منتدى دافوس في شرم الشيخ يفتتح أعماله اليوم
وسط إجراءات أمنية مشددة وبعد 31 عاما من انعقاده في المنتجع السويسري الذي يقع بين جبال الألب ، و بالتحديد في السادس من شهر نوفمبر عام 2001، أعلنت إدارة منتدى دافوس عقد دورته القــادمة خلال الفترة من 31 يناير إلي 2فبراير 2002 في نيويورك لأول مرة خارج مقرها الرئيسي تضامنا معها بعض تعرضها لحوادث الحادي عشر من شهر سبتمبر الحزين و عقد المنتدى في نيويورك تداول حوالي 2700 مشارك يمثلون عددا من رؤساء الدول والأنظمة الحاكمة ورجال الاقتصاد والمدراء التنفيذيين ورؤساء مجالس الإدارات والمفكرين الاقتصاديين والبارزين من رجال الإعلام مدة أربعة أيام جدولا للأعمال تضمن العديد من المشكلات التي تهم العالم إجمالا والتي تركز عليها الولايات المتحدة الأمريكية علي وجه الخصوص مثل الإرهاب ومكافحة الفقر والنزاع العربي الإسرائيلي والأزمة المالية في الأرجنتـــــين وتداعياتها و تقاسم الثروات وفق تقديرات أكثر عدلا واستحداث أساليب أكثر كفاءة لتنشيط دورة الاقتصاد حول العالم والحد من الخلاف العالمي حيال ايجابيات العولمة وسلبياتها و اتجه المنتدى نحو الربط بين الإرهاب ومبرراته علي مستوي العالم بلا تحيز .
و ركز المشاركون من الدول الفقيرة علي ضرورة توفير الدعم المادي الفوري لتمويل الأبحاث التي تساهم بشكل مباشر في إنقاذ حياة مئات الملايين في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية الذين يعانون من مرض الملاريا وأمراض الكبد والإيدز والسل والسرطان والتذكير بما تم الاتفاق عليه عبر معاهدات دولية ولم ينفذ لدعم ميزانيات الدول التي تعيش تحت حد الفقر بما قيمته 1.0% من عائد الإنتاج في الدول الصناعية الكبرى .
و قد فشلت أمريكا التي نجحت في عقد دورة منتدى دافوس لأول مرة خارج المكان الذي اقترحه مؤسسه السويسري كلاوس شواب في تقييد مسارات أيامه الأربعة وفق هوي إدارة الرئيس جورج بوش الابن فهي لا تهتم بمبررات الإرهاب أو التعرف عليها ولكن يهمها في المقام الأول والأخير تحقيق انتصارات علي الإرهاب نفسه وهي لا تلقي بالا لمظاهر الظلم والقهر والعنصرية والأشكال الأخرى كافة التي تضر بأمن شعوب أكثر من مئة وخمسين دولة و قد ركزت الوفـــــــود العربية آنذاك علي حتمية إيجاد حل شامل وعادل للسلام في الشرق الأوسط خاصة في ما يتعلق بمظاهر الاحتلال الإسرائيلي وقهره للشعب الفلسطيني حتى لا يؤدي عدم الاستقرار في المنطقة إلي زعزعة ركائز أمنها مما سينعكس بشكل مباشر وأساسي علي المصالح الأمريكية الاستراتيجية في المنطقة
فشل بوش
و عقد المؤتمر عام 2004 بعد أحداث من الإرهاب الأمريكي و الحرب علي أفغانستان و العراق حيث ركز علي مناقشة قضية عراق ما بعد الحرب خلال عام 2003 وخطط الولايات المتحدة للتعجيل بإعادة السيادة إلى حكومية عراقية و تم مناقشة استئناف المحادثات التجارية العالمية المتوقفة والهبوط المستمر للدولار و على عدم التوازن في الاقتصاد العالمي والعولمة كما ناقش المؤتمر العديد من القضايا الاقتصادية والسياسية و مسألة انخفاض قيمة الدولار وإعادة بناء العراق وإعادة بدء محادثات التجارة العالمية الحرة .
ووصل عدد المشاركين 2200 شخص من 94 دولة منهم 34 رئيس دولة وحكومة بالإضافة لرؤساء شركات عالمية مثل نيسان واي بي ام وسوني و رؤساء شركات النفط والأدوية والكمبيوتر العالمية الكبرى.
و كان الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي قد أكد أمام المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد في منتجع دافوس السويسري في أواخر يناير 2004 فشل سياسة الرئيس الأمريكي تجاه الشرق الأوسط و قال "فشلت في إحراز أي نجاح فقد هاجم أفغانستان أين يوجد بن لادن حاليا؟ وهل ذهب تهديد القاعدة؟" و "غزت الولايات المتحدة العراق لتدمير أسلحة الدمار الشامل أين هذه الأسلحة؟ لقد خدعت الولايات المتحدة الشعوب" و دعي إلي "حوار حقيقي" موضحا أن الأمن العالمي الحقيقي يمكن أن يتحقق فقط عن طريق السلام المستند إلى الصداقة والتعاطف وقال خاتمي في خطابه: "قد تحقق القوة العسكرية أمنا مؤقتا لكن الفجوة بين هذا النوع من الأمن تتمثل في الاختلاف بين الأمن القائم على السلام المسلح والسلام القائم على التعاطف والصداقة تجاه الإنسانية .
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي عنان أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا على بذل جهود لإعادة بناء نظامنا للأمن الجماعي منتقداً تضاؤل حجم الاستثمارات في العالم النامي وفشل مفاوضات التجارة في وضع نهاية للانحياز ضد الدول النامية وأعطى عنان أولوية للقضاء على الإعانات التي تقدمها الحكومات للمزارعين في الدول المتقدمة التي تؤدي إلى وجود خلل في قوى السوق وتدمر البيئة وعدم وصول صادرات الدول الفقيرة إلى الأسواق العالمية و يذكر أن منتجع دافوس يقع على ارتفاع 1560 مترا فوق مستوى سطح البحر مما يجعله أعلى بلدة في أوروبا.
ويقع المنتجع في منطقة معزولة وسط واد تحيط به الجبال من كل جانب و يساعد الموقع الشرطة في تأمين المنطقة وإبعاد المتظاهرين ومنع وقوع أي هجمات إرهابية محتملة. وعقد مرتين في الأردن آخرها العام الماضي 2005و عام 2003 على البحر الميت و حضر 2200 من رؤساء الدول والسياسيين وكبار الصناع والمثقفين والخبراء من 96 بلدا و ركز علي محاربة الفقر وحشد الدعم لصالح الدول النامية و علي التنافسية والتجارة البيئة والمرأة والإعلام وعملية السلام والعراق ولبنان
إزالة العقبات
و يأتي مؤتمر 2006 في مصر بعد ما شهدته مدينة شرم الشيخ من حوادث إرهابية وتعرض مصر خلال المؤتمر تجربتها الاقتصادية ومشروعاتها الاقتصادية وكيف ساهمت هذه المشروعات في حل الكثير من المشاكل بالإضافة إلي التأكيد علي المساواة الكاملة بين المستثمر المصري والعربي والأجنبي في الحوافز والضمانات والإمتيازات الاستثمارية وكذلك الحقوق والواجبات والأمان للمستثمر وأمواله إلي جانب عرض لفرص الاستثمار المتاحة في مصر خاصة في المشروعات القومية الكبرى في توشكي وسيناء وشمال غرب خليج السويس و في المناطق الصناعية والتي وصل عددها إلي 64 منطقة صناعية في مختلف المحافظات.
و تدعو إلي أن أبواب الاستثمار مفتوحة أمام جميع المستثمرين وإزالة العقبات من أمامهم ومنحهم كافة التسهيلات خاصة بعد القوانين والتشريعات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة مؤخرا في مقدمتها قوانين الجمارك والضرائب وحوافز الاستثمار بهدف جذب الاستثمارات العالمية إلي مصر كما تعرض مصر تجربتها في مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي من خلال الإنجازات التي تحققت خلال المرحلة الماضية خاصة عام 2005 والذي كان عاما حافلا في مصر بشكل خاص علي الصعيدين السياسي والاقتصادي .
و في كل مؤتمر يشهد موجه من الاعتراض علي انعقاد المؤتمر و محاربة العولمة ففي سويسرا نظم أكثر من 200 شخص مظاهرات احتجاج في مطار زيورخ محاولين منع وصول الحضور إلى المنتدى ووصفوا المؤتمر بأنه خداع للشعوب و شهدت أمريكا اكبر موجه احتجاج ضد المؤتمر رافضين العولمة و شهدت مدينة بومباي حضور أكثر من 100 ألف شخص لمناهضة العولمة و صاغوا قرارات مناهضة للسياسة الأمريكية في العراق وفي أنحاء أخرى من العالم وانتقدوا بشدة منظمات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي حيث وصفوهما بأنهما "أداة فعالة لمنع أي تطور اجتماعي أو اقتصادي على المستوى المحلي في عمان وعلى غرار تجمع بورتو اليغري في البرازيل الذي يضم المعارضين للعولمة وتأثيراتها عقد اللقاء الوطني لمناهضة منتدى الاقتصاد العالمي بالتزامن مع بدء الأخير أعماله في البحر الميت و شارك فيه 15 حزبا معارضا و14 نقابة مهنية واتحاد المرأة المنضوين تحت لواء اللجنة الوطنية لمناهضة التطبيع إلا أن أحداث المؤتمر في مصر قد لا تشهد مثل هذه الموجات من الاعتراض
أمركة العالم
تري الدكتورة زينب الأشوح أستاذ الاقتصاد جامعة الأزهر أن منتدى دافوس عبر ثلاثة عقود لم يتحول إلي هيئة حكومية ولا يملك القوة التي تؤهله لإبرام المعاهدات أو توثيق الاتفاقات أو إصدار القوانين كما انه ليس قادرا علي فرض العقوبات مما يؤكد أن منتدى دافوس لا يستطيع أن يقدم حلا لمشاكل العالم لأن معظم المشاركين جزءا من المشكلة و مناهضو العولمة يتهمون المنتدى بأنه تجمع للنخبة الذين يتخذون قرارات تضر بغالبية سكان العالم.
و أشارت إلي أن المؤتمر يعمل على إخضاع واستمرار إخضاع العالم الثالث وخاصة الأمة العربية و نتائج مؤتمر دافوس للاقتصاد العالمي ليست لصالح العالم العربي إلي جانب انه من ضمن أهداف دافوس إضفاء الطابع الأمريكي على حياة القادة والشعوب وأمركة العالم العربي ثقافيا وفكريا وتطبيع الأوضاع اقتصاديا بحيث يصبح العالم العربي سوقا استهلاكيا للبضائع الأمريكية مطالبه بضرورة التصدي للهيمنة الأمريكية و مقاومة التطبيع خاصة أن المنتدى الاقتصادي العالمي ليس مؤتمرا اقتصاديا رغم اسمه وإنما سياسي وثقافي هدفه الضغط على صناع القرار في المنطقة إلي جانب أنها محاولة غربية لدمج الكيان الصهيوني في المنطقة العربية هذا المؤتمر لا يحقق سوى مصالح فئات معينة كما انه مفيد للأغنياء فقط وليس للفقراء.
هذا و قد تم الإعلان عن عقد المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس القادم في مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا في الفترة مابين 31 مايو و 2 يونيو بمشاركة قادة سياسيين ورجال أعمال لمناقشة الخطوة التالية للقارة الأفريقية على طريق إرساء مسار التنمية المستدامة . ومن بين كبار المشاركين الرئيس الجنوب أفريقي ثابو مبيكي ورئيس موزامبيق ارماندو اميليو والرئيس التنزاني جاكايا كيكويتي .
محمد المصري
المصدر: المحيط
إضافة تعليق جديد