انهيار صناعة الجنس
ربما لم تكن انهيارات الصناعات الثقيلة والخفيفة فى بلاد العالم وفقدان العمالة لأرزاقها وقوت يومها هى المحرك الصادق والحقيقى والمباشر وراء محاولات ترامب لإجبار محافظى ولاياته - رغم أن أمريكا تحصد وحدها ثلث مصابى وقتلى كورونا - بإنهاء الإغلاق وعودة الحياة كما كانت قبل انتشار وباء كورونا.. وربما كان تزايد نسب جرائم القتل والعنف المنزلى ضد النساء فى أوروبا وأمريكا محركًا ثانيًا لخطوات ترامب ونائبه العام وليام بير لعودة الحياة الطبيعية.
بالفعل، ربما كان أباطرة صناعة الجنس هم من يحركون آلاف الجماهير الأمريكية للخروج المنظم فى الشوارع مطالبين بإنهاء الإغلاق.
نشرت النيوز ويك الأسبوع الماضى تحقيقًا موسعًا مطولًا تناول فى طياته حوارات لنساء المتعة والدعارة فى أمريكا يشتكين من بؤس الحال وقلة ذات اليد وخسارة ما جمعنه طوال سنوات الشقاء فى المهنة.. تحدث التحقيق عن انهيار صناعة الجنس عمالًا ومصورين ومخرجين وناجين وفنانين بشكل تام وكامل بعد قرارات الحكومة بالالتزام بالمسافات الاجتماعية بين الناس.. حتى اللواتى حاولن ترويج بضاعتهن أونلاين فشلن فى البيع فالزبائن رفضوا الشراء خوفًا من كورونا.. وتحدث أصحاب الصناعة عن هموم قديمة تشى بأن تجارتهم حتى قبل كورونا لم تكن مجدية فى السنوات الأخيرة بسبب أن المهنة قد دخلها المتحولون جنسيًا والعاجزون وكبار السن - طبعًا حكايات تقطع القلب.
أظن أن إفلاس تُجّار الجنس - وهى تجارة عظيمة وعلنية معترف بها ولها قوانينها التى تنظمها ولا تدار فى الشقق السرية ولا تهجم عليها الشرطة- هم من كانوا المحرك الحقيقى لزعزعة وإشعال الشوارع والمحرك الحقيقى لمحاولات ترامب زعزعة قرارات بعض محافظى ولاياته الذين يصرون على الإغلاق حتى ينتهى الوباء أو يجدوا له علاجًا.
لكن صحفًا كثيرةً غربيةً قد نشرت فى الأسابيع الأخيرة عن ازدياد عنف الرجال ضد النساء.. العنف الذى يصل لقتلهن وإخفاء جثثهن بسهولة أثناء الحظر.. وجدوا أن قتل الأزواج لزوجاتهم أو خليلاتهم قد تضاعفت نسبته فى آخر أسبوعين .. وما كشف الأمر أن نساء كثيرات اتصلن بالصحف عن طريق كاميرا الواتساب ووثقن ضربهن ومحاولات قتلهن فكان أن خصصت الدول خطًا ساخنًا وملاجئ للنساء حمايةً لهن من القتل اليومي.
ستكتشف أن كورونا قد أكدت زيف المشاعر داخل البيوت فما يبدو للناس غير الذى يخفيه الزوجان أو الرفيقان.. فلا أحد يطيق أحدًا ٢٤ ساعة !!!!!
الأرقام التى تعلنها كثير من دول العالم عن فقدان العمالة لوظائفها يقينًا من بينها تجارة الجنس.. وليست فقط عمالة السياحة والدواء والغذاء وخلافه.
ويجب هنا أن ندرك وندرج ذلك فى الحسبان.. فأمريكا اللاتينية مثلًا خسرت ١٤ مليون وظيفة فى الأشهر الثلاثة الأخيرة.. بينما فقدت أمريكا الشمالية ٦ ملايين وظيفة منها تسريح ٤٠٠ ألف عامل فى تجارة السيارات.. وحتى الآن لم يصدر تعداد رسمى من الدولة عن العاملين فى صناعة الجنس.. حتى أوروبا التى أعلنت منظمة العمل الدولية بها أن العمالة قد فقدت ١٢ مليون عامل ولم تحدد كم العاملين فى تجارة النساء والرجال من بينهم.
ثمة تخوف آخر يبدو مستجدًا وشديد الوطأة بيننا وبينهم هو انهيار العمالة البشرية وبذوغ تجارة الروبوت هناك، والتى ربما تحل محل الجنس البشرى الذى سيصير عاطلًا عن العمل حتى بعد انتهاء الوباء الكاسح عالميا، سواء كان روبوت يعمل فى مصنع نسيج أو فى مصنع عرائس جنسية.
هناء فتحي: روز اليوسف
إضافة تعليق جديد