ماما سوريا
.. وسوريا سفينة تبحر في الزمن وأمواج القدر تتلاطم على جانبيها. وجّهها ربانها وبحارته نحو مشرق الشمس بينما أراد فريق من ركابها الاتجاه نجو مغربها، فاختلف الفريقان واشتد النزاع بينهما: المتمردون طالبوا بالديمقراطية ونددوا بالاستبداد، بينما أعلن الربان عن برنامج للإصلاح الشامل ضمن جدول زمني مبتدئاً بإلغاء قوانين الطوارئ البحرية، واستمر في اتجاهه نحو مشرق الشمس، فأسقط في يد المتمردين بعدما سحبت الذرائع منهم، فرفعوا علم القراصنة وطالبوا الربان بالتنحي عن قيادة السفينة، واستنجدوا بأساطيل الغرب للتدخل لصالحهم، حيث بدأت البوارج أعمالها بإرسال ضفادعها البشرية ونشر مجساتها العنكبوتية حول "سوريا"، بينما تدخلت السفن الآسيوية إلى جانب القبطان وبحارته الأشاوس، لدى (هيئة القوانين البحرية) لعدم شرعنة الهجوم العسكري على "سوريا".. وكلما تقدمت السفينة "سوريا" في بحر الزمن كلما اشتد وطيس النزاع بين الفريقين وحلفائهما، فضرب المتمردون محرك السفينة ومطبخها وبحارتها وصيدليتها الإسعافية وامتد إرهابهم ليشمل بقية الركاب المحايدين بالإغتصاب والتهديد والإغتيال، يساندهم كوماندوس الأساطيل الغربية بالعمل على خرق قاع السفينة "سوريا"، وهنا خرج بقية المسافرين عن حيادهم إلى جانب طاقم الإبحار الرسمي، بغض النظر عن مواقفهم السياسية السابقة تجاه أسلوب القيادة، إذ وجدوا أن الحفاظ على سلامة السفينة أهم من شعارات الإسقاط والإصلاح وحتى أهم من اتجاهات البوصلة الأربعة، حيث غدت حربهم حرب وجود لا حرب اتجاهات وتوجهات، في الوقت الذي أخذت فيه العاصفة بالهبوب وراحت أمواج السياسة ترتفع وتنخفض من حول السفينة "سوريا" حتى غدا "المتوسط" مثل حوض حمام مليء بالماء والألعاب الحربية، يلهو بها طفل يريد إطفاء غريزة اللعب، غير مدرك أنه قد يغرق في شبر ماء إذا لم تخرجه أمه إلى حضنها الآمن..
نبيل صالح
التعليقات
أخي الصياد، فقط أردت أن أعلم أي نوع من الذهب أنت
Pagination
إضافة تعليق جديد