السفر في سورية مرهون بالدخل والحكومة تشجع على السياحة الداخلية
تستهل مجلة محلية سورية صفحتها الأولى برسم كاريكاتيري تظهر فيه عائلة من أربعة أشخاص، تزدحم بهم عربة صغيرة يجرها حمار نحيل مرهق. توشك العربة على الوصول إلى شاطئ البحر وهي مكتنزة بأمتعة كثيرة لعائلة لم تنس أن تحمل أيضاً اسطوانة الغاز وجهاز التلفزيون. وفي لافتة تتوسط اللوحة كتب «سياحة داخلية».
يحاول ذلك الرسم الكاريكاتيري الساخر أن يقدم الوجه الآخر لأحاديث شائعة اليوم تستبشر خيراً بالسياحة الداخلية في سورية. فعلى رغم أن العاملين في قطاع السياحة يؤكدون أن المشاريع التي أطلقتها وزارة السياحة السورية لغرض دعم السياحة الداخلية ستكون متنفساً لذوي الدخل المحدود والمتوسط، إلا أن من غير المتوقع أن تعطي تلك المشاريع ثمارها في المدى القريب.
وكانت وزارة السياحة السورية عرضت أخيراً مجموعة برامج تشجع السياحة الداخلية، وتتراوح مدتها بين يوم واحد إلى ثلاثة أيام وبأسعار تتراوح بين 500 وأربعة آلاف ليرة سورية، أي بين 11 و80 دولاراً للفرد الواحد وتشمل تلك البرامج المناطق الجبلية والساحلية وبعض المواقع الأثرية.
ووعد وزير السياحة السوري هذا العام بتأمين رحلة سياحية داخلية لكل أسرة سورية لمرة واحدة على الأقل سنوياً وبأسعار مقبولة، واعتبر في مؤتمر صحافي أن عام 2008 هو عام إطلاق السياحة الداخلية.
إلا أن شباباً كثيرين في سورية لم يسمعوا بهذه البرامج، وإن سمعوا بها فمن طريق الصدفة ولم يجربوها بعد. قلة فقط التي جذبها الموضوع ومنها يامن (28 سنة موظف في مؤسسة حكومية) الذي اعتبر أن مثل هذه البرامج ستحفز الناس على التمتع بإجازة وإن كانت قصيرة، وأنه ينوي وأصدقاءه المشاركة في أحد هذه البرامج السياحية المتوجهة نحو جزيرة أرواد القريبة من مدينة طرطوس التي تبعد 258 كلم عن دمشق.
- وفي شكل عام يتوقف نصيب الشباب السوري من السياحة على أوضاعهم المعيشية، فالإجازة كمفهوم ارتبط منذ عقود طويلة بمستوى الدخل، وطريقة تعامل الشباب في سورية مع مفهوم الإجازة أمر مكتسب من بيئاتهم الاجتماعية. فتجد أبناء الطبقة الغنية يحرصون على الترفيه بإجازة سنوية وإن تغيرت حالياً عما كانت عليه سابقاً، حيث انقلبت الوجهة من دول أوروبا نحو تركيا ومصر، بينما بقي الشاطئ السوري ملاذ أبناء الطبقة المتوسطة في إجازة تنحسر مدتها يوماً بعد آخر.
أما الشباب من ذوي الدخل المنخفض وهم الشريحة الأكبر فيجدون الحديث عن إجازة سنوية والتمتع بها نوعاً من الترف الذي لا مكان له في حياتهم، بل على العكس يحاول هؤلاء استغلال الموسم السياحي بحثاً عن فرصة عمل كنادل في مطعم أو عامل نظافة أو استقبال في أحد الفنادق، أو دليل سياحي إن توافر لديه نصيب من لغة أجنبية.
وبذلك يكتفي السواد الأعظم من مواطني سورية بمتابعة إعلانات المكاتب السياحية التي راحت تغريهم بجولة سياحية في اسطنبول «إقامة في أفخم الفنادق وزيارة مميزة وخاصة للقصر الذي صور فيه المسلسل التركي نور» بتلك العبارات يروج أحد مكاتب السياحة في دمشق عروضه الخاصة بتركيا.
وشهدت السياحة نحو تركيا اقبالاً متزايداً في الآونة الأخيرة. ويقول عمار جمعة مدير المبيعات في الخطوط الجوية التركية في دمشق: «لعبت الدراما التركية التي ظهرت أخيراً على الشاشات العربية دوراً مهماً في الترويج لهذا البلد، إلا ان العامل الأساس يرجع إلى العلاقات السياسية المتينة مع تركيا». ويستغرب جمعة من طبيعة المواطن السوري الذي لا يعرف كيف يستمتع بإجازته، ويقول: «تجده يتابع أعماله وانشغالاته حتى إن سنحت له الفرصة بالحصول على إجازة سنوية، فالهاتف النقال لا يفارقه أبداً، فينقل همومه معه حيثما ذهب».
لينا الجودي
المصدر: الحياة
التعليقات
بيرة خالية من الكحول
أنا من الساحل..
مكتب إدارة الفراغ الوطني
بهلول
رائع
الأخ المحترم
إضافة تعليق جديد