مصر: فتنة قبلية في أسوان والجيش والداخلية يتحدثان عن «أياد إخوانية»
شهدت مصر، خلال اليومين الماضيين، تطوراً امنياً خطيراً، أتى هذه المرّة من أقصى الجنوب، وتحديداً من محافظة أسوان في أقصى صعيد مصر، حيث قتل 28 شخصاً، وأصيب العشرات، في إطار فتنة قبلية، فشلت كل المحاولات الحكومية في إطفاء نيرانها حتى ليل أمس.
واندلعت اشتباكات عنيفة بين أبناء قبيلتَي بني هلال العربية (الهلايل) والدابود النوبية (الدابودية) في منطقة السيل الريفي في شرق محافظة أسوان، استخدم خلالها الطرفان الأسلحة النارية والقنابل الحارقة، ما أسفر عن مقتل 26 شخصاً، وفقاً لحصيلة أولية، وإصابة العشرات، فضلاً عن إحراق العديد من المنازل والمتاجر.
وبحسب مصادر طبية، فإن اشتباكات اليوم الأول أسفرت عن مجزرة قتل فيها 23 شخصاً وأصيب العشرات، وذلك بعدما تطوّر عراك فردي، لأسباب لم تحدد بالضبط حتى الساعة، الى اشتباكات عنيفة بين ابناء الهلايل والدابودية.
وتعددت الروايات حول اسباب الواقعة، لكن السبب الاكثر شيوعا بين قيادات القرية هو ان الخلاف بسبب الإساءة لعبد الفتاح السيسي او بسبب معاكسة إحدى الفتيات المنتميات لإحدى القبائل.
وكان السيسي قد زار أسوان قبيل ساعات من الاشتباكات والتقى وفدا من أبناء قبائل النوبية الذين وعدوه بدعمه في الانتخابات.
وأشارت مصادر امنية إلى نجاح قوات من الشرطة والجيش في وقف القتال لفترة قصيرة، أمس الأول، لكن الاشتباكات سرعان ما تجددت في صباح اليوم التالي، متسببة بمقتل خمسة أشخاص على الأقل، ما أضطر قوات حفظ النظام إلى الانسحاب بسبب ضعف الإمكانات.
وبحسب مصادر محلية، فإن تجدد الاشتباكات جاء بعدما أغلق أبناء قبيلة الدابود الطرق الرئيسية في السيل الريفي، وذلك في محاولة لنصب الكمائن وأخذ الثأر لأنصارهم، الا ان قبيلة بني هلال اقتحمت جانب القرية المخصص لقبيلة الدابود، واشعلت النيران في منازلهم.
وشهدت المنطقة هدوءًا حذراً في ساعة متأخرة من ليل أمس، وذلك بعد انتشار قوات من الجيش في القرية، وإعلان فرض حظر التجوال.
وقالت مصادر امنية لـ«السفير» إن القوات المسلحة رفضت في البداية التدخل للفصل بين الطرفين، بعدما انتشرت رواية مفادها ان عبارات مسيئة للمشير السيسي شكلت الشرارة الأولى للأحداث، إلا ان مدير الأمن في أسوان اتصل مباشرة برئيس الحكومة ابراهيم محلب، وأبلغه أن الأجهزة الأمنية متواجدة هناك، لكنها لا تملك ما يكفي من المعدات والمدرعات للفصل بين القبيلتين، وهو ما يستلزم تحرّك القوات المسلحة والدفع بوحدات ومعدّات إضافية.
وعلى المستوى السياسي، اضطر رئيس مجلس االوزراء ابراهيم محلب ووزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم إلى السفر إلى أسوان، صباح امس الاول، لتفقد الوضع الامني.
وعقد محلب وابراهيم اجتماعات مع عدد من قيادات القبائل في محاولة لاحتواء الموقف، لكن كل هذه الاجتماعات فشلت بسبب تمسك كل من الطرفين بالثأر لانصاره.
واثناء محاولة رئيس الوزراء تفقد موقع الحادث قطع شباب بني هلال الطريق، ومنعوه من دخول القرية، ما اضطر قوات الأمن لإعادته إلى استراحة المحافظ، ومنها إلى المطار، حيث استقل الطائرة متوجهاً إلى القاهرة.
كذلك، فشلت كل الاجتماعات التي عقدها محافظ أسوان مع القيادات العسكرية والأمنية والنقابية والشعبية لاحتواء الاشتباكات، التي يتخوف كثيرون من احتمال اتساعها، في حال لم تسفر الوساطات عن مصالحة بين القبيلتين.
من جهته، قال وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم إن أجهزة الامن حددت بالفعل المتورطين والمتهمين في تلك الاشتباكات القبلية، لافتاً إلى ان التحريات والمعلومات تؤكد ضلوع أياد إخوانية في إشعال الموقف وتأجيج المشاعر بين القبيلتين عن طريق كتابة عبارات تنال من كرامة كل قبيلة على جدران المدارس.
بدوره، أكد المتحدث العسكري العقيد اركان حرب احمد محمد علي، في تدوينة قصيرة على موقع «فايسبوك» إنه «جار احتواء الأزمة بين قبيلتَي الهلالية والدابودية في أسوان بعد تدخل عناصر القوات المسلحة بالتعاون مع الأجهزة التنفيذية بالمحافظة وسط مؤشرات إلى تورط عناصر إخوانية في إشعال الفتنة بين القبيلتين» .
وتشتهر منطقة الصعيد في جنوب مصر بالخصومات الثأرية بين العائلات والقبائل. وهذه الحادثة ليست الاولى في المنطقة، حيث سبق أن اندلعت اشتباكات مماثلة قبل خمس سنوات، لكنها لم تشهد مثل هذا العدد من القتلى.
وينحدر أبناء الدابودية من قرية دابود، وهم من السكان الأصليين في محافظة أسوان، وقد تم تهجيرهم في أعقاب التعلية الأولى لخزان أسوان، فتوزعوا على مناطق عدة في المحافظة، مثل السيل الريفي، وعزبة الحدود، وعزبة الدابودية والشيخ فضل... وتعتبر الدابودية أكبر قبيلة من نوبيي الكنوز الذين يشتهرون بعزة النفس وعدم الرضوخ للحلول الوسط في النزاعات.
أما الهلايل فيعتبرون من أكبر القبائل العربية التي هاجرت إلى شمال أفريقيا في بداية القرن الحادي عشر الميلادي وهي الهجرة المعروفة في التراث الشعبي بتغريبة بني هلال وقد انتشروا في العديد من محافظات مصر، واكبر تجمعاتهم في أسوان وقنا.
مصطفى صلاح
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد