استمرار التوتر في محافظة درعا والموافقة على احتفالات محدودة في عيد النيروز
استمر التوتر في مدينة درعا لليوم الثالث على التوالي، فيما دخلت الأزمة مستوى جديداً، تمثل في شروع السلطة في التفاوض مع مجموعة من وجهاء المدينة حول ما يزيد عن 20 مطلباً، ومواجهة مجموعة أخرى قالت مصادر مقربة من الحكومة إنها تطلق النار باتجاه قوات الشرطة، مشيرة إلى أن بينها عناصر من مخيم اليرموك في درعا، منتمية لتنظيم «فتح الإسلام».
وبعد أن نامت درعا بهدوء ليل أمس الأول، عادت السخونة إلى شوارعها نهار أمس، حين اختلطت مجموعات من المرحبين بدخول الأزمة مراحل المفاوضات مع وفد رسمي رفيع المستوى أرسلته القيادة السورية، وبين مجموعة أخرى رفضت أي تفاوض مع السلطة، ورددت شعارات ضد النظام.
وكانت أزمة درعا انطوت السبت على حلول أولية، تليها حلول تنفيذية، تتم عبر إرسال وفدين إلى المدينة بعد تشييع الشخصين اللذين قتلا خلال مواجهات الجمعة الماضي. وتمثل الوفد الأول بكل من عضوي القيادة القطرية رئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار وأسامة عدي، وكلفا بالجلوس مع وفد من الوجهاء والحكماء الذين يمثلون عشائر درعا وأهالي المعتقلين والقتيلين، فيما قام وفد آخر، على رأسه وزير الإدارة المحلية تامر الحجة، بتكليف من الرئيس بشار الأسد، ومعاون وزير الخارجية فيصل المقداد بتقديم التعازي لأهالي القتيلين.
وعلم أنه حتى مساء أمس كان التفاوض يجري بين الجانبين، حيث تقدم المحليون بمجموعة من المطالب تتراوح بين المحلي جداً والعام جداً. ومن بين المطالب المحلية المرتبطة بالأزمة إقالة
محافظ المدينة ورؤساء الأجهزة الأمنية، ومحاكمة المسؤولين عن القتل، والاعتذار للأهالي، بالإضافة إلى عدم ملاحقة أي من المشاركين في الاحتجاجات الحالية، وإطلاق سراح المعتقلين قبل أحداث الجمعة، وهم مجموعة من الفتية تم إطلاق سراحهم أمس.
كما طالت الطلبات رفع حال الطوارئ وعودة المنفيين وإطلاق سراح عامة المعتقلين وعودة المنقبات إلى التدريس، إضافة إلى المطالبة بإلغاء القانون 60 الذي يحارب البناء المخالف، والسماح بحفر الآبار وبيع الأراضي المحاذية للحدود، من دون موافقات أمنية، وخفض أسعار المحروقات والمواد الغذائية.
وتنظر الحكومة إلى هذه المطالب على أن بعضها قابل للتحقق بسرعة، وبعضها مرتبط بخطط استراتيجية يمكن النظر فيه، فيما بعضها مرتبط بسياسة البلد العامة. وكانت السلطة استجابت لطلب إطلاق سراح المعتقلين، كما لتشكيل لجنة تحقيق عليا بأحداث الجمعة، فيما ظلت أنباء إقالة محافظ درعا ورؤساء الأجهزة الأمنية في إطار التكهنات باعتبارها قراراً يصدر على أعلى مستوى.
وعمدت السلطات أمس إلى محاولة احتواء التصعيد عبر إرسال الوزير الحجة للتعزية، الذي أشار خلال ذلك «أن الأسد وبقدر حرصه على أمن الوطن واستقراره فإنه يحرص على حياة المواطنين وسلامتهم، وانطلاقاً من ذلك فقد وجه باتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة كل من يثبت التحقيق مسؤوليته عما حدث».
إلا أن دخول محتجين آخرين على الخط ممن يرفضون الحوار مع السلطة عقد الأمور مجدداً. وحصلت مواجهات بالقرب من البلدة القديمة بين مجموعة، تقدر بحوالى 200 شخص وفق ما قال شهود عيان لـ«السفير» وقوات الأمن، حيث استخدمت الأخيرة القنابل المسيلة للدموع.
