كلود ليفي شتراوس:الشاعر في المختبر

07-12-2011

كلود ليفي شتراوس:الشاعر في المختبر

شكلت دراسة البنيوية في فرنسا، هاجساً صعباً عندي، وخاصة أنها كانت مقررة في مناهج دراستي لتخطي امتحان الدراسات العليا.. ورغم صعوبتها، فقد تعرفت من خلالها على أفكار كلود ليفي شتراوس فيها، وقد التقى بزعيم الألسنيات البنيوية الحديثة رومان جاكسون، حيث غيّر هذا اللقاء مجرى حياته، كما اعترف هو فيما بعد..

كيف لايمكنك أن تعجب بكلود ليفي شتراوس، الشاعر في المختبر؟ ‏

فإغراء الانثربولوجيا /علم الإنسان/ الرائد لايقاوم، فأنت عندما تقرأ كلمات افتتاح كتابه الأول (المدارات الحزينة) تقرأ: أنا أكره الرحلات والاستكشاف.. مع أن الكثير من كتاباته بنيت على خرائط ومخططات المفاهيم التي أدت لاستكشاف العناصر الأساسية للثقافة، وفي محاولة لتفسير الأساطير المختلفة مثل قصة أوديب، والأساطير اليونانية، عين الموضوعات الرئيسة والأحداث لاستكشاف العلاقات والقيم داخلها. ‏

مسيرة شتراوس في علم الإنسان، أخذت نصف حياته، إن لم يكن حياته كلها بالمجمل، وعندما سألت مجلة فرنسية مؤثرة ستمئة مثقف فرنسي، عمن كان الأول في ذلك، فكان الربح من نصيب شتراوس على فوكولت، وبارنز، ولاكان، وكان تأثيره عميقاً جداً. ‏

فكتابه (المدارات الحزينة) – بحسب مااستعرضه باتريك ويلكن في الغارديان الأسبوع الماضي- كان الكتاب الأول الذي يصف علاقة شخصية الباحث وتأثيرها على البحث، وكان –برأي الكاتبة- قد تجنب بعض التصريحات مثل: «أول شيء نراه ونحن في السفر حول العالم القذارة الخاصة بنا، وهي تلقى في وجة البشرية». ‏

بحث موضوع العنصرية في كتابه (سباق التاريخ) وقد سئل من قبل منظمة اليونسكو عن تكرار هذا الموضوع، فأجاب: إنه مستاء من المنظمة التي تتساءل عما إذا كان الكفاح ضد العنصرية لم تكن له مساهمة ببعض الأساليب في نوع من الانحطاط الثقافي.. كان لاعنصرياً، وذلك بالطريقة التي يفهم بها المصطلح هذه الأيام، وكان أكثر من يحيي الاختلاف. ‏

الشاعر في المختبر في الواقع، كان فيه رجلاً لايشعر بالراحة في وصف علم الإنسان كعلم، وقد ذكر مرة قوله: «لقد نسيت ماكتبته خاصة بعدما أنهيته، ومن المحتمل أن يكون هناك بعض المتاعب في ذلك». ‏

قال عنه رومان: «إنه وجد أن الأساطير كانت وسيلة لرواية القصص مثل الحياة والموت» أظهر للعالم أنك تستطيع أن تكون عظيماً، وعالم بحث اجتماعي مع روح شاعر.. ‏

أفكار ليفي شتراوس حقاً جلبت إلى الواجهة كيفية تبادل الأفكار المعرفية بين الناس لصنع المعايير الثقافية، وقد انتقد جان بول سارتر، فكرته أن الناس أحرار في أن يفعلوا أي شيء يريدونه، لأن هذه الحرية خارج سيطرة الفرد. ‏

ليفي شتراوس -على قول أحد العلماء- اعتقد أنه كان لايقدر أهمية نفسه.. وأفكاره على قول بسكوت طومون الأساسية بالنسبة لنا قادرة على إعادة بناء أي جزء من ماضي الإنسان أو تجربته الثقافية.. عاش قرناً كاملاً، وكان كتابه (المدارات الحزينة) أهم أعمال القرن العشرين. ‏

د.رغداء مارديني

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...