مسلسل باب الحارة.. مجتمع نمطي وتشويه تاريخي
لم يبق من مسلسل باب الحارة في جزئه السادس سوى اسمه فتبدل الأسلوب الإخراجي مع المخرج عزام فوق العادة خلفا للمخرج بسام الملا وتغيير الكاتب كمال مرة ومن قبله مروان قاووق بالكاتبين عثمان جحا وسليمان عبد العزيز أعطى للعمل رؤية جديدة أخرجته نوعا ما من قالبه المعروف وأعطته صورة جديدة أقل بهرجة من السابق.
وجاء غياب عدد من أبطال العمل واستبدالهم بفنانين آخرين كشخصية أبو حاتم التي أداها الفنان الراحل وفيق الزعيم وحل محله الفنان سليم صبري في هذا الجزء أو تم الغاء الشخصية تماما كشخصية أبو بشير التي أداها الفنان الراحل حسن دكاك وتغييب شخصيات دون أسباب واضحة كشخصية الخضري أبو مرزوق وإلغاء شخصيات وإحداث حارة الماوردي لتقتصر الأحداث على حارة الضبع وبيوتها التي تغيرت أيضا.
وعلى مستوى الحكاية لم تعد هناك إحداث تشويقية صغيرة في كل حلقة بل بات الكاتبان الجديدان للمسلسل يعتمدان خطوطا درامية أوسع وذات نفس أطول في توصيل المشاهد للحبكة ورغم محاولات الممثلين الذين بقوا من الأجزاء السابقة لرفع حس التشويق لدى المشاهد بأداء مبالغ فيه أحيانا كالفنانة هدى شعراوي بدور الداية ام زكي والفنان زهير رمضان بدور رئيس المخفر أبو جودت والفنان محمد خير جراح بدور أبو بدر إلا أن محاولاتهم لم تنجح في أغلب الأحيان في كسر الرتابة في النص.
كما أن الحبكة الاساسية للعمل لم تعد واضحة وسيرورة الأحداث تجري دونما نقاط ارتكاز درامية نحو هدف معين فبدا العمل وكأنه كتب دونما معرفة بالنهاية التي سيتم اغلاق هذا الجزء بها معتمدين في الغالب على وجود جزء سابع للعمل فكثرت الثرثرة والمشاهد المكررة على حساب بنية النص التي كان يجب أن تكون متماسكة أكثر من ذلك.
وحافظ باب الحارة على تكريس الصورة التي بدأها لأهالي الشام من رجال ونساء محدودي العلم والثقافة لا يعرفون سوى الثرثرة في حارة افتراضية خارج الزمان والمكان مع الإصرار على تغييب الجانب التنويري والمعرفي في المجتمع الدمشقي وسلخ هذه الحارة عن المجريات التاريخية بتبسيط كل شيء إلى حد السذاجة وتسخيف عقلية المشاهد.
وتأتي محاولة زج الشخصية العائدة لباب الحارة من سجون المحتل الفرنسي أبو عصام بعد أن غيب في الأجزاء الأخيرة نتيجة لوفاته ليكون له دور كبير في العمل الوطني التحرري إلى جانب الكتلة الوطنية المعروفة بأسمائها المشهورة لكل السوريين المطلعين على تاريخهم كتجريب من قبل الكاتبين لإضفاء سمة التوثيق على العمل متناسين أن مثل هذا العبث الدرامي إنما يعتبر لعبا في التاريخ وتشويها للحقائق وجريمة في حق ذاكرة جيل من الأطفال يشاهدون هذا العمل ويرون من خلاله صورة دمشق وتاريخ سورية في زمن مضى.
ومما يمكن أن يحسب لباب الحارة هو قدرته على التسويق السياحي لمدينة دمشق عبر التعريف بالمطبخ الشامي والبيوت القديمة وعادات وتقاليد اهل الشام في المأكل والملبس والحياة اليومية بتفاصيلها المحببة لدى كل من يطلع عليها إلى جانب اشكال المناسبات من أعراس وغيرها.
وبنظرة شاملة للعمل ككل من نسخته الأولى التي كتبها مروان قاووق ولم يتوقع هو نفسه نجاحها بالشكل الذي حصل عربيا وخاصة أن هذا العمل ليس الأهم من الناحية الفنية من بين كتابات قاووق ومرورا بكل الأجزاء يمكن أن نتبين مدى المشكلة التي وقع فيها القائمون على العمل فهم باتوا مطالبين بنسخ إضافية من باب الحارة كل مرة تحت ضغط النجاح الجماهيري ووجود الجهة المنتجة المستعدة دوما للإنتاج مع دراية الجميع أن هذا العمل ينقصه الكثير من النواحي الفنية ليكون الأهم في الدراما السورية.
محمد سمير طحان: سانا
التعليقات
إنه باب الحقارة الوهابية
إضافة تعليق جديد