معلومات عن قوة عسكرية عراقية تخضع للأميركيين وتنفذ «مهمات خاصة»
بعد صمت دام سنتين منذ انتقال السيادة من قوات الاحتلال والادارة المدنية الاميركية الى العراقيين، بدأ مسؤولون في بغداد يتحدثون عن «جيش عراقي ثالث» يضاف الى القوات الحكومية والمتعددة الجنسية، يتلقى أوامره من القيادة الاميركية مباشرة، ويضطلع بتنفيذ «المهمات القذرة». فيما تتنازع السيطرة على البلاد جيوش رسمية وعشرات الميليشيات والجماعات المسلحة.
ويشكل انعدام الثقة بين الاحزاب والطوائف، والخلاف على هوية من يتسلم الملف الامني السبب الرئيسي في استمرار الأزمة السياسية، خصوصاً ان هناك أطرافاً في الحكومة تدافع عن الميليشيات وفي مقدمها رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري. في حين تدافع «هيئة علماء المسلمين» وجهات سنية أخرى عن الجماعات المسلحة وتعتبرها مقاومة شريفة، وتتهم الميليشيات الشيعية باستهداف ابناء الطائفة بغطاء من وزارة الداخلية.
وأكدت وزارة الدفاع العراقية وجود جيش ثالث لا يخضع لسلطتها ولا لأوامر القيادة الرسمية، ويتلقى تعليماته من الاميركيين، لكن الكولونيل في القوات الاميركية باري جونسن نفى ذلك وقال ان هذه القوات «وحدات عراقية خاصة دربت لمحاربة عمليات الخطف والقتل وتأخذ أوامرها من الوزارة بالتنسيق مع قوات التحالف وهي التي نفذت عملية حسينية المصطفى، بإشراف أميركي»، ورفض الإشارة الى عديدها وتسليحها وارتباطاتها الادارية.
وكانت وزارة الدفاع أكدت في بيان تزامن مع عملية دهم الحسينية ان أياً من وحداتها لم يشارك في تلك العملية.
وقال وزير الأمن الوطني عبدالكريم العنزي ان في العراق «جيشاً ثالثاً» بالإضافة الى القوات العراقية والمتعددة الجنسية، لا يتلقى أوامره من الحكومة، ويمارس «عمليات قذرة، ويرتدي نمطاً معيناً من الملابس لطمس هويته».
ويؤكد المستشار السابق لوزارة الأمن الوطني شيروان الوائلي ان «هذا الجيش مكون من 4 أفواج شكلتها القوات الاميركية في فترة وزير الدفاع السابق حازم الشعلان وهي محسوبة نظرياً على الوزارة لكنها لا تتلقى أوامرها منها، بل من القوات الأميركية».
وجاء كشف هذه القوات بعد مقتل 16 من أعضاء حزب «الدعوة» و «جيش المهدي» (الشيعيين) خلال هجوم شنته قوات عراقية وأميركية (الاحد) في منطقة حي اور (شرق بغداد) في حادثة اختلفت الروايات فيها، بين اميركية تبرر هذا العمل باشتباك مع مجموعة مسلحة متورطة بقتل وخطف مواطنين، ورواية للأحزاب الشيعية تؤكد ان الهجوم كان على حسينية المصطفى وأعدم خلالها 16 مصلياً.
وكانت الحادثة مناسبة لكشف مسؤولين في الحكومة النقاب عن اشراف القوات الاميركية على هذه الوحدات العراقية.
وتؤكد مصادر مطلعة لـ «الحياة» ان تشكيل القوات الخاصة التي شاركت في عملية الحسينية تم منتصف عام 2004، حين اختير مقاتلون من اجهزة الاستخبارات والحرس الجمهوري، والحرس الخاص في النظام السابق، وفتح أمامهم باب التطوع ليقدموا أوراقهم في مطار المثنى، وعين عدد منهم في الاستخبارات التي ظلت هي الأخرى تحت الاشراف المباشر للقوات الاميركية.
وتتابع المصادر ان الوحدات المنتخبة تم دمجها مع وحدات اخرى كان الاحتلال شكلها قبل الغزو لتأسيس قوة «الضربة الاستباقية» والتي تم اخضاعها لاختبارات وفحوص بدنية ونفسية وجرى تدريبها داخل العراق في معسكرات خاصة في الرضوانية، فيما تم انتخاب الصفوة للتدرب في الولايات المتحدة قبل ان يزج بهم في معارك الفلوجة وحديثة والقائم وتلعفر.
وعرض اللواء توماس رايت، الناطق باسم القوات المتعددة الجنسية الثلثاء صوراً قال انها للقوة العراقية الخاصة التي نفذت عملية الحسينية. لكن ظهر في الصور جنود عراقيون يرتدون زياً قريباً من الزي الاميركي، ومزودون بأجهزة ومعدات متطورة، بالإضافة الى اسلحة أميركية حديثة وهم يحتمون بناقلات هامر التي رفع عليها العلم العراقي.
من جهة أخرى، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس عن الجعفري تحذيره الولايات المتحدة من التدخل في الشؤون الداخلية للعراق، ودفاعه عن الميليشيات.
وترشيح «الائتلاف» للجعفري لرئاسة الحكومة ما زال موضع خلاف بين الأكراد والسنة، يدعمهم الأميركيون من جهة والشيعة من جهة أخرى، ولا تزال الأزمة الحكومية تراوح مكانها منذ ثلاثة اشهر.
وقال الجعفري للصحيفة «صدرت مواقف من الحكومة الاميركية والرئيس جورج بوش لتشجيع الديموقراطية. وهناك قلق الآن من ان تكون الديموقراطية مهددة. ومصدر القلق ان بعض الشخصيات الأميركية تتدخل في نتائج العملية الديموقراطية... عندما اختارت أكبر الكتل مرشحها لرئاسة الوزارة».
ودافع عن اشراك قادة ميليشيات مثل مقتدى الصدر في العملية السياسية، غير انه لم يحدد التنازلات التي قدمها اليه. وأوضح الجعفري انه ينظر الى الميليشيات في «إطار الواقع الفعلي في العراق (...) اي شخص هو جزء من الواقع العراقي يجب ان يكون جزءاً من البيت العراقي».
وتشكل قضية الميليشيات مسألة حساسة جداً بالنسبة الى السنة الذين يحذرون من انها تعمل بغطاء من وزارة الداخلية. وقال رئيس جبهة «التوافق» السنية في مؤتمر صحافي في بغداد امس: «هناك خلافات حول الجهة التي ستتولى الملف الأمني في الحكومة (...) ليست هناك ثقة بين الكيانات السياسية وإلا لكانت جميع الأزمات حلت في وقت سريع» معرباً عن الأمل في التوصل قريباً الى حلول.
وتابع: «لكن سفك الدماء أمر مثير للفزع». وتساءل: «الى متى سيظل العراقيون في هذه الحالة يقتل بعضهم بعضاً؟ أدعو الجميع الى التوافق وحل المشاكل بالعقل والمنطق والحوار بما فيه وحدة الشعب العراقي ومصلحته».
وزاد: «يقتل يومياً ما لا يقل عن 50 شخصاً في بغداد وحدها جلهم من أهل السنة (...) وفي اليومين الماضيين تركز الاعتقال والخطف على تجار منهم في منطقتي المنصور والكرادة حيث تداهم الشركات ويعتقل اصحابها».
على صعيد آخر، رحبت الإدارة الاميركية أمس بغطلاق الصحافية جيل كارول التي بقيت في الحجز ثلاثة اشهر، وأعلنت الجماعة التي كانت تحتجزها تسليمها الى «الحزب الاسلامي» أمس.
الحياة
إضافة تعليق جديد