نتنياهو يلقى حفاوة خاصة في باريس:التفاوض مع سوريا من دون تركيا
ذراع الرئيس نيكولا ساركوزي، قادت بنيامين نتنياهو حتى سيارته، بعيداً عن الميكروفون المنصوب في الباحة طوال ساعتين. الرئيس الفرنسي، الذي عانق ضيفه الإسرائيلي وصولاً وتوديعاً، بدد ساعتين من الانتظار في البرد المسائي القارس، عندما أبعد نتنياهو عن تجمّع الصحافيين التقليدي أسفل الدرج.
وحرص الرئيس الفرنسي منذ وصول رئيس الوزراء الاسرائيلي إلى الاليزيه، على استعراض القرابة الإسرائيلية الفرنسية، بإطالة المصافحات الحارة، والعناق ذهاباً وإياباً، والوقوف مطولاً أمام الكاميرات. كلها مبادرات لم تأتِ إلى الموعد الأميركي لنتيناهو، وكان غيابها في البيت الأبيض خلال اللقاء مع الرئيس باراك اوباما
دافعاً إلى المبالغة في تكريم الإسرائيلي وتعويضه ما حرم منه، ذهب إلى حد استقباله، استثناء، في الجناح الرئاسي الخاص بالثنائي كارلا ونيكولا ساركوزي، مكذباً ما قاله وزير الخارجية برنار كوشنير أمس الأول من «ان الخلافات مع بنيامين نتنياهو عميقة وجدية، وعليهم تجميد الاستيطان، قبل البحث بأي مفاوضات».
وخلال ساعة وخمس وأربعين دقيقة، أعاد نتنياهو ترتيب الأولويات الدبلوماسية، لوضع الملف الإيراني في مقدمات الملفات العاجلة التي تنبغي معالجتها قبل انتهاء العام الحالي، وإغلاق نافذة الحوار بين طهران وواشنطن، في ظل تردد الإيرانيين بإعطاء رد رسمي على مسودة اتفاق فيينا النووي، والقبول بنقل اليورانيوم المخصب إلى روسيا وفرنسا. وأكد بيان الاليزيه أن الملف الإيراني قد نوقش على ضوء التطورات الأخيرة.
ورغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي وجد أذاناً صاغية في الاليزيه، حيال خطورة الملف الإيراني الذي جاء أولاً، إلا أن الرئيس الفرنسي يبحث عن دور أكبر في المناورات الدبلوماسية للحصول على دور فرنسي في التحضير لإحياء المسارات التفاوضية الفلسطينية والسورية.
وتعاقب الاستقبالات الشرق أوسطية في الاليزيه والكي دورسيه، من وزير الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو، والرئيس بشار الأسد غداً الجمعة، تعكس تركيزاً فرنسياً متزايداً على ملء الفراغ الذي يخلفه التراجع الأميركي أمام رفض نتنياهو تجميد الاستيطان، والمشاركة في إدارة الأزمة بانتظار حدوث تغييرات تسمح بإطلاق ديناميكية ما للمفاوضات.
ووضع الإسرائيلي المسار السوري في المكان الثاني على لائحة أولوياته. وقالت مصادر قريبة من اجتماع نتنياهو وساركوزي، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد طلب من ساركوزي إيصال رسالة شفهية إلى الأسد عندما يستقبله غداً الجمعة، يعرض فيها استعداده لإطلاق مفاوضات مباشرة مع سوريا، من دون المرور بالوساطة التركية، ومن دون شروط مسبقة، بينما نقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول إسرائيلي كبير في باريس، قوله ان نتنياهو اكد للرئيس الفرنسي انه «مستعد للقاء الرئيس (بشار الاسد) في اي وقت وأي مكان لاستئناف مفاوضات السلام».
وقالت المصادر إن ساركوزي قد قبل المهمة. ولا يأتي رئيس الوزراء الإسرائيلي بجديد في عرضه، الذي يكرره منذ أسابيع، وبعد اعتباره أن الوساطة التركية لم تعد قادرة على العمل منذ المواقف غير الودية، التي عبرت عنها أنقرة خلال عملية غزة. ويبدو أن الرئيس ساركوزي قد غادر فكرة استخدام الاتحاد من أجل المتوسط، إطاراً لعقد مؤتمر للسلام حول الشرق الأوسط بعد فشل المفاوضات حول عقد مجرد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد المعطل منذ الربيع الماضي.
ويتجه الرئيس ساركوزي إلى إحياء إطار آخر، هو لقاء دمشق الرباعي المنعقد في أيلول من العام الماضي في دمشق. واللقاء الذي ضم إلى الأسد وساركوزي، أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان، أصبح احتياطاً دبلوماسياً للرئيس الفرنسي، يمكن استدعاؤه في الأسابيع المقبلة، وخلال اللقاء مع الرئيس الأسد، وإقناع الأتراك بتحويله إلى مؤتمر مصغر لإحياء المسار السوري الإسرائيلي، خصوصاً أنه يستجيب لاشتراط سوريا التحادث مع أنقرة وحدها في أي مبادرة للعودة الى التفاوض مع إسرائيل.
وكان الأسد قد ربط دخول أي طرف على خط الوساطة مع إسرائيل، بموافقة أنقرة المسبقة على ذلك، في ما يشبه منحها وكالة حصرية على المفاوضات غير المباشرة، ومفتاح الولوج إلى قاعتها، أينما كانت، تعزيزاً للتحالف الإستراتيجي معها، ومكافأة لها على التحولات العميقة الجارية في علاقاتها بإسرائيل.
محمد بلوط
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد