مهرجان السينما المصرية ضحية تفجيرات دهب
كأن لم يشعر به أحد ، انتهت فعاليات المهرجان القومي للسينما المصرية التي تواصلت على مدى 8 أيام، والذي يعد الاحتفالية السنوية لتقييم إنتاج عام مضى من تاريخ أقدم سينما في منطقة الشرق الأوسط . بعد انتهاء تلك الدورة دارت بعض التساؤلات الفنية التي ربما لم تكون إجابتها معروفة، ولكن دعونا نطرحها من باب "ربما نكون مخطئين" .
خلال تلك الدورة تنافس 26 فيلماً مصريا إنتاج 2005 ومنهم "ملك وكتابة" لمحمود حميدة، وهند صبري، و"السفارة في العمارة" لعادل إمام وداليا البحيري، و"بنات وسط البلد" لهند صبري ومنة شلبي ومحمد نجاتي وخالد أبو النجا، و"الحياة منتهى اللذة" لحنان ترك ويورى مرقدي، إلى جانب "خالي من الكوليسترول" لأشرف عبد الباقي، و"فرحان ملازم آدم" لفتحي عبد الوهاب وياسمين عبد العزيز، و"دم الغزال" لنور الشريف.
وبالرغم من أن كل الأفلام كانت تعرض مجاناً بمسرح الجمهورية لم يجذب المهرجان انتباه الجمهور المصري الذي قد نلتمس له العذر نظراً لما تمر به مصر من أحداث سياسية ساخنة ومحاولات لإشعال فتنة طائفية في الإسكندرية وتفجيرات مؤسفة في دهب وغيرها، ولكننا لا نجد أي عذر للفنانين والممثلين الذين لم يحضروا فعاليات المهرجان وكأنه لا يخص وطنهم ولا يحمل اسم "مهرجان قومي". والشيء المخزي أن هؤلاء الفنانين هم أنفسهم الذين تراهم يهرولون وراء المهرجان العربية بالدول الأخرى.. فهل السر في الأموال والهدايا التي يحصلون عليها هناك ! أم ماذا.
وبات من الملل أن نتحدث عن غياب النجوم المصريين عن المهرجانات المصرية سواء في مهرجان القاهرة السينمائي أو كما حدث مؤخراً في المهرجان القومي للسينما المصرية وأصبح ذلك أمر مكرراً مع كل دورة أو فعالية وفيما يبدو أن هذه أصبحت عادة فنية ، ولكن العجيب هذه المرة أن معظم الفنانين لم يسألوا عن علي أبو شادي رئيس المهرجان ولم يطمئنوا على صحته وهو يعاني المرض في المستشفى وكان المهرجان بأكمله مهدداً بالتأجيل قبل أن يجري أبو شادي جراحة ناجحة في القلب.
حدث ذلك الإجحاف من جانب الفنانين مع علي أبو شادي رئيس الرقابة على المصنفات الفنية الذي يعد الأشهر في هذا المنصب الذي يتمتع بعلاقة طيبة مع كل فناني مصر وهو المسئول الأكثر شعبية وجماهيرية بوزارة الثقافة، فما بالنا لو لم يكن يتمتع بتلك الشعبية، وهذا يدعونا للتساؤل عن صحة وحقيقة دموع الفنانين في الجنازات الفنية التي يسارعون إليها ويتسابقون للظهور أمام الكاميرات والدموع تسيل من عيونهم، فهل يمثلون علينا أيضاً !
وربما نجح الجمهور الذي حضر حفل افتتاح المهرجان في تعويض الناقد على أبو شادي بعض الشيء حيث استقبلوه بحفاوة بالغة وذلك لكون المهرجان هو الحدث الأول الذي يظهر فيه منذ عدة أشهر بعد أزمته الصحية القاسية، وقال للحضور من فوق المسرح الكبير بدار الأوبرا: " لولا الحب الذي عبرتوا عنه طوال فترة مرضي لما كنت بينكم اليوم "
ولم يظهر في حفل الافتتاح سوى الفنانة إلهام شاهين، وسميحة أيوب، بالإضافة إلى كل من لبلبة ومحمود ياسين وزوجته شهيرة، كون لبلبة ومحمود من الفنانين الذين كرمهم المهرجان هذا العام! ، إضافة إلى أن ياسين عضو في لجنة التحكيم التي يرأسها الكاتب محفوظ عبد الرحمن .وإلى جانب ياسين كرم المهرجان كذلك، المخرج الكبير على بدرخان، والكاتبة حُسن شاه مؤلفة الفيلم الشهير "أريد حلاً"، والمخرجة التسجيلية منى مجاهد .
وربما يكون كثرة عدد الأفلام المشاركة هي الإيجابية الوحيدة لتلك الدورة حيث استجاب المنتجون لدعوة أبو شادي العام الماضي التي طالبهم فيها بالمشاركة في المهرجان حيث شارك هذا العام 26 فيلماً من إنتاج 2005 من 30 فيلما تم إنتاجهم العام الماضي.
وبالرغم من كل تلك الأفلام المشاركة إلا أنها لم تلقى إعجاب لجنة التحكيم التي أعطت الغالبية العظمى من الجوائز في فيلمين فقط !
وقد حصد فيلم "دم الغزال" معظم جوائز المهرجان حيث فاز بـ6 جوائز وزعت علي المسرح الكبير بدار الأوبرا بالقاهرة.منها جائزة الإنتاج الأولى وقدرها 150 ألف جنيه مصري لمنتج الفيلم وحيد حامد، كما حصل علي جائزة خاصة المخرج محمد ياسين والديكور لعادل المغربي، وأحسن ممثلة لمني زكي، وأحسن ممثل ثاني من الرجال عمرو واكد وأحسن تصوير محسن أحمد.
وحصل فيلم "ملك وكتابة" علي المركز الثاني حيث نال خمس جوائز هي الموسيقى التصويرية، والسيناريو وجائزة الإنتاج الثانية وقدرها 100 ألف جنيه مصري، إضافة إلى جائزة أفضل ممثل لبطله محمود حميدة وأفضل إخراج عمل أول لمخرجته كاملة أبو ذكري.
أما فيلم "بنات وسط البلد" فحصل على جائزتين هما المونتاج وأفضل إخراج لمحمد خان، ونال فيلم "خالي من الكوليسترول" جائزة الإنتاج الثالثة، في حين ذهبت جائزة أفضل دور ثان نساء إلى سعاد نصر عن دورها في فيلم "الحياة منتهى اللذة" لكنها لم تتسلم الجائزة نظرا لظروفها الصحية التي تمر بها حيث ترقد في غيبوبة منذ أكثر من 6 شهور.
وأعلن فنان المونتاج كمال أبو العلا رئيس لجنة تحكيم الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة والتحريكية فوز فيلم المخرج تامر عزت بجائزة أفضل فيلم تسجيلي أكثر من 15 دقيقة عن فيلم "مكان اسمه الوطن".
كما فاز المخرج رامي عبد الجبار بجائزة أفضل فيلم روائي قصير عن فيلم "بيت من لحم" الذي نال مصوره كريم الحكيم أيضا تقديرا، والفيلم مأخوذ عن قصة شهيرة بالعنوان نفسه للكاتب المصري البارز يوسف ادريس (1927 - 1991).
وبنظرة سريعة على تلك الجوائز نجد أن هناك حوالي 21 فيلماً لم ينل منهم أي جائزة بالرغم من تحقيقها لإيرادات عالية في السينما بل أن فيلمي "دم الغزال" و"ملك وكتابة" الفائزان بمعظم الجوائز لم يحققا أي إيرادات تذكر فهل أرادت لجنة التحكيم تعويض تلك الأفلام عن انحسار الجمهور عنها؟ خاصة إذا لاحظنا أن فيلماً مثل "السفارة في العمارة" لم ينل أي جائزة وهو الفيلم الذي حقق المعادلة الصعبة في نيل إعجاب الجمهور والنقاد!!
محمود التركي
المصدر : المحيط
إضافة تعليق جديد