كتابات المؤلف مراهقاً.. أميركا ترومان كابوت
قد لا يكون الكاتب الأميركي ترومان كابوت على شهرة واسعة في العالم العربي عبر كتاباته، بل من الممكن أن يكون "حاضرا" عبر السينما التي قدمته إلينا أكثر من غيرها. لا بدّ من أن هناك من يتذكر الفيلم الشهير "فطور صباحي عند تيفاني" الذي قامت ببطولته أودري هيبورن في ستينيات القرن الماضي، والذي كان مقتبسا عن واحدة من أفضل رواياته. وربما نتذكر الممثل الأميركي فيليب سايمور هوفمان (الذي رحل في بداية العام الحالي) الذي جسّد سيرة الكاتب على الشاشة، وقد استحق على دوره هذا العديد من الجوائز لعل "أقلّها" "الغولدن غلوب" و"الأوسكار" كأفضل ممثل عن فيلم "كابوت" (2006).
في أي حال، لا يمنع ذلك من أن يبقى كابوت، بعد ثلاثين سنة من غيابه (1984) واحدا من كبار كتّاب الولايات المتحدة في العصر الحديث، وواحدا من كبار "أسلوبييها" إذ عُرف عنه "نحته" الكبير في الكتابة، فهو لم يتوقف يوما عن القول إن الكتابة هي أسلوب قبل أي شيء آخر (وعلى قوله: ذات يوم، ستصبح أعمالي بالنسبة إلى الولايات المتحدة شبيهة بكتابات بروست بالنسبة إلى فرنسا). من هنا، لا يزال يثير الكثير من الأصداء والحضور في المشهد الثقافي في العالم بأسره. فكتبه المتعددة والمتنوعة من روايات وأقاصيص وتحقيقات وسير وأدب رحلات ومسرح الخ.. لا تزال تجد قراء. هل لهذا، نجد أنه في كل فترة تعود دور النشر لتتذكره وهو الذي لم يغب أبدا، عبر إعادة إصدار الكثير من أعماله الماضية، كما صدور بعض الكتب الجديدة عنه.
يعود كابوت ليصنع الحدث الثقافي منذ أيام في الولايات المتحدة، إذ وفق خبر نشرته "النيويورك تايمز"، هناك أقاصيص وقصائد غير منشورة لكابوت ستبدأ بالصدور من الآن ولغاية العام 2015، عن دار "راندوم هاوس" وهي الدار التي أصدرت كل أعمال الكاتب الراحل. لكن ما هي قصة هذه الأعمال التي ظهرت فجأة إلى النور؟
تقول الحكاية إن ناشرا سويسريا كان يبحث عن فصول من رواية Answered Prayers وهي رواية غير مكتملة نُشرت بعد رحيل كابوت. والسبب في هذا البحث، ما قاله الكاتب الأميركي، قبل رحيله، لبعض المقربين منه إنه ترك في مكان ما المخطوط الكامل من روايته هذه. وفي تنويع آخر، قال لإحدى صديقاته إنه وضع رزمة في إحدى خزائن محطات القطار، معطيا إياها مفتاحا. بينما في تنويع ثالث للقصة، أخبر كابوت صديقة ثالثة إن النص الكامل موجود في خزنة إحدى المصارف. بيد أن الناشر السويسري وخلال بحثه اكتشف أوراقا في أرشيف مكتبة نيويورك. أوراق تعود إلى ما بين الحادية عشرة والتاسعة عشرة من عمر كابوت. صحيح أن بعض هذه الأقاصيص نُشرت بالألمانية في ZEITmagazin أو في المجلة المدرسية حين كان طالبا، إلا أن غالبية النصوص بقيت غير منشورة وهي موجودة في بعض الكراريس.
هذه الكتابات كلها، ستصدر إذًا قبل كانون الأول من العام 2015، وفق ديفيد إيبرشوف، وهو الذي أشرف على نشر كل الأعمال العائدة لكابوت بعد وفاته، وأضاف في تصريحه للنيويورك تايمز أن هذه الكتابات الشابة تملك خميرة ذاك "الصوت" الذي تميز به صاحبه. ويضيف: "إن هذه المخطوطات، بكل ما تحمله من تصحيحات (بخط الكاتب) على الهامش، تبدو مدهشة. إذ يمكن أن نرى فيها عبقريا صغيرا يعمل. ولا أستعمل هذه الكلمة بخفة، إذ إنها تظهر موهبة كابوت ورؤيته للعالم اللتين تشكلتا باكرا".
في انتظار أن تبدأ هذه الأوراق بالصدور، ثمة "كابوت مانيا" تجتاح الكل اليوم.. يكفي أن نقرأ حماسة الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية التي تناولت الخبر.. عسى أن لا يكون ترومان كابوت يضحك على ذلك من مكانه.. هناك.
اسكندر حبش
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد