كيف تصبح ثرياً

لا "يزخرف" ماضيه، ولا يدّعي انه انهى خلافه معه.
لا ينفي أنه بدّد ملايين الدولارات على المخدرات والكحول والنساء.
يعترف انه مستعد ليقدم ثروته لمن يستطيع ان يعيد اليه ايام الصبا، "ليحذف" بعض المقاطع من "قصته الملبدة" بغيوم الملذات وحب المال. آه، المال. طبعاً المال.
في كتابه الأخير "كيف تصبح ثرياً"، يقدم فيليكس دنيس، الناشر البريطاني الفاحش الثراء، وصفته لجمع المال.
يعود الى بداياته ويروي كيف بنى "امبراطوريته" في عالم النشر. تلك الامبراطورية التي سلبت منه أجمل 40 سنة من حياته.
يقول للذين يعتقدون ان المال هو الطريق الوحيد الذي يوصل الإنسان الى السعادة: "تريدون ان تعرفوا كيف اصبحت من أغنياء بريطانيا؟ حسناً استعدوا: ثقوا بحدسكم وتجاهلوا النصائح التي تدفعكم الى التعقل وتبعدكم عن المجازفة والمغامرة".
الناشر فيليكس دنيس يحض رجال الأعمال اليافعين على التصرف مع المال بجرأة. يطلب منهم ان يجازفوا بالملايين وألا يخشوا الفشل.
أين المشكلة إذا خسروا مليون دولار من هنا وآخر من هناك؟ يؤمن هذا الرجل الذي لا أولاد له ولا زوجة، ان الخوف من الفشل من الأمور التي تشل حركة الانسان.
مغامراته لا تعدّ ولا تحصى، ولكل مغامرة درس استخلصه منها، ولن ينساه، ولهذا يشجع الحالم بالمال على ان يبحث عن الدرس خلف الفشل.
اربعون سنة من النجاح والخبرة ولا يزال دنيس يتصرف بتهور مع المال.
مؤسساته التجارية ناجحة، وقدرته على جمع المال أسطورية، ولكن متعته الحقيقية تبقى في كتابة الشعر الذي استحوذ على اهتمامه منذ عام 2000.
لا يعرف لماذا سيطرت عليه المخدرات سنوات عدة، ولكنه يندم على هذا الوقت الضائع الذي كان في امكانه أن يمضيه في كتابة الشعر.
السعادة؟ لم يعرفها الا لحظات قليلة.
يملك منازل عدة، وطائرات خاصة، ولوحات عالمية، ومكتبة كبيرة تضم كتباً تاريخية في طبعتها الأولى، ولكنه عاجز عن الشعور بالرضا.
يغضبه البخل ويقدم مبالغ طائلة للأصدقاء والجمعيات الخيرية.
حيويته "غير قابلة للتصديق" ويؤمن ان الذين يعجزون عن الحصول على المال هم أشخاص لا يتصرفون مع الآخرين بلطف وتهذيب ولطف. ولكن لا تظنن ان فيليكس دنيس ملاك، لأنه يؤكد انه قادر على تدمير الخصم كلياً والى دفعه الى الإفلاس إذا تمكن بهذه الطريقة من كسب المزيد من المال: "لن أكون سعيداً لأنني تصرفت على هذا النحو، ولكنني لن اتردد لحظة في ايصاله الى محطته الأخيرة من أجل كسب المال".
روح الجماعة؟ ينتقدها بشدة. ففي عالم المال، لا وجود لروح الجماعة، بحسب الرجل الذي يكتب بشفافية ويشاطر القارئ كل أخطائه في التجارة.
الفردية تحكم وتحاكم الساذج الذي "يلتصق" بالآخرين خوفاً من ان ينقلبوا ضده. من الأسباب التي ربما دفعت البعض الى الابتعاد عن الشهرة والنجاح، الخوف من ان تنفضح أسرارهم.
دنيس يقول ان من يخشى ان يفشي الاعلام أسراره لا يستحق ان يكون ثرياً.
لا مكان للحظ في عالم النجاح، اذ ان العمل والجهد والتضحية من التفاصيل الأساسية التي لا بد من توسلها لكسب المال.
شعاره بسيط: تريدون المال؟ إذاً لا تستسلموا.
تبحثون عن الأضواء؟ إذاً تخطوا خوفكم من الفشل ، لأنكم ستخفقون احياناً إخفاقاً تاماً.
تريدون ان يقترن اسمكم بالثراء؟ إذاً الإيمان بالذات هو سلاحكم.
لكن السعادة، بحسب الرجل الذي يملك كل شيء، لن تجد طريقها اليكم فقط لأنكم اصبحتم اثرياء، واعلموا ان "الجليد" يسكن قلب كل رجل جنى الثروات.

هنادي الديري

المصدر: النهار