الشلل الأميركي يدخل يومه الثالث
يدخل التوقف الجزئي لأنشطة الحكومة الفدرالية الأميركية يومه الثالث اليوم، مع استمرار خلاف الديموقراطيين والجمهوريين في الكونغرس بشأن التمويل.
وألغى الرئيس الأميركي باراك أوباما زيارة إلى ماليزيا والفيليبين من ضمن جولة سيقوم بها في أربع دول آسيوية. وجاء قرار الرئيس الأميركي بعد يوم من المناقشات غير المثمرة أمس، في «كابيتول هيل» مقر الكونغرس، حيث فشل المشرعون الديموقراطيون والجمهوريون في حسم خلافاتهم التي ادت الى اصابة مؤسسات الدولة بحالة شبه شلل شامل.
ودعا الرئيس الأميركي قادة الكونغرس إلى اجتماع في البيت الأبيض، حيث ذكرت مصادر أن المحادثات التي ستجري ستضم رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر، وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، وزعيم مجلس الشيوخ الديموقراطي هاري ريد، وزعيمة الأقلية في مجلس النواب نانسي بيلوسي.
وسيحثّ أوباما أعضاء مجلس النواب على إقرار مسودة قرار تتعلق بالإنفاق، لإعادة فتح المؤسسات الحكومية، من دون اتخاذ إجراءات من شأنها أن تعيق خطته للرعاية الصحية.
وسيدعو أوباما الكونغرس أيضاً، إلى المصادقة على مسودة قرار لرفع سقف الديون الحكومية البالغة 16,7 تريليون دولار، لأنه من دون ذلك فإن أموال الحكومة اللازمة لدفع فواتيرها ستنفد بحلول منتصف الشهر الحالي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى عجز الحكومة عن سداد ديونها لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة.
وسارع الجمهوريون إلى الإعلان عن تحقيق نصر لمجرد الدعوة إلى الاجتماع، بعدما اتهموا أوباما برفض التفاوض معهم حول قضايا الميزانية، ما أجبر المؤسسات الحكومية على الإغلاق.
وقال المتحدث باسم باينر، برندان باك، «نحن مسرورون لأن الرئيس اعترف أخيراً بأن رفضه التفاوض غير مبرر»، مضيفاً أن «سبب عقد هذا الاجتماع غير واضح، ما لم يكن بداية لمحادثات جادة بين الحزبين».
وفي تأثيرات الأزمة خارج الولايات المتحدة، ظهرت أمس، بداية توتر أوروبي، حيث تزايدت الدعوات غير المباشرة الموجهة إلى أميركا لحثها على الخروج من مأزق الميزانية، والصادرة خصوصاً عن كل من رئيس المصرف المركزي الأوروبي ماريو دراغي، ووزير الاقتصاد الفرنسي بيار موسكوفيسي.
فقد اعتبر دراغي أن الشلل الذي اعترى الميزانية في الولايات المتحدة، سيشكل «خطراً على الولايات المتحدة والعالم إذا ما استمر». وأضاف «في الوقت الراهن، لا يوجد لدينا هذا الانطباع».
وسئل دراغي من جهة أخرى عن احتمال تعذر إقرار الميزانية إذا استمر الخلاف بين أوباما وخصومه الجمهوريين حتى الموعد المحدد في 17 تشرين الأول الحالي، فقال «نعتقد أن ذلك لن يحصل».
وكان وزير الاقتصاد الفرنسي اعتبر قبله أن الأزمة في الولايات المتحدة «يمكن أن تكبح الانتعاش الحالي»، حسب ما ذكرت أمس المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية نجاة فالو بلقاسم.
وأضافت «ننتظر أرقاماً أكثر دقة، لكن يبدو في الواقع أن كل يوم تعثر يؤدي إلى خسارة مالية مهمة للبلاد (الولايات المتحدة)، وبالتالي إلى عواقب على شركائها».
اعتبرت صحيفة «واشنطن بوست» أن هذه الأزمة مختلفة عن الأزمات السابقة المماثلة، حيث لا يوجد هذه المرة مفاوضات رفيعة المستوى بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي. وأوضحت أن المواجهات المالية على مدار السنوات الثلاث الماضية تبعت جميعا سيناريو مألوفاً.
وفي افتتاحيتها أمس، انتقدت الصحيفة الأميركية الحزب الجمهوري الذي قالت أنه «خذل الأميركيين بجهوده لقتل مشروع الرعاية الصحية لأوباما»، في ما يعرف باسم «أوباماكير». وأضافت أنه من المحزن القول أن احترام الأميركيين للكونغرس قد تضاءل في السنوات الأخيرة، إلا أن المواطنين ما زالوا يتوقعون الحد الأدنى من الكفاءة والمسؤولية، ولسان حالهم يقول «ادفعوا الفواتير ولا تحرجونا أمام العالم».
من جهتها، كتبت صحيفة «لوموند» الفرنسية أمس، مقالاً حاولت من خلاله أن توضح ملابسات الإغلاق الجزئي أو ما يقال له الـ«شات داون» لبعض المؤسسات الحكومية الأميركية وانعكاساته على الوضع الاقتصادي الأميركي في الداخل والخارج.
واستهلت الصحيفة الفرنسية مقالها بتوضيح النتائج المترتبة على «الشات داون»، قائلة أن «شلل الإدارة الأميركية ستترتب عليه عواقب اقتصادية تنعكس على حياة الناس اليومية، وذلك ما حذر منه أوباما في كلمته الأسبوعية الأخيرة».
وتاريخياً، شهدت الولايات المتحدة 17 إغلاقاً مؤقتاً أو جزئياً للمؤسسات الحكومية منذ العام 1976، وكان آخرها في الفترة ما بين 14 و19 تشرين الثاني من العام 1995، ومن 16 كانون الأول إلى 6 كانون الثاني من العام 1996، خلال حكم الرئيس الأسبق بيل كلينتون.
وخلال هذه الفترة أجبرت الحكومة آنذاك 280 ألف موظف على التوقف عن العمل، كما علقت صرف مرتبات 477 ألفاً آخرين. وقدرت الخسائر بحوالى 1,4 مليار دولار.
وذكرت «لوموند» أن برنامجاً لإصلاح النظام الصحي، المعروف آنذاك باسم «ميديكير»، الخاص بتوفير التأمين الصحي لمن هم فوق سن الخامسة والستين، كان أيضاً السبب الرئيس في وجود هذه الأزمة.
ورداً على الخسائر المتوقعة من هذا الإغلاق الجزئي، نقلت الصحيفة الفرنسية عن الخبراء الاقتصاديين في مصرف «غولدمان ساكس» الأميركي، أن هذا الإغلاق قد يكبد الاقتصاد الأميركي خسائر تقدر بحوالى ثمانية مليارات دولار أسبوعياً، استناداً إلى أرقام توضح حجم الخسائر التي نتجت عن آخر «شات داون» شهدته الولايات المتحدة في العام 1995.
وفي ما يتعلق بالجدل حول سقف الدين الأميركي، أكدت «لوموند» أن هذه الأزمة تعتبر أكثر خطورة من مشكلة الإغلاق الجزئي، لأن المديونية العامة الأميركية قد تتجاوز السقف المحدد لها عند 16700 مليار دولار، في منتصف الشهر الحالي، وفقاً لما أعلنه وزير الخزانة الأميركي جاك لو.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد