90عائلة من أهالي كفرسوسة «غير المستحقين» من الحسينية إلى الشارع

06-08-2008

90عائلة من أهالي كفرسوسة «غير المستحقين» من الحسينية إلى الشارع

هل ستصبح أم حيدر دون مأوى اليوم، بعد أن تركت بيتها الدافئ في كفر سوسة وانتقلت مع من انتقل إلى المنازل المؤقتة في الحسينية شرق العاصمة دمشق، سؤال سنعرف إجابته في الساعات أو الأيام المقبلة. وبينما كادت الدموع تهرب من عينيها باتجاه خدها الذي خطته السنون ورغم ما أظهرت من جلد وصلابة تبحث أم حيدر عن إجابة: إلى أين سأذهب أنا وعائلتي؟ وما المصير الذي ينتظر أبنائي الذين يدرسون في الجامعات الآن ومن أين سأتدبر إيجار المنزل ومصروف دراسة الأولاد ومصروف المنزل. 
 تعود قصة أم حيدر إلى نحو العام حين أجبرت هي نحو 350 عائلة أخرى على إخلاء منازلهم في كفرسوسة لشق الطريق الشهير باسم الطريق 2 الواصل بين المتحلق الجنوبي وشارع 17 نيسان وتعطيهم سكناً مؤقتاً في ضاحية الحسينية شرق العاصمة دمشق ثم لتعود وتنذرهم بإخلاء المنازل ولكن إلى الشارع هذه المرة بعد أن أصدرت إليهم إنذارات شفهية بإخلاء منازلهم القاطنين فيها مؤقتاً منذ نحو الشهر ما أدى إلى انتشار حالة من القلق بين القاطنين.
ولا تختلف معاناة أم حيدر عن مأساة أم لبيب، العجوز الهرمة التي اضطرت أن تسكن مع طليقها في بيت واحد في الحسينية في حالة من كفاف العيش لا تحتمل وعدم القدرة على تأمين قوت يومها ولتطرق أبواب المحافظة ولكن دون جدوى تارة وتارة أخرى يقال لها «حدك جهنم، وانشاالله عمرك ما تاكلي» وفق ما ذكرت أم لبيب.
أما أبو محمد وهو الاسم المستعار لأحد القاطنين فانتظار الإخلاء إلى المجهول أجبره هو وكثير من رجال وشباب المنطقة على التوقف عن الذهاب إلى أعمالهم وانتظار ساعة الصفر للإخلاء.

- مدير التخطيط العمراني في محافظة دمشق المهندس عبد الفتاح إياسو أوضح أن الإخلاء سيبدأ الأسبوع القادم وعلى دفعات بعد أن حصلت المحافظة على موافقة النائب العام والمحامي العام الأول بحيث يتم إخلاء بناء واحد كل يوم حتى الانتهاء من الإخلاء نافياً في الوقت ذاته أن يكون الإنذار وجه إلى المستحقين للسكن البديل بل تم توجيهه لغير المستحقين والذين يصل عددهم إلى نحو 90 قاطناً معتبراً أن المنازل المشغولة حالياً من قبل غير المستحقين هي لأشخاص آخرين مستحقين للسكن البديل من المخلين من مناطق طريق المتحلق والقابون.
إياسو أكد أن موضوع القاطنين أو الذين تم إيواؤهم في الحسينية ليس موضوعاً إنسانياً بل هو موضوع اتفاق بين الطرفين لأن إيواء غير المستحقين في الحسينية هو عبارة عن عقد إيجاري بمبلغ ألف ليرة سورية فقط شهرياً وكان مقرراً لفترة ستة أشهر ثم تمديده لستة أشهر أخرى مرتين كل مرة ثلاثة أشهر إضافية مشدداً على أن العقد هو شريعة المتعاقدين والمحافظة أعطتهم «أي غير المستحقين» أكثر من الحد لتنتهي فترة الإيجار وبالتالي لا يستطيع مدير التخطيط العمراني حسب قوله إبقاءهم لأن القانون لا يسمح بأن يبقيهم.
واعتبر إياسو أن الخدمات المقدمة للقاطنين في الحسينية كاملة من حيث الكهرباء والماء إضافة لوجود عدادات الكهرباء في بعض الأبنية في المنطقة على حين لا تتوافر تلك العدادات في أبنية أخرى
ويبلغ عدد المنازل المسلمة لمستحقين وفق ما ذكر مدير التخطيط العمراني بين 70 إلى 80 منزلا كانت آخر دفعة تمت القرعة على تسلمها منذ عدة أيام ويتم تسليم المنازل بالتتابع إلى المستحقين من فائض السكن الشبابي لأن المحافظة لا تستطيع سوى تسليم المنازل المتعاقدة عليها على حين يبلغ عدد المستحقين للسكن البديل من سكان كفرسوسة سابقة نحو 251 مستحقاً.

- يصف أحد القاطنين الخدمات في ضاحية الحسينية بالسيئة وهو ما يتفق عليه جميع القاطنين وخاصة المياه المخصصة للأعمال المنزلية وغير القابلة للشرب والتي لم تزر الحي منذ ثلاثة أشهر ما يضطرهم لشرائها من الباعة الجوالين بمبالغ تصل إلى 150 ليرة للخزان الواحد أي ما يكلف العائلة نحو 4500 ليرة شهريا أما مياه الشرب فصهريج المياه الوحيد المخصص من البلدية فيقف بعيداً قرب مدخل الضاحية ليتسنى للبعض الحصول على المياه منه أما الآخرون فعليهم أن يتدبروا أنفسهم.
ولا يختلف الأمر بالنسبة للكهرباء التي يواظب موظفو قسم السيدة زينب على قطعها وسحب الأسلاك الموصلة للمنازل لعدم وجود عدادات كهرباء في شقق الضاحية ولا يسمح للمستأجرين فيها أن يركبوا تلك العدادات لأنهم ووفق إجابة موظفي الكهرباء للقاطنين أم المستأجر لا يحق له تركيب عداد كهرباء.
أما الوضع الأمني للمنطقة فليس بالجيد إذ تقع الضاحية بين منطقة الذيابية والحسينية البلد وفيها وفق ما ذكر القاطنون عدد لا بأس به من الشباب السيئين والذين يترددون على المنطقة للقيام بعمليات السلب والسرقة والمشاجرات في حين يقف مخفر شرطة الحسينية بلا حول ولا قوة لعدم امتلاكه العدد الكافي من الأفراد والبالغ عشرين شرطياً فقط واتساع نطاق مسؤوليته لعدد كبير من المناطق.
وإضافة إلى ما سبق تبدو معضلة المواصلات من الضاحية وإليها عديمة الحل ما يضطر السكان إلى التوجه سيراً على الأقدام إلى الحسينية البلد أو إلى الشارع العام لركوب الميكروباص ولكن ورغم تلك الأحوال السيئة يصر السكان على البقاء في الضاحية لأن تلك المعاناة اليومية ستكون أفضل من إخراجهم من تلك المنازل المؤقتة إلى الشارع في ظل غلاء المنازل وعدم قدرتهم على تحمل أعباء استئجار منزل.

- محافظة دمشق قامت بإنذار 380 منزلاً وما يقارب 35 محلاً تجارياً بتاريخ 26/11/2006، ليصار إلى هدمها بتاريخ 27/12/2006 دون الإشارة إلى تعويضات للسكان المنذرين بالإخلاء وخلال ذلك الشهر تقدم السكان بكل ما يملكون من أوراق ثبوتية، وبعد دراسة المحافظة للأوراق تفاجؤوا بأن ما يقارب ثمانين بالمئة من السكان لا يستحقون السكن البديل لأن قانون تنظيم وعمران المدن رقم 1570 عام 1984 قد تم تعديله عام 2004 بالقرار 1124 الصادر عن وزير الإسكان، بعدما كان القانون يعوض الشاغل الذي دام في إشغاله مدة سنتين أو يملك فاتورة ماء أو كهرباء أو ضبط شرطة أو شهادة مختار بات بالقرار 1124 يتطلب تثبيت الإشغال قبل تاريخ التنظيم والاستملاك عام 1974 في هذه الحال يتم اللجوء إلى المحاكم وإصدار قرار علاقة إيجارية، والمحاكم لا تقبل هذه الدعاوى.
ثم بدأ العام الدراسي ما جعل المحافظة غير قادرة على تنفيذ الإخلاء ليراجع الأهالي كافة الجهات المختصة ويعرضون مشكلتهم عليها ولينتهي العام الدراسي وتعود المحافظة إلى إنذارهم بالإخلاء وليتم الأمر ويخرج السكان من منازلهم التي سكنوها منذ أربعين عاماً إلى ضاحية الحسينية في 5-9-2007 وكان القسم الاستشاري للفتوى والتشريع في مجلس الدولة قد أبدى في كتابه إلى محافظة دمشق بتاريخ 23-10-2007 رأياً في الموضوع يوضح أنه ليس للقرار الإداري 1124 أي أثر رجعي على قرارات التخصيص السابقة له أما قرارات التخصيص التي صدرت أو ستصدر في ظل نفاذه فيجب أن تراعي أحكامه حتى ولو كانت صكوك الاستملاك أو التنظيم الصادر بصددها قرارات التخصيص قد سبقت صدوره.
واعتبر الرأي أن فواتير المياه أو الكهرباء أو التكليف المالي بضريبة ريع العقارات والوثائق المدرسية وعقود الاشتراك في الهاتف والموانع الأدبية بين الأقرباء ووثائق سندات الإقامة وصك الزواج وبيان الولادة فتعتبر قرائن يمكن للقضاء الاستناد إليها في تثبيت الحقوق ولا يجوز للإدارة الركون إليها لتثبيت الحقوق في هذا المجال.
وبعد محاولات عديدة مع المحافظة تم الاتفاق بين السكان على تقديم المحافظة للسكان «إيواءات» في منطقة الحسينية للمستحقين وغير المستحقين لمدة عام دراسي واحدة أي تسعة أشهر ويتم دفع أجرة البيوت بمبلغ زهيد وهو ألف ليرة عن كل شهر لكن دفعة واحدة وبعد ثلاثة أشهر من «الإيواء» أي في 1-1-2008 يُخلى المستحقون من الحسينية ويتسلمون مساكنهم في ضاحية قدسيا أما غير المستحقين فبعد انتهاء مدة «الإيواء» يخلون من منازلهم إلى الشارع وفي حال تعدل القرار 1124 فيمكن أن يبقوا في المنازل التي أقاموا فيها بشكل مؤقت ويدفعوا قيمتها بالتقسيط ولكن القرار لم يعدل.

فادي مطلق

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...