«أنتمي»: مبادرة سورية لدعم التراث الإنساني
عندما تكون في سوريا، ستجد نفسك وجهاً لوجه مع الأنبياء، مع أوّل أبجديّة وأوّل معاهدة سلام عرفها التاريخ. هنا حيث قامت أعرق الحضارات الإنسانية، لا تنسَ أن تسجّل اسمك، هنا حيث قامت ماري، وأوغاريت، وراميتا، والبارة، ودورا اوروبوس، وسرجيلا، وأرواد، وشهبا، وصلخد، وأفاميا، وتدمر وغيرها.. كائناً مَن كنت في هذا العالم، ثق أنَّك تنتمي إلى سوريا.
«أنتمي» هو عنوان المبادرة التي أطلقتها وزارة السياحة السورية قبل أيام عدة، لدعم التراث الإنساني في سوريا، وذلك في توقيت حساس ودقيق في الوقت الذي تمرّ به البلاد، خصوصاً بعد العمليات التخريبيَّة التي طالت العديد من أهمّ المواقع الأثرية، والأضرار الكبيرة التي لحقت بالقطاع السياحي في البلاد.
تطرح المبادرة مجموعة من الأيقونات التي تنتمي للتراث السوري والإنساني للاقتناء بقيمة 1000 دولار للقطعة الواحدة للسوريين المغتربين بشكل أساسي، ولكلّ المهتمين حول العالم برمزية الأيقونات كوسيلة وشكل من أشكال المساهمة بدعم التراث الإنساني في سوريا.
وفي تصريح خاص لـ «السفير»، قال وزير السياحة السوري بشر يازجي: «طلبنا من المتاحف حول العالم إغلاق أبوابها أمام روّادها، حداداً على ما يحصل وتنديداً بالجرائم الإرهابية المرتكبة في سوريا»، مطالباً «كل المنظمات والهيئات المعنية بالتراث الإنساني باتخاذ موقف واضح وصريح تجاه كل الدول المموّلة والداعمة والساكتة أيضاً عن الإرهاب، لأنّ الساكت شريك بطريقة أو بأخرى ولا يجب أن يستمر هذا الصمت».
وأضاف يازجي: «لم يعد خافياً على أحد من يموّل هذا الإرهاب ويدعمه، ونحن ندرك أنَّ هذه المنظّمات يمكنها الضغط على الحكومات للتحرك وإيقاف ما يحصل، يجب أن يعرف العالم كلّه أنّ أصل الحضارات (سوريا) تتعرّض للاعتداء والتدمير، وأنّ ما يحصل هنا مخيف ومرعب، لذا المطلوب الآن مواقف واضحة وجديّة ومسؤولة»، معتبراً أنَّ «التنديد والاستنكار وحدهما لا يكفيان، وقد تواصلنا مع منظمة السياحة العالمية ومع الجاليات السورية في المغترب للتنسيق بشأن تحويل (أنتمي) من مبادرة وطنية، إلى دولية».
وفي مبنى وزارة السياحة القديم في دمشق، قُدّم خلال حفل إطلاق المبادرة فيلم ترويجيّ قصير حمل رسالة ثلاثية «نعمل، نشارك، ننتصر»، وشعار «فخور بانتمائي لسوريا». وطرح للاقتناء أول أيقونتين وهما مجسم لرقيم أول معاهدة سلام عرفتها الإنسانيّة سنة 2350 ق.م، إلى جانب مجسّم مستوحى من بلدة معلولا التاريخية. والمجسّمان هما أوّل قطعتين من عشرين أيقونة عمل على تصميمها وتنفيذها فنانون سوريّون عالميون، لتجسّد مواقع سوريَّة مختلفة.
وعن رسالة المبادرة الثلاثية، أوضح يازجي: «نحن حكماً لا نطرح الاقتناء كشرط من شروط الانتماء، لكنّنا نطرح خيارات وطرق مختلفة للمشاركة والعمل، لأنَّهما توأم الانتماء، وهذه المبادرة جاءت أساساً تلبية لمطالب الكثير من السوريين الذين عبَّروا عن رغبتهم بالمساهمة، ولو رمزياً، والوقوف كتفاً بكتف مع كل الصامدين داخل هذه البلاد التي تخوض حرباً بالوكالة عن البشرية جمعاء».
أما عن الصعوبات التي تواجه المبادرة، أوضح الوزير السوري أنَّ العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا تؤثّر في الحوالات المصرفية الخارجية، فضلاً عن أنَّها تعيق دخول السياح من الخارج. وأشار، من جهة أخرى، إلى الدور السلبي للإعلام الذي يُدار في الخارج في ما يخصّ الأحداث والحرب على البلاد، معتبراً أنَّه «يساهم بنقل صور ناقصة ومشوّهة عن الواقع في الداخل، كما يصوّر سوريا كبلد إرهاب وحرب فقط». وأكَّد يازجي أنَّ الصيف السوري شهد مهرجانات محلية وصل عدد زوارها إلى عشرات الآلاف، لكن هذا لم يصل إلى الخارج بسبب الإعلام الانتقائي.
وتعتمد السياحة في سوريا في الوقت الراهن ـ بشكل أساسي ـ على السياحة المنخفضة التكاليف، والسياحة الشعبية والداخلية، إلى جانب السياحة الدينية بشكل كبير، حيث بلغت حجوزات السياح منذ بداية العام 2015 وحتى بداية الشهر السابع من العام نفسه ـ بالرغم من صعوبة عبور الوفود عبر المعابر البرية - حوالي 200 ألف غرفة فندقيّة من مختلف الدول، باستثناء إيران التي وقَّعت مع وزارة السياحة السورية مؤخراً مذكرة تفاهم للتبادل السياحي.
سناء علي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد