إسرائيل تتجه إلى ألمانيا لشراء سفن صواريخ بمليار دولار بزعم حماية حقول الغاز
في أول تحرك عملي لتوفير الحماية لحقول الغاز المكتشفة في عرض البحر المتوسط ومنصات الإنتاج فيها، تتجه إسرائيل لشراء سفن صواريخ متطورة من ألمانيا. وبحسب ما نشرت صحيفة «هآرتس» أمس، فإن الدولة العبرية تنوي تخصيص حوالي مليار يورو لشراء هذه السفن من ألمانيا على أمل أن تفعل الأخيرة ما سبق وفعلته في صفقة غواصات «دولفين» الست حين موّلت حوالي ثلث الصفقة.
ومن تقرير «هآرتس» يبدو أن الإسرائيليين تقدموا بطلب رسمي لشراء هذه السفن، لكن ألمانيا لم ترد بعد على الطلب بسبب عدم أداء حكومة أنجيلا ميركل الجديدة اليمين أمام البرلمان. وينبغي على المستشارة الألمانية التشاور مع كل من وزيري الخارجية والدفاع الجديدين قبل اتخاذ القرار. ونقلت «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن إسرائيل بحاجة إلى ثلاث أو أربع سفن صواريخ لحماية منشآت الغاز في البحر المتوسط جيدا.
وكانت صحيفة «غلوبس» الاقتصادية قد نشرت قبل حوالي شهر ونصف أن سلاح البحرية الإسرائيلي بلور خطة تسلح وعرضها أمام المجلس الوزاري الأمني المصغر. وحينها أشارت «غلوبس» إلى أن إسرائيل تلقت عروضاً من مصانع سفن ألمانية وأميركية وكورية جنوبية.
وبعد النقاشات في المجلس الوزاري المصغر، تقرر التوجه إلى ألمانيا بطلب شراء السفن منها، ولكن إسرائيل تحاول إظهار أنه خلافاً للغواصات، حيث لم تكن تريد شراءها إلا من ألمانيا، فهي منفتحة الآن على عروض الدول الأخرى. وفي المقابل، فإن الأوضاع الصعبة لمصانع السفن الألمانية تجعلها تواقة لمثل هذه الصفقة ولمشاريع جديدة. وللحكومة الألمانية مصلحة كبيرة في إبرام الصفقة لأنها تمد مصانع السفن بأوكسجين وأماكن عمل لآلاف المستخدمين. لذلك تقدر إسرائيل أن الألمان سيردون بالإيجاب على الطلب الإسرائيلي. وإذا استجابت ألمانيا للطلب فإن ألمانيا ستغدو مزود سلاح البحرية المركزي في السنوات الأخيرة.
وتجدر الإشارة إلى أن خلافات شاعت في إسرائيل في العامين الأخيرين حول الجهة الواجب قيامها بتمويل حماية المنشآت البحرية في المياه الاقتصادية الحصرية. فسلاح البحرية الإسرائيلي أكد في حينه أنه لا يستطيع تخصيص حماية ثابتة لهذه المنشآت التي تبعد حوالي 150 كيلومتراً عن الساحل بأسلحته المتوافرة حالياً، وأنه بحاجة إلى سفن حربية جديدة تناسب هذه المهمة.
وقد طالب البعض بأن تتقاسم الدولة والشركات صاحبة حقوق التنقيب تكاليف حماية هذه المنشآت، وبالتالي تكلفة السفن الجديدة. واقترح آخرون في حينه أن تتولى الشركات نفسها مهمة الحماية المباشرة للمنشآت والمنصات، على أن تتولى الدولة الحماية المحيطية فقط. ولكن الشركات أشارت إلى أن عائدات الدولة المتوقعة من إنتاج الغاز في العقود الثلاثة المقبلة تقدر بحوالي 200 مليار دولار، فلماذا تبخل الدولة باستثمار مليار يورو في حماية هذا المورد القومي الهام؟
والواقع أن السجال احتدم عموماً عندما جرى الحديث عن توتر المنطقة عموماً، والحرب الأهلية السورية خصوصاً، وامتلاك سوريا لصواريخ «ياخونت» القادرة على ضرب المنصات البحرية وسفن الحماية لها بدقة. فهذه الصواريخ تملك مدى دقة يصل إلى 300 كيلومتر، ويمكن للمنصات أن تشكل هدفا ثابتاً، ولذلك فإن الحماية لا يمكن أن توكل للشركات لأن الحماية تستند أساساً إلى الردع وليس إلى الدفاع.
وفي الختام تبلورت خطة حماية «المياه الاقتصادية»، مع نظرية قتال خاصة بها، تتطلب التزود بسفن حديثة تناسب مهام حماية المنشآت فيها. وجرى الحديث في البداية عن التزود بسفن صواريخ من طراز «ساعر 5» مثل «حانيت»، التي أصيبت في حرب تموز قبالة شواطئ بيروت. ولكن التكلفة العالية لهذه السفن (حوالي نصف مليار دولار للواحدة) دفعت إسرائيل للتفكير بسفن صواريخ أصغر وأقل تكلفة بالحجم ذاته، ولكن بمعدات أقل تجعلها أقرب إلى سفن خفر السواحل. ووزعت إسرائيل على مصانع السفن في العالم المواصفات التي تريد ووصلتها العروض.
ولكن بعد السكرة جاءت الفكرة. إذا كانت تكلفة السفن الجديدة لن تأتي من شركات التنقيب عن النفط ولن تشارك فيها لأن هذه مهمة الدولة، فكيف يمكن للدولة أن توفر المال. وزارة المالية الإسرائيلية أصرت على أن ثمن السفن، إذا تم التعاقد عليها، سيستقطع من ميزانية الدفاع. أما وزارة الدفاع فأكدت أنها ليست قادرة على تمويل صفقة كهذه. لهذا يبدو الحل الألماني: ألمانيا تمول نسبة من الصفقة قد تصل إلى الثلث، والدفاع يوافق على جزء والمالية تتكفل بالباقي.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد