قصيدة : (سوري ـ فرينيا)
الجمل ـ عصام التكروري:
إنَّه السّوري
ذاكَ
الصامتُ عن وجعٍ،
الراضي بنذالةِ ذوي القُربى
على نظرة عطفٍ في عين الغريبْ،
الابن الشرعي لسبعةِ آلافِ عامٍ
من تلاقحِ الدمِ بالياسمين،
***
إنَّه السّوري
ذاكَ مَن
رفعَ الآلهةَ حتى قاسيون
و دحرجها رنيناً في جيوبِ التجارِ
ووشماً على جبينِ ساسةٍ و أولياء
و دمعةً خاشعةً سَفحها عند مقام الشيخ محي الدين
يومَ تراكمتْ الجُثثْ
و عزّ الغفرانْ
***
إنَّه السّوري،
سبيكةُ من مقاماتٍ و مجازر،
نصيرُ الطُغاة كما الفاتحين،
عظَامُه ...عُصي الأنبياء،
جلدُه ... راياتُ الرّدة،
بيدٍ .. دقَّ الكُحل لعيون شام
و بالأخرى .. شحذ لها المخارز
***
إنَّه السوري،
انسكابُ القسوةَ في شَرايين الحنانْ
العناقُ الحرامُ للنرجسِ مع السنديانْ،
نسجَ المؤامرات قبلَ أنْ يصنعَ النولَ اليدوي،
كتبَ بالسيفِ قبلَ أنْ يُطيّعَ الأبجديّة،
و كلّما ناحتْ قُربه يمامة
بكى بنفسجاً ضلّ دربَ الربيع
***
إنَّه السوري
بركانُ المُتناقضات
هَامَ عشقاً ببردى...
فأرداهُ جثة،
تيَّمتهُ دمشق...
فحرّمَ دمَ يمامها ...
و شرّع شُرفاتها على احتمالات التوابيت
***
إنَّه السوري
إنْ جاعَ...أطاعَ
أو انتمى إلى " قَضاعة"،
و إنْ اكتفى دَاعبَ حبقاً
أو ارتجلَ انقلابا،
و إنْ صفى استودعَ الفِتن عباءاتَ القديسين
أو استنبتَ من وداعةِ المسيحِ
رماحَ شررْ
***
إنه السّوري
و إنهم تلاميذُ المدارس يتساءلون منذ سبعٍ عجافٍ:
" فمنَّا الوليدُ و منّا الرشيد فلم لا نسودُ و لم لا نُشيدْ ؟ "،
و يكونُ الجواب:
قذيفةُ هاون
أو انكسارُ جدةٍ حضرتْ لتصطحبَ حفيدها إلى جنازةِ أبيه.
***
إنه السّوري
و أنهم العَلمانيون ... في دمِهم
تسبحُ أغاني فيروزْ
و خُطًبُ الشيخ البوطي،
إنه السّوري
و أنهم الشيوعيون... تحتَ معاطفهم
يغفو كتابُ " رأس المال"
و حجابُ "الحِصن الحصين"،
إنه السّوري
و إنها مواويلَ القصبِ
تغني لخَنَاجر الإخوة أنشودةَ النزفِ
و تُحيكُ لحناجرهمْ أنشوطةَ الغيابْ
***
إنَّه السّوري
و إنَّها دمشق
حيثُ خسرَ "شارع الثورة"
كل دعاوي الإخلاء ضدَ "سوقِ الحرامية"،
حيث يستقبلُ "يوحنا المعمدان" حَمَامَ "كنيسة الصليب" في فناء بيته:
"الجامعِ الأموي"
و حيثُ يستمرُ التاريخُ بملء الفراغِ النبيلِ للراحلين:
تلاوة ذكرياتهمْ على فيء النارنج
أو بحضرةِ ليمونةٍ شاردة ...
فيغرورق المكانُ بعشبٍ يسدُّ دربَ الغزالْ.
***
و إنها دمشقَ :
قلبٌ موقوتٌ بالياقوتْ،
حَدْسُ الحَدَأة المعطوبِ لدى ضحايا القنصْ،
قيثارةٌ... معلَّقةً على شجرِ الدخانْ ،
مهرةٌ... تركضُ في سنابكها روُحنا،
غزالةٌ...تنثرُ نجوماً مشغولةً بالنسيان اليدوي
لتؤنسَ وحشةَ أبناءها
الذينَ صعدوا للسماءِ
ساعةَ انحدرَ الحقدُ من أعالي الذئاب،
و أولمَ سبعاً من دمٍ و مَسغبة.
إضافة تعليق جديد