ميادة.. الضحية رقم واحد على لائحة مجرم وادي القلع
ودَّعتهم لقطف ثمار التين من حقلهم المجاور، لكنها لم تعلم فيما إذا كانت عائدة أم لا.. هناك، في قرية وادي القلع، فارقتهم بين نسمات الصباح الباكر وسكون الوادي الأخضر إلى غير رجعة، والسبب أنها (قُتِلت)... ميادة ذات الـ 26 ربيعاً قضت نحبها بيد الغدر.. قُتِلت من دون رحمة، قُتِلت على يد الشخص الذي عاش بين عائلتها وعلى موائدها!.
تابعنا تفاصيل هذه الجريمة التي لم يسبق لها مثيل في قرى الساحل السوري عامة، وقرية وادي القلع (قضاء جبلة) خاصة، فالجميع استنكرها، مطالبين بأقصى العقوبات لمثل هذا النوع من المجرمين.
والد (ميادة) بدأ بالحديث عن القصة مكسور الخاطر، مجروحاً في صميم أعماقه على ابنته التي فقدها من دون سابق إنذار.. وبهمهمات خفيفة أطلق كلمته الأولى... المجرم (ح- ص) قطن في السجون لمدة 15 عاماً، لوحق من قبل السلطات المختصة مرات عديدة، آخر مرة خرج فيها كانت من سجن تدمر، عاد بعدها إلى القرية ليقطن في غرفة صغيرة لا حيلة له غيرها، يقول والد ميادة: «هذا الشخص لايملك مالاً، مع أنه يملك القدرة على العمل وكسب قوت يومه أكثر من أيِّ شخص آخر في القرية، ولا يعمل شيئاً سوى أنه يعيش عالة على الناس والسرقات ليلاً ونهاراً، وله أسبقيات في هذا المضمار، ولا يوجد أيُّ شيء يمكن تحريمه عند هذا الرجل، وأداته الوحيدة التي يملكها هي السكين؛ أداة الإجرام التي يُشهِرها في وجه كلِّ أهالي القرية، بغضِّ النظر عن فئاتهم العمرية، بحيث إنَّ كلَّ أهالي القرية يرتعبون منه ولا يستطيع أيُّ واحد منهم التفوُّه بكلمة واحدة معه»..
تعدَّدت أفعال (ح) الجرمية على أهالي القرية، وكانت بمثابة الكابوس الذي يقلق راحتهم في الليل والنهار، ومن هذه الجرائم- بحسب والد المغدورة- قيام (ح) بضرب الأستاذ جهاد عيسى بالسكين على وجهه، في حين لم يسلم عبد الرحيم حيدر من ضربة الحجر على رأسه، كذلك الهجوم على منزل محمد عبود منصور حيث هدَّده وعائلته بالقتل، كما وضع سكينه في صدر المواطن محمود محمد علي، واعتدى على أحد مقاصف القرية وكسر الزجاج الملحق به، وحطَّم سيارة مالك المقصف.
من جرائمه أيضاً، يقول والد ميادة: «ضرب ابني وضاح عندما كان موجوداً في إحدى بقاليات القرية، وما كان مني هنا إلا أن توجَّهت إلى مخفر شرطة ناحية الدالية لتقديم شكوى ضد (ح) الذي كتب تعهُّداً على نفسه يقضي بعدم التعرُّض لعائلتي بأيِّ شكل من الأشكال، لكنه نكث العهد بارتكابه الجريمة النكراء بحقِّ ابنتي (ميادة)... لم نسِئ إليه- أنا وعائلتي- بكلمة واحدة طوال حياتنا، لقد عاش بيننا وعلى موائدنا، علماً بأنه لا يمتُّ لنا بأيِّ صلة قرابة، لكن غرفته كانت على باب منزلي وجهاً لوجه»..
الشخص القاتل- على حدِّ قول والد المغدورة- لديه غرور أعمى بقوة عضلاته المفتولة وأداته الجرمية التي يرهب بها أهالي القرية الذين عجزوا عن مواجهته، فهم لم يتجرَّأوا على الوقوف في وجهه، أي أنه وبصريح العبارة على حد قول الأب: «شخص يعيش كإرهابي على مستوى قرية صغيرة»..
وقعت الحادثة يوم 28/9/2009 حوالي الساعة الثامنة والنصف صباحاً، عندما توجَّهت المغدورة ميادة برفقة شقيقتها إلى بستانهم المجاور للقرية، بغية قطف ثمار التين والعودة بها إلى المنزل، وكان القاتل (ح) يتربّص بهما متَّبعاً خطواتهما بحذر شديد، وبعد أن تأكَّد من خلوِّ المنطقة تماماً من البشر، اقترب من الفتاتين- على حدِّ قول شقيقة ميادة (ن) التي كانت فوق الشجرة- وسألهما ماذا تفعلان في هذه المنطقة، فرَّدت ميادة «جئنا لقطف ثمار التين.. ما رأيك في أن تأكل بعضاً منها»، فقال لها بالحرف الواحد- بحسب (ن): «لا.. لا أريد أكل التين، أريد قتلك فقط».. فظنَّت ميادة أنَّ كلامه من باب المزاح، لكن القاتل كرَّر جملته أكثر من مرة مع إشارته إلى أنه يخطِّط لقتل ميادة منذ زمن بعيد. تقول (ن) شقيقة المغدورة: «هدَّدني (ح) بالقتل في حال تفوَّهت بكلمة أو صرخت لطلب النجدة، وهنا خفت كثيراً لأنه بدا جدياً بكلامه، فعلامات الغضب كانت تملأ وجهه، ولم أكد ألفظ أنفاسي من شدة الخوف والتوتر حتى سحب سكينه الخشنة وشكَّها في جسد ميادة بكل حقد ووحشية».. تتابع (ن): «بدأت بالصراخ لطلب المساعدة وإنقاذ ميادة، لكن الجميع كانوا بعيدين عن مسرح الجريمة، وبقيت أكثر من عشرة دقائق وأنا أصرخ بشدة حتى وصل أحدهم، لكن لا فائدة، فميادة فارقت الحياة أثناء نقلها إلى المستشفى، نتيجة النزف الشديد»..
تشير (ن) إلى أنَّ القاتل لاذ بالفرار إلى منزله، لكنها لحقت به وأخبرت عائلتها بالحادثة، وعلى الفور اتَّصلوا بمخفر ناحية الدالية، وبالفعل قامت عناصر الشرطة بملاحقة القاتل وإلقاء القبض عليه بعد اشتباك معه. وقامت عائلة الضحية بتنظيم ضبط بالحادثة، وتمَّ تقديم القاتل إلى قاضي التحقيق في محافظة اللاذقية، حيث اعترف بجرمه عن سابق إصرار وتصميم، والقتل عمداً من دون أيِّ إساءة من طرف عائلتها.
أما بالنسبة إلى ردّة فعل ذوي القاتل (ح- ص)، فأشارت عائلة المغدورة إلى أنَّ الجاني مستقلٌّ عن عائلته التي تقطن في محافظة دمشق منذ مدة، نتيجة خلافات عائلية، ولا يقطن معه سوى شقيقه (ع) الذي استنكر الجريمة- على حدِّ قول عائلة المغدورة- مديناً بشدة ما ارتكبه شقيقه من عمل إجرامي لم يسبق له مثيل في منطقة وادي القلع.
أهالي وادي القلع استنكروا مثل هذه الجريمة النكراء، ووقفت مطالبهم مع عائلة المغدورة ميادة عند تنفيذ أقصى العقوبات بحقِّ هذا النوع من المجرمين، لاسيما عقوبة الإعدام، وبشكل مباشر وسريع، وأن ينفَّذ الحكم في ساحة القرية ليكون عبرة لمن اعتبر.
من خلال حديث أهالي القرية عن القاتل (ح)، قالوا: أنه يريد قتل أكبر عدد من أهالي القرية، وعليه قام بتنظيم لائحة تحتوي على 12 اسماً لأشخاص من القرية، وكانت ميادة على رأس اللائحة، فما بالكم من مجرم خطر كهذا؟ّ!
كما روت سيدة من أهالي منطقة وادي القلع، أنَّ القاتل وخلال وجودها على أحد ينابيع القرية، توجَّه نحوها وقام بغسل الدماء عن أداته الجرمية بعد الحادثة.
وفيما إذا كان القاتل يعاني من اضطرابات نفسية كانت سبباً في اندفاعه إلى ارتكاب كلِّ أنواع الجرائم من سرقة وسفك للدماء، أكَّد بعض أهالي القرية أنَّ هذا الشخص لا يعاني من أيِّ مرض نفسي أو اضطرابات جسدية، وهو بصحة جيدة وبكامل وعيه العقلي والإدراكي، وهو- بحسبهم- لا يتعاطى أيَّ نوع من المشروبات الروحية، والمدهش- على حدِّ قولهم- أنه يحفظ القرآن الكريم.
عمر القاتل (ح-ص) 45 عاماً، كان متزوّجاً في السابق، وهو أب لطفلتين صغيرتين، وعلى حدِّ قول أهالي القرية، أنَّ هذا الشخص قام في أحد الأيام عندما بدأت طفلته بالصراخ والبكاء بقتلها، بعد أن ضرب رأسها أرضاً، وعلى أثر ذلك هجرته زوجته مع ابنتها الأخرى إلى غير رجعة.
أسعد جحجاح
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد