الدعاية "الداعشية": مشاهد بالغة الوحشية لمواجهة "الملل"

13-12-2015

الدعاية "الداعشية": مشاهد بالغة الوحشية لمواجهة "الملل"

يلجأ تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام"- "داعش"، إلى اتباع ممارسات أكثر وحشية يروج لها عبر آلته الدعائية، كلما تزايدت الضغوط العسكرية على مقاتليه، وذلك في محاولة لتصدر عناوين الصحف ونشرات الأخبار حول العالم.
ومنذ إعلانه "الخلافة الإسلامية" على مناطق سيطرته في سوريا والعراق في حزيران العام 2014، ذاع الصيت السيء للتنظيم على خلفية العقوبات المروعة التي كان ينفذها للاقتصاص من كل من يخالفه الرأي او من يشك بانتماءاته.
واستفاد التنظيم المتطرف من مواقع التواصل الاجتماعي، ليعمم مقاطع "فيديو" توثق عمليات اعدام جماعية وقطع رؤوس، وهي جرائم صنفتها الأمم المتحدة بـ"جرائم ضد الإنسانية". وتمكن التنظيم من تصدر واجهة الاهتمام العالمي بشكل خاص بعد نشره مقاطع فيديو باللغة الانكليزية تُظهر اعدامه بطريقة مروعة لعدد من الرهائن الغربيين.
وتحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما الشهر الماضي، عن مقاتلي التنظيم لا بوصفهم "عقولاً مدبرة"، وانما "حفنة من القتلة مع شبكة تواصل جيدة".
ولجذب اهتمام اعلامي أكبر، يلجأ التنظيم بشكل متزايد الى أساليب قتل مرعبة وغير مسبوقة.
وتقول الاستاذة المحاضرة في جامعة ولاية جورجيا ميا بلوم، لوكالة "فرانس برس": "يلجأ التنظيم الى التصعيد لأنه يعتقد أن الناس تشعر بالملل وتحتاج أو تريد أن تبقى على اطلاع".
ولعل أكثر أساليب القتل المروعة التي استخدمها التنظيم، هي اطلاق القذائف على الرهائن أو ربطهم إلى أعمدة ثم تفجيرها ،على غرار ما فعل في مدينة تدمر الأثرية وسط سوريا والتي يسيطر عليها منذ أيار.
وفي شريط "فيديو" من العراق نشره أخيراً، استعاض التنظيم عن نشر صور الرهائن قبل قطع رؤوسهم وبعدها، لينشر لقطات مروعة توثق عملية الإعدام بأكملها.
وأعلن التنظيم الشهر الماضي مسؤوليته عن اعتداءات عدة خارج سوريا والعراق، أبرزها اعتداءات باريس المتزامنة، والتي أوقعت 130 قتيلاً بالاضافة الى اسقاط طائرة الركاب الروسية في مصر، ما تسبب بمقتل 224 شخصاً.
وتوضح بلوم أن "هذه المشاهد العنيفة تجذب نماذج أشخاص يودون أن يعيشوا على أرض الواقع لعبة (كول اوف ديوتي)، أشخاص لديهم ماض عنيف ويريدون اعادة اختراع انفسهم"، في إشارة الى لعبة "فيديو" ذائعة الصيت تعتمد التصويب ويجد فيها اللاعب الوحيد نفسه وسط حرب ضارية.

وحشية "غير مسبوقة"
  وفي سيناريو شبيه بلعبة "فيديو"، نشر تنظيم "الدولة الاسلامية" مطلع الشهر الحالي، شريط فيديو يظهر جنوداً اطفالاً وهم يتسللون بين انقاض قلعة للعثور على مجموعة من الرهائن وقتلهم.
ويوظف التنظيم استخدامه الاطفال في عمليات خطرة في حملته الدعائية، نظراً لوقع الصدمة الذي تتركه لدى المتلقين.
وتقول بلوم "ينتقل الأطفال من كونهم مشاهدين للعنف على هامش عمليات التنظيم، الى مشاركين بفاعلية وملتزمين بالكامل في مقاطع مصورة"، مشددة على ان ذلك "غير مسبوق".
ويقول المحلل تشارلي وينتر، المواكب لنشاطات "الجهاديين" عبر الانترنت، لوكالة "فرانس برس"، إن تنظيم "داعش" يستخدم "العنف المفرط" للتأثير في مناصريه ولترويع خصومه والأهم لـ"نشر رسالته حول العالم".
ويوضح أن الحملة الدعائية للتنظيم تمزج بين صور العنف من جهة وبين تصوير "الخلافة" بوصفها طوباوية إسلامية.
ويشير الى أن المشاهد التي تتضمن أساليب قتل مبتكرة تترك وبشكل خاص لدى المتحمسين للتنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي "تأثيراً كبيراً".
واذا كانت مشاهد قطع الرؤوس واطلاق النار تعد "نادرة" العام الماضي، ما يفسر حجم ردود الفعل تجاهها، فإن أي حادثة جديدة اليوم لم تعد تثير الاستياء العالمي ذاته.
ويوضح وينتر "في الاشهر القليلة الماضية، واصل تنظيم الدولة الاسلامية استكشاف اساليب جديدة اكثر انحرافاً، كقتل الاشخاص عبر ربطهم بسيارات رباعية الدفع وسحلهم حتى الموت، واغراقهم واحراقهم وعلى هذا المنوال".
ويضيف "عمم التنظيم عملية قطع الرؤوس الى درجة لم تعد تصدم الناس".

تراجع اصدارات التنظيم
 وربما تعكس الوحشية المتزايدة في الحملة الدعائية للتنظيم الضغط العسكري المتزايد الذي يواجهه في سوريا والعراق من جهة، ورغبته من جهة ثانية بتقديم صورته كصاحب قوة وتأثير، على الرغم من تباطؤ اصداراته.
ويقول المحلل ارون زيلين، في تعليق للمركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي، إن إصدارات التنظيم تراجعت في الأشهر الاخيرة مع تكبد التنظيم خسائر عسكرية عدة.
وبلغت إصدارات التنظيم المتطرف ذروتها خلال الصيف مع تحقيق التنظيم تقدماً ميدانياً في مدينة تدمر الأثرية في وسط سوريا ومدينة الرمادي في غرب العراق.
ويشير زيلين الى أن نتاج التنظيم المتعلق بسوريا بلغ ذورته مع 3762 اصداراً خلال ثلاثة اشهر من حزيران، حتى آب، لكنها انخفضت الى 2750 اصداراً في الأشهر الثلاثة اللاحقة، تزامناً مع بدء روسيا حملة جوية مساندة للحكومة السورية.
ويرجّح زيلين أن يكون هذا التراجع مرتبطاً أيضاً بمقتل عدد من أبرز ناشطي التنظيم الإعلاميين، وبينهم جنيد حسين، ومحمد اموازي، اللذين قتلا تباعاً جراء غارات للائتلاف الدولي بقيادة واشنطن في شهري آب وتشرين الثاني.
وكان حسين يعد من وجوه التنظيم البارزة على موقع "تويتر"، في حين ان اموازي المعروف بلقب "الجهادي جون" او "سفاح تنظيم الدولة الاسلامية"، ظهر في تسجيلات فيديو عدة خلال اعدام عدد من الرهائن الغربيين وبينهم صحافيون وعاملون في المجال الانساني.
ويتزامن هذا التراجع ايضاً مع نكسات عدة للتنظيم الذي فقد سيطرته في العراق على مدينة بيجي في تشرين الاول، وكذلك على مدينة سنجار الشهر الماضي، بالاضافة الى تمكن فصائل عربية وكردية من طرده من الريف الجنوبي للحسكة، شمال شرقي سوريا، بمؤازرة غارات الائتلاف الدولي.

(أ ف ب)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...