العنف يتفشى في مدارس السويداء
خمس سنوات من الأزمة أفرزت واقعاً معقداً في المدارس والحلقات التربوية في السويداء كان أبرزها تفشي ظاهرة العنف والسلوك العدواني بين طلاب المدارس بشكل عام وبين الطلبة والأساتذة بشكل خاص كما تنوعت أساليبه واختلفت طرق التعبير عنه بين طلاب الحلقة الأولى (الابتدائي) والحلقة الثانية (الإعدادي والثانوي).
وتجلت أشكال العنف في مدارس الحلقة الأولى بالضرب واللعب الخشن والتدافع بين الأطفال في باحة المدارس والملاعب وخارج المدرسة حيث تشير المرشدة النفسية رؤى نعيم في مدرسة فوزي بدر الدين إلى أن هذه الظواهر التي ظهرت في المدرسة خلال السنوات القليلة الماضية تعود إلى الظروف التي تعرض لها الطفل أثناء الأحداث وخاصة أن عدداً كبيراً من الأطفال في المدرسة هم من الوافدين ممن تعرضوا لظروف صعبة في مناطقهم والبالغ عددهم تقريباً نصف أعداد طلاب المدرسة البالغ 540 طالباً وطالبة، إضافة إلى طبيعة تربية الطفل والبيئة الأسرية التي نشأ بها وما يتعرض له من أشكال العنف الواقعة عليه الجسدي منها والنفسي وخاصة مع ضغوطات الحياة على الأسرة والمشاهد اليومية التي يراها الطفل على شاشات التلفاز، على حين المرشدة الاجتماعية سماح نعيم تؤكد قيام الإرشاد النفسي والاجتماعي في المدرسة وتحت إشراف الإدارة بتوعية وتوجيه وإرشاد الطلاب بشكل فردي وجمعي والتواصل مع الأهالي الذين أظهر معظمهم التعاون والتجاوب حيث جرى لمس تحسن في سلوك الأطفال وتجاوب جميل، لافتة إلى دورات الدعم النفسي التي تقدمها بطريركية أنطاكيا وسائر المشرق للأطفال الوافدين بعد ساعات الدوام الرسمي وأيام العطل التي يجري بها تفريغ طاقات الأطفال بالألعاب والرسم والأشغال، مؤكدة ضرورة تفعيل العروض المسرحية والدخول إليها دون تكلفة مالية، إضافة إلى نشاطات مدرسية وخاصة مع عدم قدرة أي مدرسة على إخراج طلابها في رحلات ترفيهية نظراً للظروف الأمنية التي تمر بها البلاد.
إلا أن أخطر حالات العنف هي التي تم تسجيلها في مدارس الحلقة الثانية التي ترافقت مع ضبط الأسلحة البيضاء بحوزة بعض الطلبة كما سجل أحد الشجارات بين بعض الطلبة مقتل أحدهم على يد زميل له خارج أسوار المدرسة، وتؤكد المرشدة النفسية ردينة حاتم في ثانوية نايف جربوع أن عمر الطلبة في هذه المرحلة يحتم بالضرورة توقع حالات هيجان عام بين الطلاب في شعبة صفية واحدة أو بين عدد من الشعب الصفية، إضافة إلى حالات عنف خارج أسوار المدرسة، مشيرة إلى أن حالات العنف ازدادت بشكل ملحوظ بين الطلاب بسبب الظرف العام والضغط على الأسر جراء الظروف الاقتصادية والاجتماعية فضلاً عن أن الضغوطات التي يتعرض لها المدرس بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها ولدت عنفاً اتجاه الطالب ما أدى إلى ازدياد التصادم بين الطلاب والمدرسين ولجوء بعض المدرسين إلى الضرب أو العقاب الشديد الذي لا يتناسب مع حجم الخطأ المرتكب الأمر الذي أدخل الطالب في وضع تنمر وتمرد وعدم الطاعة ودخول المدرس في حالة استفزاز مع ضرورة الإشارة إلى غياب القدوة والمثل الأعلى للطالب المتحضر وفقدانه عند الأسر والمدرسين على حد سواء، على حين يشير المرشد النفسي نبيل أبو عسلي إلى فقدان الثقة بين المدرس والطالب وفقدان الاحترام بينهما، مؤكد أن عوامل العنف في المجتمع تعود إلى الضغوط الاجتماعية والنفسية والقيود وعدم الاختلاط في المدارس الثانوية، فضلاً عما يتعرض له الطالب من العنف جراء وسائل الاتصال الحديثة من الإنترنت والألعاب الإلكترونية وغيرها، إضافة إلى الأطعمة الموجودة في الأسواق وخاصة أكياس الشيبس والمشروبات الغازية التي تحفز الأعصاب وتؤدي إلى الفرط الحركي مع الإشارة إلى وجودها في بوفيهات بعض المدارس دون رقابة، وأكد أبو عسلي الخطأ في الأسلوب التربوي المتبع لدى كثير من المدرسين والمرشدين الذي أدى إلى ازدياد حالات العنف وعدم مراعاة الظروف النفسية والجسدية التي يتعرض لها الطالب خارج المدرسة الأمر الذي أدى إلى التمرد والرفض ثم اتباع أسلوب العقوبة الذي لا يتناسب مع حجم الخطأ الذي يحتم بالضرورة وجود دورات تأهيل تربوي للمدرسين كما يجدر الإشارة إلى أن هناك عدم تواصل بين بعض الأهالي وعدم تجاوبهم مع تعليمات المدرسة.
بدوره قال مدير التربية هيثم نعيم: لكل مدرسة طابع خاص هذا العنف يمكن دراسته كحالة خاصة بكل مدرسة نتيجة مكونات كل مدرسة وتعدد منابت والتغذية الطلابية بهذه المدارس ووجود أعداد من الوافدين في هذه المدارس، جميع هذه القضايا إذا تمت مقاطعتها مع الظروف التي يعيشها الطلاب والمدرسون والتوتر فإذا أضفنا هذا الموضوع إلى خصوصية بعض المدارس نجد فعلاً هناك بعض المدارس ظهرت فيها حالات عنف ومع هذا تبقى ضمن حدود لا ترقى إلى أن تكون ظاهرة متفشية في مدارسنا كما أن هناك بعض الأدوات بدأنا نلمح وجودها في بعض المدارس مع الطلاب وحالة العنف يمكن أن تكون حالة طبيعية لمفرزات خمس سنوات من الحرب وما شاهده الطالب من مشاهد عنف عبر المحطات ورغم هذا ما زالت ضمن معدلها المعقول رغم أن بعض الطلاب حملوا الأدوات الحادة ولكن قد يكون الدافع خارج أسوار المدرسة للتباهي أحياناً ولكن ظروف الشجار تدفع بعضهم إلى إظهارها ولكن بعد التدقيق والدراسة لم يثبت أن أحداً من الطلاب قام بجلبها إلى المدرسة متقصداً استعمالها في شجار ما.
هذا وأكد جميع من التقيناهم من الكادر النفسي والإرشاد التربوي في المدارس ضرورة البحث عن حلول أهمها أن تشدد وسائل الإعلام على أهمية العلاقات الإيجابية داخل الأسرة وأهمية التعامل التربوي والكادر التدريسي مع الطلاب.
عبير صيموعة
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد