الأنترنت السورية.. إيرادات بالمليارات وأداء بالقروش

25-03-2009

الأنترنت السورية.. إيرادات بالمليارات وأداء بالقروش

تعاني البنية التحتية لشبكة إنترنت السورية من جملة من المتاعب تتمثل بالبطء وتخلف القوانين الناظمة وضعف الإدارة التقنية، ناهيك عن سياسة الحجب.

ووفق أحد مستخدمي شبكة إنترنت في سورية، فإنه من المتعذر قياس استخدام إنترنت بالساعة لأن تنزيل رسائل البريد الإلكتروني بحجم 3 ميغابايت يحتاج إلى أكثر من ساعة أحيانا، فكيف بالتصفح؟ وفق ما أوردت صحيفة الشرق الأوسط السعودية.

ويكتفي الزبائن المحليون لخدمة إنترنت في سورية بالتصفح وإرسال واستقبال ما خف وزنه من الرسائل النصية الخالية من ملفات الصوت والصورة.

من جانب آخر تغدو المطالبة بإيقاف سياسة الحجب المتنامية عاماً بعد آخر نوعاً من الترف الذي لا معنى له.

ويعود فضل الوصول إلى هذه الدرجة من التعفف التقني إلى رداءة الخدمة وتفاوت مستوياتها ما بين الطلب الهاتفي وADSL وشبكة الجيل الثالث الخاصة بالهواتف النقالة، الخدمات الأكثر شيوعاً في سورية.

فالطلب الهاتفي الذي لا تتجاوز سرعته 52 كيلوبت في الثانية، تنقص سرعته عند ضغط الاتصالات ولا تزيد بزيادة الحزمة، وتجاوزه الزمن الإنترنتي الذي وصل إلى سرعات 10-20  غيغابت في معظم دول العالم، إلا أن غالبية المشتركين في سورية من الأفراد مازالوا يستخدمونها، لأنها متوفرة بشرائح دفع لاحق أو مسبق متعددة، وتناسب ذوي الدخل المتدني، إذ تبدأ من 100 ليرة سورية (حوالي دولارين) تقريبا ولغاية 2000 ليرة (40 دولار) حسب عدد الساعات، وأكثر مستخدميها من الطلاب.

وتوفر مؤسسة الاتصالات والجمعية السورية للمعلوماتية، هذه الخدمة بالإضافة إلى عشر شركات أخرى خاصة تقوم بدور موزع لها، حصلت عليها من المؤسسة عبر( PDN) شبكة تبادل المعطيات.
 وتتراوح سرعة نظام الاتصال الرقمي ADSL، المتوفرة في سورية بين 1ـ 3 غيغابت، ولم يتجاوز سقف بواباته في سورية 13 ألف بوابة، حسب الأرقام المتداولة.

وعلى الرغم من التخفيض الأخير الذي طرأ على أسعاره فهي مازالت مرتفعة، كما لا تلبي الطلب المتزايد عليه.

أما الاتصال اللاسلكي عبر الجيل الثالث عبر شبكة الهاتف النقال، فهي خدمة اضطلعت بها شركتا سيرياتل وMTN للهاتف النقال إلا أنها باهظة الثمن قياسا إلى السعر العالمي، حيث يبلغ سعر البطاقة (الشريحة) 11 ألف ليرة سورية (200 دولار) وباشتراك شهري أدناه 2000 ليرة (40 دولار) لحزمة واحد غيغابت، تزيد حسب الطلب لزيادة الحزمة.

لكن تغطيتها لا تشمل المناطق البعيدة عن مراكز المدن والطرق الدولية، ولا تغطي كافة المدن، ناهيك عن خدمة ما بعد البيع السيئة.

ويواجه كثير من السوريين صعوبات جمة في الحصول على خطوط ADSL من دون أمل، والحجة عدم وجود بوابات.

 ويفرض الحجب رسميا على عشرات المواقع الإلكترونية في حين أن مشترك ADSL بحزمة كبيرة بإمكانه الحصول على خدمة REAL IP مقابل رسم مالي يقدر بألف ليرة، تتيح له الاتصال الدولي الصوتي عبر إنترنت، علماً بأنها متاحة مجاناً في كل دول العالم، إلا أنه في سورية جرى حجبها لأسباب اقتصادية بحجة أنها تتسبب بخسارة مؤسسة الاتصالات أسعار المكالمات الدولية.

ومن المفارقات الأخرى أنه بينما لا يمكن زيادة سرعة خدمة الطلب الهاتفي، بالإضافة إلى تقادمها، يفاجئ المرء بأن مؤسسة الاتصالات مازالت تبحث عن حلول لمشكلات هذه الخدمة من انقطاع وانشغال، وتفكر في زيادة بوابات النفاذ إليها في مقاسم الهاتف، بدل أن تفكر بالاستغناء عنها وتعميم انتشار خدمة ADSL ودعم خدمة الجيل الثالث.

ومن جهة أخرى وعد وزير الاتصالات السوري عماد صابوني بوضع خطة تطوير الإنترنت في سورية وحل جميع المشاكل التقنية فيها، حيث سيتم مع بداية عام 2009 وضع أكثر من 25 ألف بوابة دخول على الشبكة في الخدمة وفي المرحلة اللاحقة سيتم تنفيذ 300 ألف بوابة دخول ووضعها بالخدمة قبل منتصف عام 2011 بهدف تطوير خدمة الإنترنت والارتقاء بها بما يتناسب مع التطور الذي تشهده سورية. على حد تعبيره.

وسبق لإنترنت السورية أن تعطلت في وقت سابق لدى قيام لصوص الكابلات النحاسية بالسطو على خطوط الهاتف في منطقة في ريف دمشق، حيث ألحقوا ضرراً بالغا بالكبل الرئيس الضوئي الذي يصل البلاد بالشبكة العالمية لتتوقف الخدمة بكافة أشكال ووسائل الاتصال.

وبينما أُعلن عن السبب حينها، فإنه لما تعطل اتصال الطلب الهاتفي لعدة أيام الشهر الماضي، لم يبلغ المشتركون بحصول خلل ولم يعتذر منهم أحد، واكتفى موظف في الوزارة المعنية بتصريح مقتضب للصحافة حول حصول "عطل تقني" قامت المؤسسة بمعالجته "عبر شركات متخصصة في هذا المجال وهي مازالت تعمل لضمان عدم تكراره".

غير أن العطل تكرر على نحو مختلف إذ باتت الـ ADSL تعاني أيضا من الانقطاع في بعض الأحياء، عدة مرات في اليوم، مثل الطلب الهاتفي. أما الإجابة على ماذا حدث وكيف ولماذا وما التعويض؟ فلا يبدو أن مؤسسة الاتصالات السورية معنية كثيراً بالمستهلك أو بحمايته وضمان جودة الخدمة المباعة له، لأنها ببساطة تكاد تكون المزود الوحيد لهذه الخدمة.
 وبلغت إيرادات مؤسسة الاتصالات السورية حسب توقعات وزير الاتصالات، حتى نهاية العام الماضي 62.4 مليار ليرة سورية لعدم صدور الميزانية الختامية بعد. كما ارتفعت مساهمة قطاع الاتصالات من مجمل الناتج المحلي الإجمالي من 4% عام 2005 إلى 4.9% عام 2007، ويتوقع استمرار ارتفاعها في السنوات القادمة مع توسع نشاط الاتصالات على المستويين الأفقي والعمودي.

والمفارقة أن معيار نجاح المؤسسات العامة هو في الإيرادات التي تحققها للخزينة العامة بغض النظر عما إذا كان تحقيقها من زيادة الأسعار، أم من زيادة حصة الأرباح المقتطعة من إيرادات شركتي الخليوي، أو من تحسين الخدمة وزيادة عدد المشتركين من خلال عروض أسعار مشجعة.

فحين يقول وزير الاتصالات إن معدل نمو مشتركي الإنترنت وصل إلى 52% من الأصل المستهدف في الخطة الخمسية العاشرة 34%، فإنه لا يوضح معايير هذه النسبة، هل تستند إلى عدد السكان وعدد المحتاجين لهذه الخدمة من قطاعات الشباب وجماهير الطلبة والعاملين، أم وفق عدد المشركين المحدود الذي كان عام 2000 وبلغ حينها 30 ألف مشترك من النخبة؟

ووقعت وزارة التقانة السورية عقودا دولية عدة لتطوير قطاع الإنترنت، آخرها الاتفاقية التي وقعتها مع قبرص في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لتأمين سعات أكبر من الولوج إلى الشبكة الدولية، من دون أن يلمس المستخدم أي تطور.

وتعمل شبكة تبادل المعطيات المتوفرة PDN بأكثر من استطاعتها، كون الشركات الخاصة تتحايل على شروط مؤسسة الاتصالات المحددة للسعر والسرعة، من خلال عروض ساعات إضافية مجانية زادت الضغط على الخط، وقللت فرص نجاح محاولة الدخول، لتذهب البطاقات بساعاتها المدفوعة والمجانية أدراج إعادة المحاولة.

وتسارعت نسبة نمو مستخدمي الإنترنت في السنوات السبع الأخيرة في سورية لتبلغ بحسب إحصاءات 2008 للاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسكلية حوالي مليونين ومائة واثنين وثلاثين ألف مستخدم، بنسبة 10% من السكان الذين تجاوز عددهم 19 مليوناً. بعد أن كان أقل 0.2% عام 2000، قياساً إلى عدد السكان حينها وكان حوالي 17 مليوناً و800 ألف نسمة. علماً بأن عدد المستخدمين هو أضعاف عدد المشتركين والمقدر بحوالي نصف مليون مشترك فقط.

ولايمكن تحديد عدد المستخدمين بشكل دقيق لأن "الحساب" الواحد يستخدم من قبل أكثر من شخص، بالإضافة إلى شيوع تداول البطاقات المسبقة الدفع، وبالأخص بين الطلبة وذوي الدخل المحدود.

المصدر: أرابيان بزنس

التعليقات

يا ان يتم تحسين الاداء و تخفيض الرسوم أو ياليت تلغى شبكة الانترنت في بلادنا بيكون افضل لأن بصراحة خدمة تعيسة عدا عن البطئ و الحجب التعسفي و مزودات الخدمة الخاصة ارقامها مشغولة باستمرار بس ندفع ثمن بطاقات بدون اي استفادة مع حركة اتصال عبر الهاتف تحقق ذمم عالية مشكورين

لو أرادت الحكومة لأنجزت مخدماً محلياً -وطنياً- بحيث يكون مجانياً أو باشتراك رمزي و كان ليسمح لجميع شرائح المواطنين بالتعاطي بأمان- نسبي- مع هذه الوسيلة التي تشكل حتمية معرفية. فشبكة وطنية كانت ستسمح للمدارس و الجامعات و الهيئات المحلية بالتواصل و كانت لتقدم خدمات غير محدودة لفئات بسيطة من الشعب قد تتخوف من عالم الانترنت أو لا تجد مجالاً للاستفادة منه... المشكلة أن الدولة تطبق سياسة شيزوفرينية. فمن ناحية تطبق قبضتها على مراكز الاقتصاد و تتحكم بتوزيع السلطة و الثروة و من ناحية ثانية تطبق سياسات تنطبق فقط على الأنظمة الاقتصادية الحرة في حين أنه في بلادنا نظام احتكاري بامتياز و الحقيقة أن المواطن لا يهمه إن كان اسمه اقتصاد سوق اجتماعي او اسمه اقتصاد يهود بني قينقاع. و لا إن كان مالك الشركة خولة بنت الأزور أو سامانثا فوكس إلا بمقدار انتماء هذه المالكة للوطن و الوطن يمتد من الحسكة الى السويداء و ليس فقط من المالكي الى قرى الأسد. إن الزائر الى أي من محافظات سوريا لا يمكن أن يتجاوز الشعور بأنه دخل ثلاجة الزمن. و هذا ليس عفوي و ليس نتيجة عدم القدرة على التدبير بل يكاد يكون العكس. إن مشكلة المواطن ليست بالاحتكار بالجشع. لا يهم المواطن من يربح أو من يملك و لكن ما يهم المواطن هو أن هذا المالك أو ذاك شديد البخل الى حد الجشع و إلا كيف يمكن أن تفسر لنا الحكومة الرشيدة كيف أن خدمات تكاد تكون مجانية في كل دول العالم- الغني منها قبل الفقير- تتجاوز عتبة الراتب الوطني!!!!! هذا في منتهى العيب و التواطؤ. إن اقتصاد يقوم على التشليح و ليس على العمل قد يحقق استقرار و قد يبني منزلا و مسبحاً و ملعب غولف و لكنه لا يبني وطناً. إن الأرباح التي تحققها شركة سوني أو شركة تويوتا أو شركة هوبسا أو شركة ميكروسوفت من عملها و ابداعها لا تكاد تقارن بالأرباح التي يجنيها تجارنا من الجشع و البخل المدعوم باحتكار تسهل له الدولة. تسنى لي في الأمس ان اكون في مدينتي حماة و جبلة على التوالي. و أستطيع ان أجزم الفروق بين البيئتين الاجتماعيتين. فحماة تبدوا أكثر كمدينة و يبدو اهلها اكثر مدنية. في حين ان جبلة التي منها خرج و مازال يخرج سياسيي الدولة و اقتصادييها الكبار تبدو و كأنها مدينة قندهارية !!!! لسنا في أميريكا لنتحدث بلغة اقتصادية بحتة. نحن في سوريا و يمكن القول أن البخل و الجشع هما العاملان الذان يرسمان هوية الاقتصاد السوري المعاصر و بالتالي يرسمان وجه المواطن السوري -خارج لوحات الاعلانات-

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...