ليبـيا بين كفّتي الأمـن المنفلـت وتدهـور المعيشـة
حلّت الذكرى الاولى لـ«ثورة 17 فبراير» على الليبيين بمزيج من المشاعر المتناقضة بين محتفل بأول عام على بدء التمرد المسلح الذي أطاح حكم الزعيم الليبي السابق معمر القذافي وبين متخوّف من وجه ليبيا الجديدة، الميليشياوي بالدرجة الاولى، والذي إن دلّ على شيء فهو على ان «الثورة» ما زالت في مربّعها الاول.
لم يحجب احتفال حوالى 5 آلاف مواطن ليبي شاركوا بمسيرة انطلقت من أمام مبنى مديرية أمن مدينة بنغازي، أقصى جنوب المدينة، الى ساحة التحرير أمام محكمة شمال بنغازي، تجسيدا للشرارة التي أطلقها أهالي ضحايا مجزرة سجن بوسليم في مثل هذا اليوم من العام الماضي، هموم المستقبل الجمّة التي عبّر عنها المواطنون متحدثين عن الإهمال وتدهور المعيشة وخطر انتشار السلاح وغياب الامن.
أوقد الليبيون شعلة نارية كبيرة في بنغازي، شرقي ليبيا، خارجين بمسيرة قطعت مسافة حوالى عشرين كيلومترا، ونظمتها «جمعية قدامى الرياضيين الليبيين» بمشاركة عدد من الفرسان الشعبيين ورموز لثورة «17 فبراير».
وقال رئيس المجلس المحلي لبنغازي جمال بالنور «اليوم نسترجع ذكريات الثورة وروحها ونستذكر الأهداف والثوابت التي قامت من أجلها»، مضيفاً «في مثل هذا اليوم انطلقت ثورة 17 فبراير عندما تجمع أهالي ضحايا مجزرة سجن بوسليم أمام مديرية الأمن العام في بنغازي والتحم بهم الثوار الأبطال الأشاوس». وتابع «نحتفل لتبقى هذه الثورة فاعلة دائما في وجداننا وفي أنفسنا ولنؤكد للجميع أن الثوار على الدرب سائرون وأننا على أهداف هذه الثورة قائمون».
من جهته، قال القيادي في رابطة أهالي ضحايا مجزرة سجن بوسليم الحاج فؤاد بن عمران «انها ثورة شهداء بوسليم وثورة شهداء الوطن أجمعين .. علينا الآن بعدما تحقق وعد الله على هذه الأرض الطيبة ومن هذه المدينة العظيمة أن ننظر إلى بناء وطننا وأن ننظر الى ليبيا».
وفيما أكد نجل «شيخ الشهداء» عمر المختار، الحاج محمد، أن «جميع الليبيين هم عمر المختار»، تحدث محمد العبيدي، ابن شقيق قائد جيش التحرير الليبي الراحل الفريق عبد الفتاح يونس العبيدي عن «فرحة النصر بعد عام من المعاناة وما سبقها من 42 عاماً من الظلم والطغيان». لكنه رأى أن «فرحة النصر لم تكتمل بعد، فهناك جزء من أهداف الثورة لم يتحقق حتى الآن».
تصريحات النصر لم تتجلّ في انطباعات السكان غير المطمئنين للحقبة الجديدة. فالمشاكل الأمنية والاقتصادية الكثيرة، واستبسال المجلس الوطني الانتقالي لفرض سيطرته على البلاد الزاخرة بالأسلحة، ومحاولة ميليشيات مدججة بالسلاح أن تحول البلاد الى مناطق تابعة لها... كلها تحديات خطيرة يشعر بها المواطن الليبي في تفاصيل حياته اليومية.
ففي طرابلس، يقول المواطن منير يونس (32 عاما) ويعمل في مجال الشحن «أخاف من الخروج في وقت متأخر من الليل... هناك الكثير من المسلحين في الشوارع». ويتحدث سكان في طرابلس عن سرقة سيارات بالإكراه وعمليات سطو مسلح علاوة على عدة منازعات صغيرة تحولت الى اشتباكات بالأسلحة النارية في الأسابيع القليلة الماضية.
وفي بنغازي، يتزايد الشعور بالإحباط منذ تشرين الأول الماضي حين انتقل المجلس الوطني الانتقالي الى طرابلس بعد إعلان تحرير ليبيا. ويقول سكان إنهم يشعرون بأنهم منسيون، اذ يؤكد ابراهيم جبريل ان «بنغازي والجزء الشرقي من ليبيا يتعرضان للإهمال الآن أكثر من قبل... المجلس تخلى عن بنغازي».
وبالرغم من انخفاض أسعار السلع الغذائية الرئيسية التي تضخمت خلال الصراع، لا تزال عالية حتى الآن. وفيما تدعم الحكومة الكثير من المنتجات الغذائية علاوة على الوقود، يواجه كثيرون في ظل نقص الأموال وانخفاض الرواتب، أوضاعا معيشية صعبة. ويقول مصطفى المقريف وهو رجل أعمال متقاعد «ارتفعت الأسعار عموما والناس يشكون... الحصول على المال من البنك ليس منتظما. في جيبي شيك منذ أسبوع ولم أتمكن بعد من صرف الأموال».
كذلك، تشكو نساء ليبيات من التعرض للمضايقات. وذكرن أن إحدى المشكلات في ليبيا الجديدة التي يتمتع فيها الإسلاميون بحرية التعبير عن آرائهم، هي أن من يخترن عدم ارتداء الحجاب يتعرضن لانتقادات من غرباء في الشارع.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد