لندن لاتتجاوب سريعاً لإلغاء قوانين تسمح بملاحقة الضباط الإسرائيليين
فشلت الحكومة الإسرائيلية في مساعيها لإقناع الحكومة البريطانية بتغيير التشريعات التي تسمح بمقاضاة ساسة وضباط إسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب أو تعذيب. ومنذ شهور، تحاول إسرائيل الضغط على عدد من الحكومات الأوروبية التي تسمح قوانينها بالتقاضي وفق مبدأ العدالة العالمية على جرائم لا تخضع لقانون التقادم. ومن المعلوم أن محاكم بريطانيا وأسبانيا تشهد البحث في قضايا وأوامر اعتقال بحق عدد من الوزراء وكبار القادة العسكريين في إسرائيل.
وقد أبلغت الحكومة البريطانية إسرائيل، وفق صحيفة «معاريف»، أنه رغم التفهم للواقع الإشكالي الناشئ عن الدعاوى المرفوعة في بريطانيا، فإنها «لا تؤمن أن بالوسع تغيير القانون في الفترة القريبة». وقد جاء هذا رداً على مطالب رسمية إسرائيلية على أعلى مستوى بتغيير القوانين التي سهلت رفع الدعاوى ضد قادة إسرائيليين سياسيين وعسكريين حاليين وسابقين.
وكان آخر هذه الدعاوى قبل بضعة أسابيع، ضد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك الذي أفلت من الاعتقال فقط بعد إعلانه رسمياً «ضيفاً» على الحكومة البريطانية، وبعد إدراج وزير الدفاع ضمن من يحظون بالحصانة الدبلوماسية.
وأشارت «معاريف» إلى أن الحكومة البريطانية أبدت تفهمها للضائقة التي تعيشها إسرائيل جراء الدعاوى الكثيرة التي رفعت ضد مسؤوليها، ووعدت بتغيير التشريع لمنع حدوث موجة من الدعاوى ضد آخرين. ولكن يبدو أن مصاعب جمة تعترض الوفاء بهذه الوعود، مما حدا بالحكومة البريطانية إلى إبلاغ الإسرائيليين بصعوبة التغيير في وقت قريب.
واعتبرت «معاريف» أن الرسالة البريطانية تعني عملياً أنه في عام انتخابات، ليس هناك من يساعد في منع تقديم الدعاوى. فالرأي العام البريطاني يزداد عداء لإسرائيل، ولذلك، فإن الأحزاب هناك والمرشحين لا يرغبون في «إغضاب» الناخبين والظهور كأنصار لإسرائيل. وقالت إنه، كما يبدو، ستضطر إسرائيل لانتظار فترة ما بعد الانتخابات من أجل مواصلة الضغط لمنع الإدعاء القضائي ضد قادتها. وأشارت الصحيفة إلى أن الضباط والساسة السابقين سيضطرون لاتخاذ القرار بالمجازفة والتعرض للاعتقال، أم تجنب الدخول إلى أراضي المملكة المتحدة.
وكان نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الشؤون الاستراتيجية موشيه يعلون، قد أعلن مؤخراً أنه لا يعتبر عدم زيارة العواصم الأوروبية «خسارة كبيرة». ومعلوم أن يعلون وعدداً من كبار ضباط الجيش الإسرائيلي، بينهم وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز وقائدا سلاح الجو والجبهة الجنوبية السابقين الجنرالين دان حلوتس ودورون ألموغ، مطلوبون للاعتقال في بريطانيا في قضية مجزرة حي الزيتون في غزة. وقد وقعت هذه المجزرة في العام 2002 عندما استهدفت طائرة إسرائيلية حي الزيتون السكني بقنبلة بوزن طن من أجل اغتيال القيادي في حماس صلاح شحادة. وأودت هذه العملية بحياة 18 من الأبرياء وجرح العشرات وتدمير بيوتهم.
وفي الأسبوع الماضي، أثيرت ضجة حول زيارة نائب وزير الخارجية الإسرائيلية داني إيالون للعاصمة البريطانية، وترددت أنباء حول وجود مطالبات باعتقاله. وقد أبلغت السفارة الإسرائيلية أيالون بالحذر من احتمال اعتقاله بسبب «تقرير غولدستون» عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وكان أيالون قد وصل العاصمة البريطانية في إطار محاولات إقناع البريطانيين بتغيير تشريعاتهم بهذا الخصوص، مما جعله يشعر شخصياً بوطأة المخاوف التي تواجه كل مسؤول إسرائيلي يطأ أراضي المملكة المتحدة.
وفي كل الأحوال، فإن هناك الكثير من الدعاوى ضد إسرائيليين في بريطانيا، ولكن هذه الدعاوى، خلافاً لما حدث في أسبانيا، لم تبدأ فيها محاكمات فعلية. فقد قبلت محكمة أسبانية برئاسة القاضي فرناندو أندرو في مطلع العام الحالي، الدعوى ضد سبعة قادة إسرائيليين بينهم بنيامين بن أليعزر وموشيه يعلون ودان حلوتس وغيورا آيلاند والعميد مايك هرتسوغ. وكلف القاضي المحكمة بتشكيل لجنتين، واحدة لإبلاغ السلطات الإسرائيلية بأمر الدعوى، والثانية لجمع الشهادات من الفلسطينيين. وأخفقت مساعي إسرائيل في منع المحاكمة أو تغيير التشريع الأسباني الذي يسمح بقبول دعاوى كهذه.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد