من هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية وما هي نواياه

12-02-2011

من هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية وما هي نواياه

الجمل: تحدثت التقارير والتحليلات الصادرة مساء الأمس وصباح اليوم كثيراً عن صفحة نظام الرئيس المصري حسني مبارك التي انطوت بعد تخليه عن السلطة، ولكن ما لم تتحدث عنه التقارير والتحليلات تمثل في الإجابة على السؤال الرئيسي: ما هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي سلمه الرئيس المتنحي مبارك السلطة؟ وما هي نوايا هذا المجلس إزاء مستقبل مصر بعد رحيل مبارك؟
* المجلس الأعلى المشير طنطاوي إلى جانب الرئيس المصري السابق حسني مبارك- من الأرشيفللقوات المسلحة المصرية
أعلن الرئيس المصري حسني مبارك مساء الخميس قرار تسليم بعض صلاحياته لنائبه اللواء عمر سليمان، الأمر الذي أدى إلى تزايد درجة الشكوك واللايقين إزاء قيام الرئيس مبارك بالتنحي، وفي هذا الخصوص نشر موقع ستراتفور الإستخباري الأمريكي تحليلاً تطرق فيه إلى أن القوات المسلحة المصرية أصبحت أمام ثلاثة خيارات هي:
•    خيار الوقوف بعيداً وترك المتظاهرين الغاضبين يقتحمون مؤسسات السلطة السياسية بما يؤدي إلى تعطيل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
•    خيار الوقوف المتشدد لجهة حماية مؤسسات السلطة السياسية من اقتحام المتظاهرين الغاضبين بما يمكن أن يؤدي إلى واحدة من أكبر حمامات الدم في التاريخ المصري السياسي المعاصر.
•    خيار تحقيق المفاجأة وتنفيذ الانقلاب العسكري الذي طال انتظاره للإطاحة بالرئيس مبارك ونظامه.
الذي لم يتنبه إليه تحليل مركز ستراتفورد تمثل في حركية الانقلاب الناعم الذي ظل يجري على مدى الثمانية عشر يوماً الماضية من الاضطرابات والاحتجاجات، وتشير المعطيات إلى أن التنافس كان يجري على قدم وساق بين المؤسسة الأمنية - الشرطية الداعمة لوزير المخابرات عمر سليمان، والمؤسسة العسكرية الداعمة للمشير طنطاوي وحليفه رئيس الأركان المصري، وعندما اشتعلت الاحتجاجات برزت المواقف الآتية:
-    سارعت المؤسسة الأمنية- الشرطية لجهة الدفاع عن نظام الرئيس حسني مبارك بما أدى إلى قيام هذا الأخير بمكافأة عمر سليمان بتعيينه في منصب نائب الرئيس المصري الأمر الذي عزز احتمالات صعود عمر سليمان إلى منصب الرئيس.
-    سارعت المؤسسات العسكرية إلى التزام جانب الحياد من خلال إنفاذ إستراتيجية الإمساك بالعصا من الوسط على خلفية مزاعم أن مهمة القوات المسلحة هي حماية مصر، وأن الاحتجاجات المدنية السلمية هي عمل مشروع لا يستوجب تدخل القوات المسلحة.
ومع اقتراب غروب الشمس جاءت المفاجأة، فقد قرر الرئيس حسني مبارك التخلي عن منصب الرئيس وتسليم السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، الأمر الذي أدى ليس إلى خروج مبارك وحسب، وإنما إلى خروج اللواء عمر سليمان الذي لم يهنأ باستلام منصب نائب الرئيس المصري سوى بضعة أيام.
* سيناريو المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية: أبرز التوقعات
تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية السلطة وبدأ في إذاعة بياناته، وما كان لافتاً للنظر أن بياناته قد ركزت على الآتي:الفريق سامي العنان مع رئيس هيئة الأركان الأمريكية مايك مولن خلال زيارته الأخيرة لواشنطن
-    التأكيد على توليه السلطة.
-    التأكيد على طمأنة المصريين بالحفاظ على حقوقهم المشروعة.
-    التأكيد على احترام طموحات الشعب المصري.
وعلى خلفية هذه التأكيدات برزت المزيد من التساؤلات حول مصداقية ونوايا المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، ويمكن الإشارة إلى أبرز هذه التساؤلات على النحو الآتي:
•    ما هو مصير تركة نظام حسني مبارك؟
•    ما هي مرجعية المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، وهل سيستند إلى الدستور المصري القائم أم سيقوم بممارسة مهامه عن طريق إصدار المراسيم؟
•    هل سيشكل المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية مؤسسات الحكم والدولة وفقاً للمنظور الشمولي أم المنظور التعددي الديمقراطي؟
•    هل سيسعى المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية لإعطاء المدنيين مساحة أوسع في المشاركة أم لا؟
•    هل سيسعى المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية لتحديد فترة انتقالية معينة يتم من خلالها عملية انتقال السلطات والصلاحيات أم لا؟
•    كيف سيكون واقع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية خلال الفترة الانتقالية القادمة؟
•    ما هي مكونات مؤسسات المجتمع المدني خلال الفترة الانتقالية؟
بكلمات أخرى، ما هي طبيعة العلاقات المدنية-العسكرية خلال الفترة الانتقالية؟ وهل ستكون علاقات تعاون تقوم على التفاهم والتوافق بين العسكريين والمدنيين أن علاقات صراع تقوم على الاختلاف وتباين الآراء على خلفية المواجهات المتجددة بين الطرفين؟
* العلاقات المدنية-العسكرية المصرية: سيناريو اليوم الأول بعد خروج مبارك
حتى الآن، لم يحدد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية جدول أعمال إدارة شئون الدولة والحكم في مصر، وفي هذا الشأن تقول المعلومات بأن القوى السياسية التي قادت الاحتجاجات المدنية ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك قد أعدت مذكرة موحدة طرحت العديد من المعطيات التي يمكن الإشارة إلى أبرزها على النحو الآتي:
•    تكوين مجلس رئاسي أعلى للحكم يتكون من خمسة أعضاء أحدهم عسكري وأربعة مدنيين مع عدم السماح لأعضاء هذا المجلس بالترشيح في الانتخابات القادمة.
•    رفع حالة الطوارئ.
•    إطلاق حرية التعبير والتنظيم.
•    إطلاق حرية تكوين الأحزاب والمنظمات المدنية.
•    تحديد فترة انتقالية في حدود تسعة أشهر لإكمال عملية انتقال السلطة.
•    تعيين مجلس وزراء من التكنوقراط لإجازة شؤون السلطة التنفيذية خلال الفترة الانتقالية مع عدم السماح لأعضاء هذا المجلس بالترشيح في الانتخابات العامة القادمة.
•    حل البرلمان المصري الحالي والعمل من أجل إجراء انتخابات برلمانية جديدة.
•    إبطال الدستور المصري الحالي  والعمل من أجل إعداد مسودة دستور تأسيس جديدة.
•    إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
•    محاسبة المسئولين عن تدهور الأوضاع والتجاوزات والانتهاكات خلال فترة نظام الرئيس حسني مبارك.
هذا، وتشير المعطيات الجارية إلى أن مذكرة المطالبات التي رفضتها القوى السياسية المصرية التي قادت حركة الاحتجاجات سوف تصطدم بوجهة نظر مواقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الذي يزعم إعلانه بالوقوف الصريح إلى جانب الموقف الشعبي المصري فإن لهذا المجلس خطوطه الحمراء التي وإن كانت لم تتضح بعد فإن العديد من خلفياتها يمكن التعرف إليها من خلال الآتي:
•    ظل نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك أكثر اعتماداً على المؤسسة العسكرية الأمر الذي أدى إلى تزايد وجود العناصر التي يمكن اعتبارها تمثل امتداداً لمذهبية نظام مبارك في إدارة شئون الدولة والحكم.
•    ارتباط المؤسسة العسكرية المصرية الشديد بالمؤسسة العسكرية الأمريكية خاصةً في الجوانب المتعلقة بالمذهبية العسكرية والقتالية والجوانب المتعلقة بالتسليح. وفي هذا الخصوص تقول المعيطات بأن الأغلبية العظمى من رموز المؤسسة العسكرية المصرية هم من ذوي الخلفيات الثقافية العسكرية الأمريكية.
•    ارتباط العديد من رموز المؤسسة العسكرية المصرية بشبكة المصالح التي كانت تربط أركان نظام الرئيس المصري حسني مبارك وبالتالي فإن السعي باتجاه تصفية تركة حسني مبارك سوف تؤدي بكل تأكيد إلى المساس بمصالح المزيد من رموز المؤسسة العسكرية المصرية.
تشير المعطيات الجارية إلى أن دور المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية سوف يكون محفوفاً بالمخاطر خلال الفترة  الانتقالية القادمة، وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة على سبيل المثال لا الحصر إلى الآتي:
•    تأثير العامل الأمريكي: من الصعب على المؤسسة العسكرية المصرية أن تقطع بشكل فوري روابطها مع المؤسسة العسكرية الأمريكية بسبب مفاعيل علاقات التبعية العسكرية التي تراكمت خلال الحقب الماضية.
•    تأثير المجمع الصناعي-العسكري: سعى نظام الرئيس حسني مبارك إلى إفساح المجال أمام المجمع الصناعي-العسكري لكي ينمو ويتوسع بما جعله يمثل حوالي 20% من  إجمالي الناتج المحلي الإجمالي المصري البالغ 300 مليار دولار، وبالتالي، فإن أنشطة المجمع الصناعي-العسكري المصري تقدر في حدود 60 مليار دولار، وهو أمر لا يمكن تجاهله أو تجاوزه خلال الفترة  القادمة.
•    تأثير العامل الدبلوماسي: ارتبط نظام الرئيس حسني مبارك بالمزيد من الاتفاقيات مع العديد من دول العالم والأطراف الإقليمية والدولية التي أصبحت مكروهة في أوساط الشعب المصري، وفي هذا الخصوص سوف يكون من الصعب خلال الفترة القادمة أمام المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية تحديد الرأي والمواقف القاطعة إزاء هذه الاتفاقيات المرفوضة شعبياً داخل مصر.
•    تأثير العامل السياسي: يتميز التحالف السياسي الشعبي الذي تصدى لعملية إسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك بالتنوع الشديد، وفي هذا الخصوص توجد أطراف لها علاقة عدائية مع المؤسسة العسكرية المصرية، ومن أبرز هذه الأطراف نجد حركة الأخوان المسلمين المصرية إضافة إلى الجماعات الراديكالية الدينية واليسارية، وسوف يكون صعباً على المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية إفساح المجال أمام هذه القوى لكي تعمل بحرية وانطلاق.
على خلفية هذه التأثيرات تقول المعلومات والتسريبات بأن الساحة السياسية المصرية سوف تشهد خلال الفترة القادمة واحدة من أعقد العمليات السرية المخابراتية والتي سوف تضم قدراً كبيراً من الأجهزة الدولية والإقليمية إضافة إلى المزيد من "الأيادي الخفية"، وفي هذا الخصوص فقد بدأت العناصر التي كانت تقف في الماضي إلى جانب نظام الرئيس حسني مبارك وهي أكثر نشاطاً لجهة الإعلان عن دعم قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بإدارة شئون البلاد، وبالأمس وبعد مرور بضعة ساعات على استلام المجلس الأعلى للسلطة بدأت هذه الأصوات في الظهور والمطالبة بأن تستمر الفترة  الانتقالية لمدة لا تقل عن أربعة سنوات، وذلك تحت ذرائع أن الحركة السياسية المصرية ما تزال أكثر حاجة لجهة إعداد نفسها وتطوير قدراتها لجهة الاضطلاع بمهام إدارة شؤون الحكم والدولة إضافة إلى الحديث عن ذرائع أخرى تقول بأن تسريع عمليات نقل السلطة سوف تكون له نتائج عكسية وسلبية التأثير على بيئة السياسة المصرية الداخلية والخارجية، وما كان لافتاً للنظر ومثيراً للاهتمام أن «قناة الحرة» التي تديرها أيادي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية كانت أكثر اهتماماً لجهة التسويق والترويج لهذه التوجهات الأمر الذي يشير بكل وضوح إلى وجود نوايا أمريكية واضحة لجهة قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بالإحتفاظ بالسلطة لأطول فترة ممكنة ريثما تتم عملية إيجاد البديل المناسب الذي يمكن أن يحل محل الرئيس السابق حسني مبارك!
والواضح حتى الآن أن بيانات المؤسسة العسكرية الأربعة لم تقل شيئاً بعد باستثناء التزامها بالمعاهدات والتحالفات التي تقيمها مصر مع الدول الأخرى!؟


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

التعليقات

كيف اتمكن من الادلاء بصوتى فى الانتخابات ببطاقة الرقم القومى؟؟مع العلم باننى لم يسبق لى استخراج بطاقة انتخابية ولم ادلى بصوتى فى اى انتخابات سابقة ولكن الان الوضع مختلف ...ارجو افادتى

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...