80% من القطاع الخاص يدار من قبل أفراد الأسرة الواحدة
نمت الشركات العائلية وتوسعت في معظم الدول نتيجة تمتعها بالإدارة المباشرة لمالكي رأس المال إضافة لمحافظتها على الأبعاد الأسرية والاجتماعية ووجود آلية محددة في عقود تأسيسها لاتخاذ القرار، حيث أدى ذلك إلى زيادة إنتاجيتها وأرباحها.. وعلى الرغم من دخول العولمة التي ساهمت بالحد من الروابط الاجتماعية مازالت الشركات العائلية تلعب دوراً مهماً في تحقيق نمو مرتفع في الاقتصاد العالمي وتعتبر إحدى الركائز الاقتصادية للدول ولديها القدرة على امتصاص الأزمات المالية والتغلب على العقبات وعدم تأثرها باهتزازات البورصات والأسواق المالية..
فضلاً أنه رغم تأثير الأزمات المالية على الأسواق العالمية، فإن هذه الشركات بقيت محافظة على الطابع العائلي لكون الشركاء هم أفراد عائلة واحدة..
وتشير الاحصاءات العالمية إلى أن نسبة مساهمة الشركات العائلية في الناتج القومي لبعض الدول تصل إلى 75% بينما تحقق بقية الشركات حوالي 25% منه وعلى سبيل المثال: نسبة مساهمة الشركات العائلية في الناتج القومي لفرنسا بحدود 65% وألمانيا 64% واستراليا 75% والولايات المتحدة الأميركية 50%.. الخ..
وتبين وزارة الاقتصاد والتجارة أن قانون التجارة السوري رقم 149 لعام 1949 وتعديلاته لم يغفل الشكل القانوني للشركات العائلية من خلال شركات الأشخاص (التضامنية، التوصية)..
كما نظم قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 هذا الشكل من الشركات التي تركزت نشاطاتها الاقتصادية في المشروعات الصناعية والتجارية والخدمية والزراعية، والسياحية وغيرها وكانت ومازالت تورث من خلال العائلة الواحدة.
وتوضح الاقتصاد أن شركات الأشخاص في سورية تشكل 80% من إجمالي شركات القطاع الخاص معتمدة على أفراد العائلة الواحدة والمؤلفة من الأب والأبناء والأقارب.. لافتة إلى أنه ولأهمية الدور الذي تلعبه هذه الشركات فقد تم تضمين مشروع تعديل قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 العديد من المواد التي تبين وتوضح آلية العمل في هذه الشركات ولمختلف الحالات وبهدف تبسيط وتسهيل إجراءاتها..
وأيضاً صدر المرسوم التشريعي رقم 61 لعام 2007 الذي أعطى ميزات إضافية لهذه الشركات تشجيعاً لها لتتحول إلى شركات أموال (مساهمة محدودة المسؤولية) بهدف ضمان استمرارها والقيام بأعمالها تحاشياً لانحلالها بسبب وفاة أحد مؤسسيها أو الشركاء فيها ولتأمين الشفافية في تعاملاتها مع الغير وإبراز مركزها المالي الحقيقي من خلال تعيين مدقق حسابات معتمد لتدقيق ميزانياتها المالية السنوية وعرضها على الهيئة العامة للتصديق عليها..
وأكدت الوزارة إن المرسوم 61 لعام 2007 لم يكن كافياً لتشجيع شركات الأشخاص على عملية التحول لاسيما أنه حدد ثلاث سنوات لنفاذه (ينتهي في 31/12/2010) وعدم كفاية الحوافز التي تضمنها في مواده، حيث بلغ عدد الشركات التي تحولت وفق أحكام هذا المرسوم 34 شركة فقط بينما بلغ عدد الشركات التي تحولت بناء لأحكام قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 خمس شركات فقط..
وأوجزت الاقتصاد إيجابيات الشركات العائلية وأثر العرف التجاري بالعلاقات التجارية ومزايا تحولها إلى شركات أموال بعدة أمور أهمها: المحافظة على رابطة العلاقات الاجتماعية التي تربط أفراد العائلة في تلك الشركات حيث إن الفرد يندفع نحو العمل بإخلاص وتفان لأنه يدرك أن مصلحة الشركة من مصلحته الشخصية، وبقاء حصص الشركة مملوكة لأفراد العائلة الواحدة ولورثتهم، وحصر الإدارة المباشرة بأفراد العائلة حيث إن قرارات وسياسات مدير الشركة عند اجتماعه مع أفراد العائلة من أخوة وأبناء عمومة وأقارب تختلف كثيراً عن قرارات المدير العام أو رئيس مجلس الإدارة الذي يجتمع بأعضاء إدارته الذين لا يربطه بهم سوى علاقات العمل بهدف تحقيق الأرباح.
كما أن من إيجابيات الشركات العائلية كما ترى وزارة الاقتصاد والتجارة هي المحافظة على التواصل بين أفراد العائلة والاسم العائلي للشركة وحصر نتائج عملها (أرباح وخسارة) في الأسرة الواحدة، إضافة إلى أن هذه الشركة ستؤول بعد وفاة المالكين إلى الأجيال المتعاقبة من العائلة وعدم انتقالها إلى الغير.
أما سلبيات الشركات العائلية فهي أكثر من إيجابياتها من وجهة نظر الاقتصاد ومن أهم هذه السلبيات: إن زيادة عدد المالكين بفعل الوراثة وتباين الاهتمامات والتوجهات لأفراد العائلة عرضة لاختلاف الرؤى الأمر الذي ينعكس سلباً على قراراتها الحيوية والميل إلى التصارع على قيادة إدارة الشركة بين الورثة وظهور السلطة الأبوية للابن الأكبر في بعض الأحيان.
وعدم الفصل بين الإدارة والملكية وكذلك عدم الفصل بين العلاقات المالية والمحاسبية عن العلاقات العائلية لتأمين مصالح الشركة وحصر الإدارة بأشخاص محددين من العائلة دون غيرهم.
وعدم الفصل أيضاً بين مصير الفرد ومصير العائلة وتداخل الذمم المالية للشركة ولبعض أفراد العائلة وعدم الفصل بين الاحتياجات المادية للأسرة والاحتياجات المادية للشركة.
ومن السلبيات أيضاً محدودية مصادر تمويل الشركة وتأخرها في المشاركة والمساهمة في مشروعات الاستثمار وتوسيع نشاطاتها بسبب عدم توفر السيولة اللازمة لذلك وعدم قدرة إدارتها على مواكبة التطورات الحاصلة بمختلف المجالات والسيطرة على إدارتها من قبل أشخاص لا يمتلكون الخبرة الإدارية والتجارية الكافية وتعرضها للإفلاس نتيجية عدم وجود رقابة حكومية مباشرة عليها وعدم مشاركة المواطن العادي في هذا النوع من الشركات يؤثر على مناخ الاستثمار العام واستثمار المدخرات الشخصية.
كما إن إفلاس الشركة يؤدي إلى إفلاس الشركاء المتضامنين فيها لكون هؤلاء الشركاء مسؤولين مسؤولية غير محددة وتشمل تلك المسؤولية كل أموالهم أينما وجدت..
وأشارت الاقتصاد في هذا السياق إلى أن جميع الشركات التي تعرضت للإفلاس في سورية هي من الشركات العائلية أو شركات الأشخاص ما يزعزع الثقة بالاقتصاد الوطني وعزوف الاستثمار الأجنبي عن الدخول إلى القطر مرجحة أن من أهم أسباب هذه الإفلاسات هي سوء الإدارة وعدم وجود رقابة مالية أو حكومية مباشرة على هذه الشركات مشيرة إلى أنه لم يسبق أن تعرضت أي شركة من شركات الأموال لإعلان إفلاسها نتيجة الرقابة الحكومية المباشرة على أعمالها والعمل بمبدأ فصل الملكية عن الإدارة.
وبالنسبة لمزايا تحويل الشركات العائلية إلى شركات أموال أوردت وزارة الاقتصاد والتجارة ثماني مزايا في مقدمتها:
- قدرة الشركات المتحولة على امتصاص المدخرات العائلية بكل حجومها ورفع رأسمالها للمساهمة بالعملية التنموية للاقتصاد الوطني.
- وجود مجلس إدارة منتخب لإدارة أمور الشركة يؤدي لاستمرارية العمل بهذا النوع من الشركات، حيث يتم الفصل بين ملكية رأس المال وإدارة الشركة.
- لا يترتب أي تغيير في شخصيتها الاعتبارية بل تبقى للشركة شخصيتها الاعتبارية السابقة وتحتفظ بجميع حقوقها ويكون الشركاء مسؤولين عن التزاماتها السابقة على التحويل.
- القدرة على الاستمرارية إلى ما بعد وفاة المؤسسين أو بعض منهم أو انسحابهم من الشركة.
- إمكانية الحصول على تمويل أكبر ودخول السوق المالية وتداول أسهم الشركة من خلالها وبالتالي توفير حسابات شفافة وحقيقية.
- الاستفادة من نسبة الضرائب المنخفضة المفروضة على صافي الأرباح المتحققة سنوياً ونسبة الضرائب المخفضة وفقاً لأحكام المرسوم 61 لعام 2007..
- خضوع الشركة المتحولة لرسوم وضرائب مخفضة بشكل عام تحفيزاً لها..
- مسؤولية المساهم أو الشريك محددة بنسبة مساهمته في رأس المال من دون المساس بأمواله الشخصية.
وختمت الاقتصاد بالقول: إن معظم الشركات في الدول المتقدمة تنحو منحى التحول والاندماج وتشكيل شركات كبرى قادرة على مواجهة التحديات والأزمات المالية العالمية ما يعود بالفائدة على مساهمي هذه الشركات من خلال القدرة على المنافسة في الأسواق العالمية وتحقيق أرباح تعود على مساهميها أو الشركاء فيها، وبالتالي ترى الوزارة أن قرار تحول واندماج الشركات العائلية إلى شركات أموال ضرورة وليس خياراً نظراً لأن عالم التكتلات والتحالفات التجارية العملاقة تفرض هذا التحول خصوصاً أن الشركات العالمية العملاقة كانت بالأساس شركات عائلية وهذا ما نلاحظه في مختلف اقتصاديات الدول المتقدمة.
عمران محفوض
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد