معركة البصرة: الصدر يوقف القتال والمالكي يتجاوب
في خطوة من شأنها أن تنهي المواجهات بين قوات الأمن العراقية وميليشيا «جيش المهدي»، أمر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أتباعه، أمس، بـ«إلغاء المظاهر المسلحة» مؤكدا «براءته» ممن يحمل السلاح ضد «الأجهزة الحكومية»، داعيا الحكومة إلى وقف الاعتقالات العشوائية وإطلاق سراح المعتقلين الذين لم توجه لهم تهم رسمية. وسارع رئيس الحكومة نوري المالكي إلى إصدار أمر منح فيه مسلحي البصرة «الأمان» إذا انسحبوا من الشوارع.
وبعد إذاعة بيان الزعيم الشيعي عبر مكبرات الصوت في المساجد، أعلن عدد من مكاتب الصدر في مدن جنوبي العراق أنهم سيمتثلون للأمر. وخمدت الاشتباكات في البصرة والناصرية، وبدأ عناصر الميليشيا بالانسحاب من الشوارع، التي شهدت اشتباكات دامية، منذ الثلاثاء الماضي، أدت إلى مقتل أكثر من 275 شخصا وإصابة المئات. ورفعت قيادة عمليات بغداد حظر التجول في العاصمة اعتبارا من فجر اليوم، إلا أنها استبقت على حظر سير المركبات في مناطق الشعلة والكاظمية ومدينة الصدر.
ويأتي قرار الصدر نتيجة لوساطة بين الحكومة والتيار الصدري قام بها رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني ورئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري ورئيس «حزب المؤتمر الوطني» احمد الجلبي، الذي قال لـ«رويترز» إن بيان الصدر «هو النقطة الرئيسية لوقف سفك الدماء في البصرة» وعلى الحكومة أيضا وقف «استهداف» الصدريين.
وقال الصدر، في بيان من تسع نقاط يحمل توقيعه، «انطلاقا من المسؤولية الشرعية، وتمهيدا لاستقلال العراق وتحريره من جيوش الظلام، وحقنا للدماء، والحفاظ على سمعة الشعب العراقي ووحدته، ولكي نطفئ نار الفتنة التي يريد المحتل وأتباعه إشاعتها بين الأخوة من شعبنا
العراقي، تقرر إلغاء المظاهر المسلحة في البصرة وجميع المحافظات».
وأضاف الصدر «نعلن البراءة من كل من يحمل السلاح ويستهدف الأجهزة والمؤسسات الحكومية والخدمية ومكاتب الأحزاب». ودعا أتباعه إلى «التعاون مع الأجهزة الأمنية الحكومية، وتحقيق الأمن وإدانة مرتكبي الجرائم وفق الطرق القانونية».
وردا على مطالبة المالكي المقاتلين بتسليم أسلحتهم «الثقيلة والمتوسطة» مقابل مكافآت مالية، قال الصدر «نؤكد عدم امتلاك التيار الصدري للأسلحة الثقيلة».
وطالب الحكومة «بوقف المداهمات والاعتقالات العشوائية غير القانونية، وتطبيق قانون العفو العام وإطلاق سراح جميع المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم، وخاصة من معتقلي التيار الصدري ومراعاة حقوق الإنسان في جميع إجراءاتها الأمنية... والعمل على إرجاع المهجرين بسبب الأحداث الأمنية إلى مناطق سكناهم». واتهم «المحتل بإثارة نار الفتنة بين أبناء شعبنا العراقي»، داعيا إلى «العمل على انجاز المشاريع العمرانية والخدمات في جميع المحافظات».
وسارع المالكي إلى الترحيب بخطوة الصدر. وأعلن مكتبه، في بيان، انه و«تقديرا لمبادرة سماحة السيد مقتدى الصدر، أمر رئيس الوزراء بمنح الأمان وعدم المساءلة القانونية لكل من يلقي السلاح وينسحب» من الشوارع.
واعتبر المالكي أن «بيان الصدر خطوة بالاتجاه الصحيح، نأمل أن تساهم في استقرار الأوضاع الأمنية، وفرض سلطة القانون، وتهيئة الأجواء لمواصلة عملية البناء والاعمار». وجدد أن «العملية الأمنية في البصرة لا تستهدف أي جهة سياسية أو دينية، وضمنها التيار الصدري».
وقال المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ، من جهته، «نتوقع أن تكون هناك استجابة كبيرة، والذين لا يستجيبون يحاولون الإساءة إلى الصدر، ولذا فإن الدولة ملزمة أن تنفذ القانون على من يخالف تعليمات الدولة أولا ويخالف تعليمات الصدر»، موضحا أن «العملية في البصرة لن تتوقف إلى أن تحقق أهدافها. إنها لا تستهدف الصدريين بل المجرمين».
وأوضح مساعد الزعيم الشيعي حازم الاعرجي أنه «لن يتم تسليم سلاح المقاومة إلى الحكومة»، موضحا أن التيار الصدري «حصل على ضمان من الحكومة بإنهاء الاعتقالات العشوائية» لأتباعه.
وأعلن مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) مايكل هايدن، في مقابلة مع شبكة «ان بي سي»، أن واشنطن لم تعلم مسبقا بالأمر الذي أصدره المالكي ببدء عملية «صولة الفرسان» في البصرة.
وقال هايدن، ردا على سؤال حول مدى معرفته مسبقا بإطلاق العملية، «لم أكن اعلم أكثر مما علم (قائد القوات الأميركية في العراق) دايفيد بتراوس والسفير (الأميركي رايان) كروكر». وأضاف «اعلم انه قرار للحكومة العراقية، اتخذه رئيس الوزراء». وتابع «كنا ندرك جميعا انه ينبغي أن يحصل ذلك، لأنه كان لا مفر منه... لا يمكن أن تبقى المدينة الثانية من حيث الأهمية في البلاد خارج سيطرة الحكومة».
وأعلن الاحتلال الأميركي أن قوة أميركية برية دعمت، للمرة الأولى، القوات العراقية الخاصة خلال مواجهات مع الميليشيات في البصرة أمس الأول، أسفرت عن مقتل 22 مسلحا، موضحا أن العملية تضمنت غارة جوية استهدفت «معقلا للمجرمين غربي البصرة». وقال المتحدث باسم الجيش البريطاني الرائد طوم هولواي إن «القوات البريطانية انتشرت خارج قاعدتها في البصرة لدعم القوات العراقية... قواتنا لا تخطط لدخول البصرة، إنها تقدم أشكالا أخرى من الدعم». وكانت القوات البريطانية أطلقت قذائف مدفعية دعما للقوات البرية العراقية، أمس الأول، للمرة الأولى منذ اندلاع القتال.
وكان عشرات من المسلحين اقتحموا مقرا للتلفزيون الرسمي في البصرة، وأجبروا الحراس على الفرار وأضرموا النار في سياراتهم المدرعة. وقتل مستشار المالكي للشؤون الأمنية سليم قاسم بسقوط قذائف على مقر قيادة العملية العسكرية في المدينة. وأعلنت القوات العراقية أنها صدت، بدعم من قوة أميركية، هجوما لمسلحين في الصويرة، وقتلت 16 منهم
وأعلن الاحتلال الأميركي انه قتل 25 مسلحا في غارة جوية، خلال اشتباكات شرقي بغداد. كما قتل جنديان أميركيان في انفجارين في العاصمة والانبار.
من جهة أخرى، قتل 7 عراقيين، وأصيب ,21 في سقوط صواريخ في الكرادة، كانت تستهدف المنطقة الخضراء. وقتل ستة من الشرطة وخمسة من «الصحوة»، في هجومين قرب الضلوعية وبيجي.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد