نصائح طبية للمرأة الحامل
لم تأتها العادة الشهرية في موعدها المعتاد. مضت عشرة أيام، ولم يظهر الحيض. بدأ القلق يساورها،، فقالت في نفسها: هل أنا حامل؟
ذهبت إلى الصيدلية واشترت اختبار الحمل الذي يجرى في المنزل، وقامت بإجراء الفحص بحسب التعليمات المرفقة مع الاختبار، فجاءت النتيجة إيجابية، ومع ذلك ظل الشك يراودها بأنها حامل، ومن أجل قطع الشك باليقين، أجرت فحص الحمل في المختبر فأتت نتيجة التحليل مطابقة للتحليل المنزلي.
وبدأ مشوار الحمل. ولم تمض أسابيع قليلة حتى ظهر بعض النزف، استشارت إحدى صديقاتها، فقالت لها: لا تخافي، إنه شيء طبيعي، فأنا تعرضت لتجربة مشابهة، وما عليك سوى الخلود للراحة. ومع مرور الأيام أخذ النزف يزداد ترافقه آلام وتشنجات في البطن. راجعت قسم الإسعاف، وبعد الفحص تبين أنها في طريقها إلى الإجهاض لا محالة.
ليس كل نزف في الأشهر الأولى من الحمل ينتهي بالإجهاض، فقط 10 في المئة من الحوامل يتعرضن للنزف، ولكن غالبيتهن ينهين مشوار الحمل بسلام.
إن النزف التناسلي، سواء كان مستمراً أو متقطعاً، «خلال فترة الحمل يعتبر من المشاكل الخطرة، خصوصاً إذا ترافق مع الألم في البطن وأسفل الظهر، لذا يجب ان يؤخذ على محمل الجد من أجل اتخاذ الإجراءات العاجلة. إن الحمل خارج الرحم والمشكلات في المشيمة تعد من أهم مسببات النزف في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.
وإلى جانب النزف، هناك مشاكل أخرى مزعجة قد ترافق المرأة الحامل، ولكن مع وجود التدابير المناسبة، يمكن أن يمر الحمل بسلام. ومن أهم المشاكل التي تتعرض لها الحامل:
- الغثيان، ويطلق عليه خطأ الغثيان الصباحي، ولكن إصابة الحامل به يمكن أن تحدث في أي وقت من اليوم. إنه شائع الحدوث في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وفي نسبة قليلة من الحالات قد يمتد الغثيان طوال فترة الحمل، وتلعب التبدلات الهرمونية المرافقة للحمل دوراً بارزاً في حدوثه.
ما العلاج؟ إن اتخاذ بعض التدابير البسيطة غالباً ما يكفي للتغلب على مشكلة الغثيان الحملي مثل تناول وجبات خفيفة، وأخذ الزنجبيل، مع الابتعاد عن بعض العوامل المشجعة للغثيان مثل الحركات المفاجئة، وبعض الروائح، وتناول وجبات عارمة، وكذلك تفادي الجو الدافئ جداً، وأخذ أقساط من الراحة. أما إذا كان الغثيان قوياً ومصحوباً مع تقيؤ شديد، فإن الطبيب قد يصف بعض الأدوية.
- حموضة المعدة، وهو عارض شائع خلال مسيرة الحمل، وقديماً كان يعتقد بأن نمو شعر الجنين هو المسؤول، وبالطبع الاعتقاد لا أساس له من الصحة، فهذه المعاناة تعود إلى عدد من الأسباب منها هرمون البروجسترون الحملي، وضغط الجنين المتعاظم على المعدة والأمعاء، وتناول وجبات كبيرة، والإكثار من الأطعمة الدسمة، والمآكل الحريفة.
ما العلاج؟ تناول 5 الى 6 وجبات صغيرة بدلاً من 3 وجبات، تفادي الأطعمة المحرضة، وارتداء ألبسة فضفاضة، وتجنب الأكل بسرعة، وعدم الذهاب إلى النوم فوراً بعد تناول الوجبة بل التريث بعض الوقت، والنوم على وسادة عالية، ومضغ الطعام بشكل جيد، وإذا لم تركن الحموضة فيمكن الاستعانة بأحد العقاقير المضادة لها.
- الإمساك، وينتج من تأثر الأمعاء بالهرمونات الحملية، فتعمل الأخيرة على إرخاء العضلات الموجودة فيها وبالتالي إلى التباطؤ في حركتها الأمر الذي يشجع على امتصاص السوائل من الفضلات البرازية فتصبح هذه قاسية يصعب التخلص منها بسهولة. أيضاً فإن ضغط الجنين على المستقيم في الأشهر الأخيرة من الحمل يساهم في حدوث الإمساك.
الإكثار من شرب السوائل هو علاج الامساك خصوصاً العصائر الطازجة وتناول الخضروات والفواكه الغنية بالألياف، والإقلال من المآكل الدسمة والمصفاة، والمشي يومياً، والتعود على دخول الحمام بانتظام.
- تشنجات الساقين، وتشكو منه نصف الحوامل، ويميل إلى الحدوث مساء أو أثناء النوم خصوصاً في الثلثين الثاني والثالث من الحمل. هناك مجموعة من العوامل المتورطة في قضية تشنج الساقين منها : الإجهاد العضلي، اتخاذ الوضعية نفسها لفترة طويلة، نقص السوائل، والتبدلات الطارئة على الدورة الدموية، وضغط الجنين على الأعصاب والأوعية الدموية المغذية للطرفين السفليين.
ما العلاج؟ تنشيط الدورة الدموية في الساقين من خلال إجراء بعض المناورات البسيطة مثل تدليك العضلات، وثني القدمين إلى الأعلى والأسفل، ووضع كمادات دافئة على العضلات المتشنجة.
- آلام أسفل الظهر، وهي شكوى شائعة عند أكثر من 50 الى 70 في المئة من الحوامل، ويمكن أن تحصل هذه في أي مرحلة من مراحل الحمل، إلا أنها أكثر ما تشاهد في نهايته بسبب زيادة وزن الجنين، وطبعاً هناك عوامل أخرى مهمة مثل زيادة وزن الحامل، والإجهاد، وزيادة هرمونات الحمل، والوقوف المديد، والانحناء الزائد.
علاج هذه الآلام الجلوس والوقوف بطريقة صحيحة، وتفادي الوقوف طويلاً، وتغيير الوضعية بين الفينة والأخرى، وعدم لف الساق على الساق، والنوم على أحد الجانبين، وحبذا لو تم وضع وسادة بين الركبتين وأخرى تحت البطن، وتجنب حمل الأشياء الثقيلة، وانتعال أحذية واطئة. وفي حال اشتداد الآلام يمكن تناول عقار الباراسيتامول.
- الصداع، وهو كثير الحدوث عند الحوامل خصوصاً في أول الحمل وآخره، ويرجع الصداع النصفي في أول الحمل إلى عوامل عدة هي الهرمونات الحملية، والأرق، والقلق، والضغط النفسي، ونقص السكر في الدم، وهبوط ضغط الدم، والجفاف. أما الصداع آخر الحمل فيجب أن يثير الشكوك بوجود الإنسمام الحملي إلى أن يثبت العكس.
ما العلاج ؟ إن الكمادات الدافئة، وتدليك الرقبة، وأخذ قسط من الراحة، والابتعاد عن الضوضاء، والركون إلى الظلمة، وتناول وجبات متوازنة، تفيد عادة في رحيل الصداع، أما إذا فشلت هذه الحلول فيمكن تناول أحد الأدوية بعد استشارة الطبيب.
- الدوار، وهو عارض عادي أثناء الأشهر الأولى من الحمل، أما عن السبب فيعود إلى توسع الأوعية الدموية الأمر الذي ينتج منه زيادة سريان الدم باتجاه الجنين وقلة رجوع الدم صوب القلب والدماغ فيحدث هبوط في ضغط الدم، وقلة في التروية الدماغية، ما ينتج منه الشعور بالدوار. أيضاً يمكن لنقص السكر في الدم أن يكون سبباً للدوار.
ما العلاج؟ تجنب النهوض سريعاً من وضعية الاستلقاء إلى الجلوس أو الوقوف. أخذ نفس عميق. تهوية المنزل. فك أي لباس أو حزام ضاغط. تناول بعض الحلوى. وإذا استمر الدوار أو ترافق مع عوارض أخرى مثل النزف المهبلي، وألم في البطن، أو غشاوة في الرؤية، أو الصداع، فمن الضروري طلب المشورة الطبية حالاً.
- الوذمة (التورم) الحملية، وهي تحصل بعد زيادة حجم الدم والسوائل من أجل تلبية متطلبات الجنين النامي باستمرار، وتتواجد الوذمة خصوصاً في الوجه واليدين والقدمين والكاحلين، وتشاهد عادة اعتباراً من الشهر الخامس وتزداد في الثلث الأخير للحمل. إن الوقوف الطويل، والجو الحار، وكثرة استهلاك الملح، والتغذية الفقيرة بالبوتاسيوم، يمكنها أن تشجع على حدوث الوذمة. إن الوذمة الخفيفة أمر عادي وتتعايش معها الحامل بسهولة، ولكن يجب الحذر من الوذمة الكبيرة والمفاجئة لأنها قد تخفي أمراً طارئاً يجب تدبيره.
ما العلاج؟ في حال الوذمة الخفيفة (وهي عادية خلال فترة الحمل) فإن تطبيق بعض النصائح البسيطة من شأنه أن يخفف من حدوثها مثل التقليل من استهلاك الملح، وتجنب الوقوف المديد، وتحاشي الألبسة الضيقة، وانتعال حذاء مريح، والعمل قدر المستطاع على عدم الخروج من المنزل في الجو الحار، وممارسة الرياضة خصوصاً السباحة، وتناول اطعمة غنية بالبوتاسيوم، وأخذ ما يكفي من المواد البروتينية، والحد من شرب المنبهات. أما في حال الوذمة المفاجئة فمن الضروري استشارة الطبيب فوراً.
- الإرهاق، وهو شائع خلال فترة الحمل، وقد يحصل بسبب فقر الدم، أو نتيجة أعباء العمل اليومية.
وإذا كان فقر الدم هو السبب فيجب علاجه. إن التغذية الجيدة تضمن تأمين العناصر الغذائية الأساسية، وربما تناول الجرعات الداعمة من الحديد والفيتامينات. وينصح بالراحة لفترات أطول، وممارسة الرياضة باعتدال، وطلب المساعدة لأداء الأعمال المنزلية.
ختاماً، على الحامل ألا تتردد في طلب الاستشارة الطبية في حال عانت من عارض أو أكثر من العوارض الآتية:
1- النزف المهبلي.
2- الزيادة المفاجئة في الوزن.
3- ارتفاع الحرارة في شكل مستمر.
4- الألم الحاد والتشنجات في البطن.
5- التقيؤات العنيفة والمستمرة.
6- تورم الوجه واليدين.
7- تورم دائم في الطرفين السفليين.
8- اضطرابات في الرؤية.
9- شعور بالدوار عند الوقوف.
10 – تسارع ضربات القلب.
د. أنور نعمة
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد