الرائي والمرئي وما بينهما
تبدو أكثر البرامج السياحية العربية في الفضائيات ضائعة بين الإعلانات التجارية الصارخة والبرامج الخطابية التي تبكي على الأطلال. وبين هذين النموذجين تغيب الصور الواقعية عن حال الصناعة السياحية، ومستويات الخدمات السياحية، والتسويق السياحي، وتأهيل مناطق الجذب السياحي، لأننا اعتدنا الاكتفاء بكرم الضيافة والعزف على الربابة.
> مع كل التنويعات الفلكية في الفضائيات العربية، ظلت دائرة التنجيم ناقصة، فمع قراءة الأبراج التي طورت نفسها بمساعدة الكومبيوتر، وأضيفت إليها برامج تفسير الأحلام، بعيداً من النظرة الفرويدية في التواصل بين الحلم والواقع الذي يشبه حركة الأواني المستطرقة، ما زال المشهد ناقصاً، في غياب برامج لقارئة الفنجان وضاربة الودع وقارئة الكف، مع أننا منذ زمن بعيد لا نصدق إلا جهينة، ولا نعجب إلا بزرقاء اليمامة.
> في كل يوم نشاهد ونسمع أكثر من خبر ساخن، بمعلومات دقيقة، وصور ناطقة، لا تحتاج إلى تعليق، لكن بعض الفضائيات تكلف محرريها قراءة تعليقات باهتة لا تضيف جديداً، ولا ترقى إلى مستوى أهمية الخبر أو تلقي ضوءاً على خلفياته، وقد تستضيف خبيراً مجهولاً يصادر عملية التلقي، ولا يضيف معلومة، أو يحل لغزاً، وفي هذا وذاك تضييع للوقت واستخفاف بقدرة المتلقي على التحليل والتفسير، ومحاولة لإجباره على الفهم في اتجاه محدد.
> تكاد الفضائيات العربية تغطي كل النشاطات اليومية المعروفة؛ السياسة والاقتصاد والتجارة والغناء والموسيقى والرقص والطبخ والأزياء والإنفجارات، لكنها تتجاهل أو تخاف، أو لا تعرف، أو لا تريد أن تغطي كل ما له علاقة بالثقافة والعلوم والتعليم، ومع اتساع دائرة نشاط الفضائيات العربية تراجعت البرامج التعليمية على المحطات الأرضية التي كانت تقدم ما يمكن أن يحتاجه طلاب الشهادات الإعدادية والثانوية من دروس إضافية لتعويضهم بعض الهبوط في مستوى المناهج أو الفوضى التعليمية أو ما لم يكن متاحاً لهم في المدارس التي فقدت قدرتها على التواصل مع المعلمين والطلاب معاً.
> تقتصر فضيلة اكتشاف المواهب في الفضائيات والأرضيات على الغناء والرياضة، وقلما نشاهد طفلاً معجزة في الرياضيات أو العلوم أو الصناعة والحرف اليدوية، مع أن كل مدينة عربية، أو بلدة عربية، لا تخلو من مثل هذه المعجزات، وأنا أعرف خمس حالات لموهوبين لا يعرفون أهمية ما يفعلون.
بندر عبد الحميد
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد