لبنان: «التأليف» الحكومي يراوح مكانه..
ظل الجميع محافظاً على اللغة الإيجابية نفسها في التعامل مع موضوع تأليف الحكومة اللبنانية، لكن وقائع الاتصالات السياسية كانت تشي بتعقيدات جعلت أحد الرؤساء يختصر الموقف بالقول في جلسة خاصة إن الأمور «مكانك راوح.. حتى الآن».
ولعل العنصر الذي سيستجد اليوم، يتمثل في وصول الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الى بيروت في زيارة اجتماعية خاصة، تستمر حتى صباح الأحد، لكنه سيستغل فرصة وجوده من أجل القيام ببعض الاتصالات، من دون أن تبرز مؤشرات الى حلحلة ما في جدار أزمة توزيع الحقائب السيادية.
غير أن مصدراً دبلوماسياً عربياً في بيروت، قال إن مضمون اتفاق الدوحة هو توزيع الحقائب السيادية مناصفة بين الموالاة والمعارضة، على أن تعطى حقيبة الداخلية لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وأضاف أن الاتفاق لم يشر الى توزيع طائفي بل سياسي للحقائب، وهذا يفترض البحث عن مخارج مقبولة من الجميع.
وأشار المصدر الى أن وزارة العدل هي حقيبة سيادية وفق منطق التصنيف الذي يجري إسقاطه على وزارات المال والدفاع والخارجية والداخلية، ولذلك ينبغي أن يبادر أحد ما الى تثبيت هذه القاعدة، وبعد ذلك توزع الحقائب الأربع مناصفة، وسأل «ماذا يمنع أن يصار الى اعتماد القرعة بإشراف الجانب القطري أو الجامعة العربية من أجل حسم الأمور اذا أقر مبدأ الحقائب الخمس لا الأربع»؟
وتقاطع هذا الموقف الدبلوماسي العربي مع إجماع المعارضة، حسب مصادر قيادية بارزة فيها، على أن إسناد حقيبة الدفاع الى الياس المر «هو خرق فادح لاتفاق الدوحة بمعايير رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة، الذي يصر على المناصفة، ذلك أنه ليس صحيحا أن المر هو شخصية حيادية محسوبة على رئيس الجمهورية، بل هو جزء لا يتجزأ من قوى الرابع عشر من آذار، وبالتالي لا بد من حل هذه المشكلة وأن يتم التراجع عن إسناد الدفاع اليه، حتى يصار الى إعادة خلط الأوراق مجددا».
وفيما استمر التواصل لليوم الثالث على التوالي بين عين التينة وقريطم، وبين الرابية والسرايا الكبيرة، فإن العنصر الأبرز في الاتصالات، تمثل في استقبال رئيس المجلس النيابي نبيه بري للرئيس السنيورة، في عين التينة مساء أمس، حيث خرج الرئيس المكلف بعد خلوة استمرت ثلاثة أرباع الساعة متفائلا كعادته، مؤكدا «اننا سائرون في الطريق الصحيح»، ومجددا القول إنه لن يلتزم «بموعد محدد، لكنني على ثقة بأن هناك تقدماً كل يوم بهذا الصدد».
ورفض السنيورة الإجابة عن أي سؤال وقال للصحافيين «أنا والرئيس بري متفاهمان على التقدم الجاري في هذا الشأن».
وأكدت مصادر متابعة أن اللقاء بين بري والسنيورة كان جيدا، وأكد خلاله رئيس الحكومة المكلف جديته في إنجاز الصيغة الحكومية خلال وقت قريب، فيما شدد بري على ضرورة تشكيل الحكومة سريعا وقبل نهاية هذا الأسبوع اذا أمكن، وقال إن لا مصلحة أبداً في أن يطول الأمر أبعد من ذلك.
وتابعت المصادر أنه لم يُسجّل أي اختراق نوعي حتى الآن، ولكن الأجواء والنوايا إيجابية من الطرفين، والتواصل قائم في كل الاتجاهات من أجل إيجاد مخارج للعقد.
ولاحظ المراقبون أن دخول النائب سعد الحريري في الساعات الثماني والأربعين الماضية على خط الاتصالات «يشكل عنصر دفع باتجاه تسهيل ولادة الحكومة».
وفيما ظلت قضية الحقائب السيادية أسيرة الإصرار المتبادل من هنا وهناك، علمت «السفير» أن الجانب القطري ظل على السمع، ولكنه لم يقرر طبيعة تدخله قبل أن يطلب منه الجميع ذلك.
وفي حين كانت مصادر في السرايا الكبيرة تجدد القول إنها منفتحة على الجميع، وإنها تنتظر جواباً واضحاً من العماد ميشال عون على الاقتراح الذي تضمن سلتين (سلة المالية وسلة الخارجية)، فإن أوساط العماد عون استغربت هذا الإصرار المتعمد على القول إن السنيورة ينتظر جواب عون «بينما الحقيقة هي أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح، رد على العرض الجزئي الذي تلقاه من الدكتور محمد شطح موفد رئيس الحكومة بالقول له «نحن نريد عرضا متكاملا للمعارضة لا للتكتل وحده»، وبالتالي ليس صحيحا أنهم ينتظرون أجوبة بل نحن ننتظر عرضا متكاملا يقضي بدمج السلتين في سلة واحدة ولكنه لم يصلنا بعد».
وأكد مصدر قيادي في المعارضة أن المعارضة متفقة على الموقف من توزير الياس المر، «فنحن لا نضع «فيتو» على توزيره، ولكننا نرفض إسناد الدفاع إليه بوصفه وزيراً محايداً، واذا كان رئيس الجمهورية يرغب بإسناد حقيبة إليه، فليكن، ولكن ليس على حساب الحقائب السيادية».
وردت مصادر في الموالاة بالقول إن المعارضة تحاول الانقلاب على اتفاق الدوحة عبر رفض إسناد حقيبة الدفاع للمر «ويبدو أنهم يريدون دفع الأمور باتجاه التعطيل والتأخير في انتظار نتائج زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الى طهران (في 16 الجاري) للإيحاء بأن الحل يأتي بعد اللقاء مباشرة».
أضافت المصادر أن العماد عون «ربما يدفع الأمور من أجل عدم المشاركة في الحكومة نهائيا، وبالتالي حشر حلفائه الذين لن يكون بمقدورهم الدخول الى حكومة سيبقى هو خارجها، ما يؤدي تلقائيا الى إضعاف العهد الجديد قبل أن ينطلق...».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد