محافظ السويداء يلتقي الجالية السورية في دبي.
دبي- فادي عزام: في طريق ذهابه وعودته من ماليزيا، توقف السيد " علي أحمد المنصورة " محافظ السويداء للقاء أبناء الجالية السورية في الإمارات، كسرا للصورة النمطية التي لازمت بعض المسؤولين السورين في لقاءتهم العامة، ليجد المغتربين السوريين في الإمارات على مختلف مشاربهم وأفكارهم، يجمعون فجأة على مجموعة من الآراء والانطباعات التي تخص مسؤول سوري من فئة محافظ .
فالرجل ليس من أبناء المحافظة كما هي العادة لهذا المنصب الرفيع في حيوات المحافظات السورية، لكنه يقرب أن يكون بدبلوماسيته ومعرفته العميقة بالأنساب والعائلات والأمثال والقصص الشعبية في السويداء بأنه واحد من أبناءها الأصلاء وبحنكة قل مثيلها وسعة صدر كبيرة استطاع الرجل أن يترك انطباعات عامة إيجابية تتراوح بين متحمس ملذوغ بالدهشة ، وحذر مدهوش بالخطاب المتوازن البعيد عن " سؤدد "الشعارات العمياء التي ما انفك الزائرون المهتمون بشؤون الجاليات السورية المتشظية في المغتربات يمحقون المغتربين بها.
فلأول مرة نسمع من مسؤول صاحب قرار الكثير من الإجابات وليس لدى جمع السائلين المزيد من أسئلة ؟
ولأول مرة يفاجأ المطلعون بمسؤول لديه من المعلومات والجد والرغبة في التغيير والمعرفة العميقة بأحوال العباد والجماد والشجر ويمتلك اللغة غير الحطبية التي عادة ما توقد أمام الجمهور فتشعل الجو وتطفئ الرغبة في مواجه الذات والحقائق.
ولأول يقف مسؤول لديه ثقة حقيقية بنفسه يستمدها ليس من هيبة منصبه و الظروف التاريخية وواقع المرحلة إنما من خبرته في واقع الحياة المعاشة، ورغبته في التغير والإشكاليات التي تواجه الإصلاح من الداخل المتمثلين في النمطين والبيروقراطيين والانتهازيين المتجذرين والتخلف الاجتماعي ومعطيات واقعية بحتة ويتقاطع مع الجمهور في الكثير من النقاط من موقع مسؤولية حقيقية قوامها عدم المزاودة باسم الشعارات البراقة، والدخول مباشرة في صميم المشاكل الحيوية التي تواجه التحديث والتغير في محافظته.
لنجده يردد أن معركتنا أولا هي معركة مع أنفسنا مع أنماط التفكير السائدة، مع السبات العميق، والرغبة بلا تغيير مع العصر المتسارع قدما بلا هوادة والفعل المتكلس الصدأ الموارب العاجز، المثقل بالطوابع والتواقيع مع الاسراف المنظم للزمان والمكان.
محافظ السويداء أثار دهشة الجالية السورية في الإمارات فعلا وخاصة أبناء محافظته. فهم لم يتوقعوا وجود مثل هذا النوع من العقل الاجتماعي الاقتصادي الدبلوماسي الحقيقي فهو لم يتوقف لحظة عن الاستماع والمحاججة وتسويق مدينته بخطاب متقن غير مُزاود بعيد عن اللا جدوى والفقاعات التي تصاحب المسؤولين دون أن يذكر مرة واحد كلمة " القيادة ترتأي" أو "القيادة تأخذ بعين الاعتبار" أو "هناك ظروف قاهرة " وأريحيته شجعت على البوح والاسئلة عن الكثير من المواضيع التي تهم من يفكر في الاستثمار والعوائق التي قد يجدها من استغلال المناصب، و مظاهرالفساد، والقوانين البالية،وأن المؤسسات الحكومية مثقلة بأكداس مكدسة من النمطيين والمزاودين فكانت ردوده صادقة صريحة مسؤولة فأصبح الحديث عن المظاهر السلبية مصاحبا للحلول زوالها.
وضع السيد "المنصورة "أبناء الجالية وخاصة أبناء محافظته أمام أنفسهم ودعاهم لمفهوم عمل جماعي ووعد بأن أي عمل غير فردي ويعود على الصالح العام سيكون شخصيا مساهما دون هوادة في إنجاحه، وأصرّعلى لقاء أكبر قدر ممكن من أفراد الجالية وسماعهم بنفس الحس والاهتمام، مستغلا كل لحظة في تسويق مدينته ومشاريعه وأفكاره مشجعا إياهم على العودة للاستثمار والمساهمة بواجبهم باتجاه مدينتهم وبلدهم.
مثل هكذا خطاب يجعل من عبارة "جون كنيدي " ترندح" في عقول أبناء الجالية السورية المستثمرين تحديدا -لا تسأل ماذا قدم الوطن لك ولكن اسأل ماذا قدمت للوطن- غير الشكوى والعتب وعدم الثقة المتناهية
كلام مختلف سُمع هنا في دبي من قبل مسؤول نشيط مؤمن بمدينته وناسها وسيبقى أبناء الجالية السورية هنا يتذكرون مسؤول من فئة محافظ لا يُضجر بأحاديثه ويستحق في أضعف الإيمان الإنصات.
إضافة تعليق جديد