معمل للتمر والعجوة بالحشرات..و«الاستهلاكية» تغش بمعجون البندورة
إنها بانوراما الفساد في السوق، نستعرض بعض ما يحدث من ارتكابات بحق المستهلك على الرغم من أن حماية المستهلك أصبحت إحدى الاسطوانات اليومية الرسمية، وأصبح للمستهلك دوريات باسمه، فها هي إحدى دوريات حماية المستهلك في حمص كشفت عن وجود معمل في منطقة دير بعلبة خلف كازية المكحل غير مرخص نهائياً وغير مراقب من أي جهة ويستخدم سجلاً تجارياً وهمياً، وهو عبارة عن معمل يقوم باستيراد مادة التمر الحب ومن ثم يقوم بطحنها وتعبئتها بأكياس (1كغ) ويضع عليها لصاقات باسم ماركة الشرق وسجل تجاري 41974، كما أن المعمل بحالة سيئة من حيث الوضع الفني والصحي والنظافة حيث وجد لديه كميات من التمر المطحون «عجوة ناعمة» ضمن أكياس مغلفة تحتوي على حشرات يمكن مشاهدتها بالعين المجردة، ولديه تمر حب ثبت لدى تحليل إحدى العينات أن تمر العينة مخالف جرثومياً مخالفة جسيمة..
وحسب مديرية التجارة الداخلية في حمص فإنه تمت إحالة المعمل الى لجنة الرقابة على المنشآت الصناعية، وتم إغلاق المعمل وترصيصه ومع أنه تم أخذ تعهد من صاحب المعمل بالمحافظة على الأختام والموجودات، فإن صاحب المعمل لاذ بالفرار..
ونظمت مديرية التجارة الداخلية ضبطاً بحق صاحب المعمل بحيازة مواد غذائية فاسدة، والتدليس ببطاقة البيان عبر وضع بيانات وهمية بغرض المبالغة في وصف المنتج بما لا يتفق مع الواقع الفعلي، والنقص ببطاقة البيان، وعدم وجود بطاقة البيان، حيث تبين أن لدى المعمل المذكور 20 طن تمر حب لا تحتوي على بيانات تدل على بلد المنشأ أو الصلاحية وضمن أكياس مفتوحة، وكمية 10 أطنان تمر ضمن أكياس 25 كغ تاريخها 1/4/2008 صالحة لمدة 18 شهراً من تاريخه منسوبة الى إحدى الماركات العراقية، وكمية 100 كغ عجوة بالحشرات، وكمية 2700 كغ تمر مطحون ضمن أكياس لا تحمل أية بيانات.
وإذا كان الغش والاستهتار بصحة الناس مشهوراً لدى الأفراد وبعض المنشآت والورش الصغيرة في الأحياء...، فإنه وصل الى صالات بيع عامة لم يكن يتصور أحد أنه بإمكانها أن تغش، ولكن أحد فروع المؤسسة العامة الاستهلاكية بحمص كسر القاعدة وارتكب غشاً، يوضحه تقرير صادر عن مديرية التجارة الداخلية في حمص موجه الى وزارة الاقتصاد والتجارة الشهر الماضي، وجاء في التقرير: «وردنا إخبار من فرع إحدى الجهات الأمنية بحمص بأن المركز رقم 1 بفرع المؤسسة العامة الاستهلاكية يوجد فيه عبوات من رب البندورة انفجرت نتيجة أنها فاسدة على الرغم من أنه يوجد عليها تاريخ إنتاج جديد، وهو 10/7/2008 فتوجه السيد مدير التجارة الداخلية في حمص برفقة دورية من دائرة حماية المستهلك، ولدى وصولها الى المركز نظّمت الضبوط التالية: عينة من رب البندورة وزن 3200 غرام، لكمية 640 عبوة من إنتاج إحدى الشركات الخاصة الغذائية بريف دمشق، وضبط عدلي بحيازة مادة غذائية فاسدة، حيث بعض العبوات منتفخ وبعضها متفجر والبعض يسيل منها معجون البندورة، مع أن تاريخ الصلاحية مسجل عليها حتى 2010، وضبط عدلي بالتدليس في بطاقة البيان لكمية 11 عبوة، حيث وجدت بطاقتا بيان على العبوات الخارجية باللغة العربية، وبطاقة البيان الداخلية باللغة الأجنبية مغايرة للأولى ببعض المعلومات..
وحسب مديرية التجارة فإن أمين المستودع في فرع الاستهلاكية المذكور أفاد بتصريح خطي أن 12 عبوة انتفخت بعد استلام الكمية بأسبوع وتم إعلام إدارة الاستهلاكية وتم الإيعاز الى لجنة الاستلام للكشف على البضاعة وعن طريقها تم إعلام الإدارة العامة، وبعد أسبوع حضر وكيل الشركة المصنعة في حمص واستبدل العبوات المنتفخة دون إعلام مديرية التجارة الداخلية بذلك..
وهنا تسأل تشرين: ما الغاية من الاستهلاكية في الاكتفاء بإجراءات استبدال العبوات الفاسدة فقط، وإخفاء ملف إنتاج تلك الشركة الصناعية عن الجهات المعنية؟
وتفيد مديرية التجارة الداخلية بأنه تمت معاينة إنتاج تلك الشركة لدى وكيلها في حمص وتبيّن وجود عبوات بدون بطاقات بيان، وأبرز وكيل الشركة فواتير غير نظامية لمادة رب البندورة والكاتشب والفطر والمربيات، وتم تنظيم ضبط عدلي بحق الوكيل، أيضاً وجدت لدى الوكيل مواد منتهية الصلاحية معلبة (خضار مشكلة ـ صاص..)، وأنه تم إغلاق المستودع التابع للشركة لحيازته مواد منتهية الصلاحية، وتم إغلاق مستودع آخر للوكيل احترازياً.
وكانت دوريات حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية في حمص ضبطت مؤخراً مواد غذائية منتهية الصلاحية في حي باب السباع تشمل(قشطة حليب، ومربى مشمش، وجبنة، ولبنة، وحليب معقم، وكيك، وشاي)..، وفي حصيلة لعمل مديرية التجارة الداخلية خلال الربع الثاني من العام الحالي فإنه تم اغلاق 218 فعالية تجارية اغلاقا اداريا لارتكاب اصحابها مخالفات جسيمة، وتم تنظيم 842 ضبط عينة لمواد مختلفة من الاسواق خضعت للتحليل الكيميائي والجرثومي لبيان مدى صلاحيتها للاستهلاك والتأكد من مطابقتها للمواصفات ومدة الصلاحية وتبين وجود 276 عينة مخالفة جسيمة..
وحسب مديرية التجارة الداخلية في حمص فإن العينات التي ضبطت تتنوع بين عينات غذائية منها على سبيل المثال (دقيق ومشتقاته، خميرة، أغذية اطفال، سكاكر، حلويات، زيت طعام، زبدة، سمون، طحينية وبوظة، شاي، زعتر، قمر دين مجفف، شراب..) وعينات غير غذائية منها (منظفات، زيوت معدنية، دهانات، منسوجات، محروقات..).
كما تفيد مديرة التجارة الداخلية بأنها نظمت 1171 ضبطا تموينيا بحق مخالفين لشؤون التموين والتسعير خلال الربع الثاني للعام الحالي، و296 ضبطا تموينيا بحق مخالفين تخضع مخالفاتهم للقانون الخاص بقمع الغش والتدليس وتعديلاته..
وكانت قد ضبطت احدى دوريات التجارة الداخلية مواد غذائية وغير غذائية منتهية الصلاحية وبكميات كبيرة في مدينة القصير (بسكويت ـ جبنة مثلثات ـ جبنة مطبوخة ـ جبنة شيدر ـ شوكولا، ملبس، كاتشب، دبس رمان، ماء زهر، توابل، بويا، بودرة خدود، كولا ـ تمر، مكعبات مرق الدجاج، مبيد حشري، زبدة، بطاطا شيبس، مياه غازية، شطة حرة)..، وتم تنظيم ضبط عدلي بمخالفة حيازة مواد منتهية الصلاحية بحق المخالف الذي لاذ بالفرار..
الجدير ذكره ان تشرين لاحظت من خلال تتبع نموذج عدة شهور تجري فيها مخالفات تتحدث عنها مديرية التجارة الداخلية في حمص انه تم اغلاق محلات تجارية بمعدل مئة محل شهريا، ولا يمر شهر دون كشف مواد غذائية منتهية الصلاحية بعدما تم تحليل عينات منها..
ونشير الى نموذج شهر حزيران الماضي على سبيل المثال حيث تم تنظيم 422 ضبطا تموينيا لمخالفات شؤون التموين والتسعير، و96 ضبطا وفق قانون قمع الغش والتدليس والتسعير وتعديلاته، و346 ضبط عينة تم بموجبه أخذ عينات مختلفة من مواد غذائية وغير غذائية لبيان مدى صلاحيتها للاستهلاك فتبين ان 26 عينة منها فيها مخالفات جسيمة.. وتم اغلاق 73 محلا تجاريا اغلاقا اداريا لارتكاب اصحابها مخالفات جسيمة وتم اغلاق 4 محلات اغلاقا قضائيا..
وإن وتيرة المراقبة التموينية وفق هذه الأرقام تثير اسئلة عدة عن اسباب استمرار المخالفات على الرغم من المراقبة وضبط المخالفات، خصوصا من جهة اصحاب محلات غذائية يستهترون بصحة وحياة المواطن عبر حيازتهم مواد غذائية ـ منتهية الصلاحية أو غير صالحة للاستهلاك البشري؟!
وتأتي أهمية التشدد على المسائل التموينية وسلامة المواد الغذائية خلال شهر رمضان المبارك ايضا، حيث ليس بالضرورة ان المستهتر بصحة الناس سيردعه ضميره خلال شهر رمضان، بدلالة طقوس السوق المعهودة حيث تصبح الفوضى أكبر في بيع السلع الغذائية، وتبرز ظاهرة البيع على الأرصفة وبأساليب غير صحية.
ظافر أحمد
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد