(وثائق سورية): كتاب أحمد زكي باشا لنزيه مؤيد العظم
عزيزي وقرة عيني نزيه بك:
أما سروري بخطابك الأول فمما يعجز يراعي عن التعبير عنه، وصلني بالقدس أنه يمم شطر الجيزة، ثم عرج على المسجد الأقصى، ومنه اتخذ يافا قبلة، ثم استقر به المقام في البيت المقدس، هنالك تلوته مراراً وتكراراً على مسمع من أصحابي وأصدقائي، وهنا يا طالما كررت عباراته على مسامع الإخوان وفي كثير من المجالس، وكنت حينما أقرأ حروفه وأتأمل سطوره، أخالك جالساً بجنبي بذلك المحيا الذي كله بشاشة وبتلك النفس العربية السحارة.
ولكنني كنت في كل كلمة وأخرى أذوب أسى وحسرة على مافيه من فظائع أولئك البرارة الذين جاؤوا في شكل متمدنين وادعوا أنهم لنا سكونون ممدنين ! كذبوا!
تلك الفظائع يقشعر لها كل إنسان، وستسطر لهم ولباريسهم تاريخاً كله سواد في ظلام، وإن ربك لبالمرصاد.
وسأفعل بهذا الخطاب ما توحيه الظروف.
وما عتمت أن جاءني خطابك الثاني على يد السيد حلمي أبو خضرة، أكثر الله من أمثاله.
فيا أخي لا تقنط من رحمة الله، ولا تدعن الخور يتطرق إلى نفسك العالية الأبية، أنا أعلم أن إخوانك كلهم تخفق قلوبهم عليك وعلى أنصارك، وقد تأكدت أن السبب في تأخر مواصلتك بما يلزم عن طريق الغوطة، وأن ذلك حصل.
وسأبعث لك بمبلغ خمسة وعشرين جنيهاً مصرياً، وأرجوا أن تصلك وأنت بصحة تامة وبمنتهى القوة التي تردُّكيد القوم إلى نحرهم إن شاء الله.
سأقوم في آخر الشهر، بإذنه تعالى برحلة إلى اليمن ثم نجد، وقد نذهب للهند مع وفد لخدمة القضية مادياً وأدبياً.
القاهرة 18 حزيران 1926م.
أحمد زكي
المصدر: صفحات من حياة نزيه مؤيد العظم، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 2006م.
الجمل- إعداد: سليمان عبد النبي
إضافة تعليق جديد