وبعد مفاوضات مطولة مع الوجهاء فتحت الشرطة الطرق وخففت من الحواجز الأمنية، بعد الاتفاق على السماح لتجمع من مئات الأشخاص بالنزول للشارع في تظاهرة سلمية، سرعان ما تحولت لرشق حجارة بشكل كثيف نحو رجال الشرطة، حيث انقسم المحتجون لمجموعات قامت بحرق مرافق عامة.
وقال مصدر رسمي رفيع المستوى إن شخصاً توفي، مشيراً إلى أن أشخاصاً على دراجات نارية قاموا بإطلاق النار على قوى الأمن، وأن سبعة عناصر أصيبوا، فيما نقلت وكالات الأنباء عن سكان قولهم إن 60 شخصاً أصيبوا نتيجة القنابل المسيلة للدموع.
وأكد المصدر وجود تعليمات على أعلى مستوى بعدم استخدام الرصاص الحي في المواجهات، في الوقت الذي قال سكان من البلدة إن ممتلكات عامة تعرضت للحرق، حيث تم إحراق القصر العدلي وكل ما فيه من ملفات أيضاً، وكل أكشاك الشرطة والشُعب الحزبية. كما تعرض المستشفى الحكومي في درعا للتخريب. وجرت عمليات نهب لممتلكات عامة وخاصة بعضها محلات تجارية.
وبدا أن ثمة تطوراً يسجل أمس بمعلومات مصدرها الجانب الرسمي عن دخول «أشخاص من فتح الإسلام» على خط المواجهة، مستفيدين من وجود مخيم للاجئين الفلسطينيين في درعا. ورصد شهود عيان شباناً يحملون أسلحة خفيفة من مسدسات وسكاكين وخناجر.
ونقلت وكالة (سانا) عن مصدر مسؤول قوله، في بيان، إن «بعض الأشخاص المدسوسين يقومون بجولات على عدد من المراكز الأمنية والجهات الأخرى منتحلين صفات شخصيات أمنية وضباط رفيعي المستوى، ومدّعين أنهم يحملون توجيهات صارمة إلى عناصر الشرطة باستخدام العنف والرصاص الحي لاستهداف أي تجمع مشبوه».
وأضاف البيان إن «المصدر إذ يؤكد أن عمل الجهات الأمنية ومراكز الشرطة هو حماية المواطنين والممتلكات العامة يدعو الجميع من مواطنين ومسؤولين إلى التحقق مما يصلهم من معلومات عبر مراجعة المسؤولين عنهم مباشرة، والتأكد من هوية هؤلاء الأشخاص والإبلاغ عنهم».
وقال مصدر مسؤول، في بيان بثته (سانا)، إنه «في الوقت الذي كلف فيه الأسد وفداً للتعزية بالشهيدين اللذين توفيا في أحداث درعا المؤسفة، إضافة إلى تشكيل لجنة للتحقيق في هذه الأحداث واتخاذ الإجراءات اللازمة ومحاسبة كل من تثبت مسؤوليته فيها، وإطلاق سراح الشبان الذين ثبت عدم تورطهم في هذه الأحداث، في هذا الوقت قامت مجموعة من عناصر الشغب بالاعتداء على المستشفيات في درعا وإحراق ممتلكات عامة وخاصة، وإثارة الذعر بين الأهالي وسكان المدينة، وإطلاق النار على عناصر الشرطة الذين لم يردوا بالمثل، نافياً وقوع أي وفيات في أحداث اليوم (أمس)». وأكد أنه «سيتم اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية أمن المواطنين وسلامتهم والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة».
وفي إطار آخر، منحت السلطات الرسمية للمرة الأولى ترخيصاً لمجموعة كردية مستقلة للاحتفال بإحياء عيد «النوروز» في صالة خاصة في دمشق، وذلك في إطار «شعار الأخوة الكردية العربية».
وجاء الحفل مع بدء الأكراد احتفالاتهم السنوية بعيدهم. وقالت مصادر إعلامية إن الأحزاب الكردية المحظورة كانت أعلنت أنها لن تنظم أية «احتجاجات في هذه المناسبة الاجتماعية، وذلك في إطار التخوف من استغلال التجمعات الكردية الشعبية لتصعيد حالة الفوضى، خصوصاً في ضوء دعوة مواقع للمعارضة السورية في الخارج إلى تنظيمها».
زيادر حيدر
المصدر: السفير
التعليقات
مراقب نيوتن
إضافة تعليق جديد