يوميات مدرّس متقاعد «3».
وحدة حرية اشتراكية: الشعار الذي كان يردده طلابنا قبل أن يشبوا ويصبحوا ضباطاًَ وفلاحين، عمالاً ومديرين، تجاراً وفاسدين، رجال دين ومخبرين، وزراء ومعارضين، أطباء وجلادين.. ولم يستطع أحد منهم بعد تحقيقه أو نسيانه!؟ وعلى الرغم من رغبتهم في التوحد مع أي دولة تعتمد لغة الضاد غير أن أي دولةٍ من جماعة الضاد لم ترغب في التوحد معنا، ولم نسأل نفسنا لماذا.. كما عشق الجميع الحرية لكن الحرية لم ترغب بنا، ولم (تبدأ حرية الفرد بعد) لأنه غير قادر على قبول (حرية الآخرين غيره).. وبقيت الاشتراكية وهماً يتمسك به فلاحو أكرم الحوراني وتلامذة زكي الأرسوزي ليدركوا مؤخراً عقم زراعتها في أراضيهم، فأداروا لها ظهرهم واتجهوا نحو اقتصاد آدم سميث...
إذاًَ يمكننا القول أننا فشلنا في الدرس الأول لطلابنا عن الوحدة والحرية والاشتراكية، وربحنا تعليمهم القراءة والحساب واستخدام الأظافر والأنياب.. فقد زربناهم في مدارس تشبه السجون في هندستها ونظامها، واستعنا على العلم بالعصا، فحصلنا على مساجين مطلقي السراح بشرط الكفالة، متهمين حتى يثبتوا العكس، لا يثقون بسادتهم بينماالسادة يشكّون بنواياهم تجاه: الوحدة والحرية والاشتراكية...
هامش: أرسل لي مؤخراًُ الصديق د. عزمي بشارة ورقة عمل لمشروع عربي ديمقراطي في 18 صفحة يرى فيها أن العروبة هوية ثقافية تجمع بين الناطقين بالضاد أكثر من كونها قوميةً عرقية.. وهو بذلك يصحّح خطأَ القوميين الرواد الذين أرسلونا في دروب مسدودة مازلنا محشورين فيها حتى هذه اللحظة.. ونحن الآن بانتظار بشارة د. بشارة حول مشروعه المستقبلي للعروبة.
مفارقة: طُلب من ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا السابق إبداء الرأي في موضوع مختَلَفٍ عليه بين حزبي العمال والمحافظين، وبعدما انتهى من كتابة خطابه الذي سيلقيه أمام مجلس النوّاب طَلبَ من سكرتيره أن يُبديَ رأيهُ في الخطاب، وبعدما قرأه قال له: الخطابُ جيدٌ يا سيدي، ولكني لم أفهم أنت مع أم ضد المشروع؟ فقال تشرشل مبتسماً: وهذا هو المطلوب..
نبيل صالح
إضافة تعليق جديد