمع والنقل إذ تخلط هذه النفايات بعد فرزها مع غيرها من النفايات لتعالج معاً ما يزيد التكاليف ويخفض نسبة التعقيم، وفي درعا هناك تعقيم ومعالجة ولكن عملية الفرز ليست مكتملة، كما أن محطة الحسكة لم تبدأ بالعمل، وفوق ذلك كله لا يوجد لدينا سيارات خاصة بنقل نفايات الرعاية الصحية.
أما بقية المحافظات فبينت أبازيد أن المشكلة أكبر بكثير، حيث لا فرز ولا معالجة إذ تخلط نفايات الرعاية الصحية مع غيرها من النفايات ويتم التخلص منها إما بالرمي العشوائي وإما بالطمر وإما بالحرق.

باسم الحداد

المصدر: الوطن