في حمص.. ذبح عشوائي ومسالخ سرية بلا رقابة
كانت الذبائح من «أغنام وأبقار» قبل الأزمة تذبح فقط في المسلخ البلدي ضمن شروط صحية معينة ويمنع منعاً باتاً ذبحها خارج المسلخ تحت طائلة المسؤولية والملاحقة القانونية، وتمهر الذبائح بختم، فيطمئن المواطن بأنها ذبحت بطريقة مشروعة وسليمة وصحية وتحت رقابة الجهات المختصة، الأمر الذي كان يسهم في الحفاظ على البيئة وتحقيق بيئة نظيفة فضلاً عن أن هذه العملية كانت تظهر المدينة بشكلها الحضاري.
أما وبعد أن أرخت الأزمة بذيولها ودمرت يد الإرهاب ما دمرته وخربت ما خربته وخرج المسلخ البلدي في حمص عن الخدمة انتشرت في أنحاء المدينة ظاهرة الذبح بطريقة عشوائية حيث لا ضابط لها ولا ناظم «كلٌ يذبح بالطريقة التي يراها مناسبة وفي أي مكان «أماكن سرية» بغض النظر عن الضرر الذي سيلحق بالبيئة وبالصحة.
ويتساءل المواطنون: أين دور الجهات المعنية؟ وهل هناك إجراءات متخذة بحق كل من يقوم بهذا العمل، وما الحلول البديلة؟ فقد كان يفترض أن يقوم كل من يهمه الأمر باتخاذ خطوات حثيثة وسريعة لإيجاد بديل من المسلخ البلدي لحل هذه المشكلة التي تتفاقم يوماً بعد يوم وخاصة بعد عودة الأمن والاستقرار لجميع أحياء حمص.
وبعد جولة ميدانية في بعض أنحاء المدينة ورصد هذه الظاهرة بكل جوانبها حملنا كل هذه التساؤلات والمشاهدات ونقلناها إلى رئيس مجلس مدينة حمص المهندس ناظم طيارة الذي أفادنا قائلاً: لقد قمنا مع رئيس الدائرة الصحية وجهات أخرى بجولة ميدانية على المسلخ البلدي وتمت معاينة الموقع والأضرار التي وقعت عليه بسبب الإرهاب، وتم تشكيل لجنة فنية قدرت الأضرار وبلغت نحو 15 مليون ليرة سورية وتمت مراسلة وزارة الإدارة المحلية لتأمين المبلغ المطلوب، مشيراً إلى أنه تم إصلاح بعض التجهيزات الضرورية الإسعافية «كالمضخات والغاطسات والتمديدات الكهربائية والمولدة الكهربائية وبعض الشوايات» وتمت مراسلة الجهات المعنية من أجل استكمال هذه الإجراءات الإسعافية التي تفيد بالإقلاع بالعمل بالسرعة القصوى في المسلخ، كاشفاً أنه لا يمكن إعادة تأهيل المسلخ البلدي بشكل كامل ما لم يتم تأمين الحاجة من الأموال من صندوق التعويض عن الأضرار باعتبارها أضراراً ناجمة عن الإرهاب ولا يكفي الموافقة على الكشف المالي المقدر لإعادة التأهيل وإنما تحويل المال اللازم.
وأضاف: إنه بإعادة تأهيل المسلخ البلدي وعودته للعمل سيتم ضبط كل المخالفات التي ترتكب وسيتم إلزام أصحاب المحال باستخراج بطاقات صحية للعمال وحصولهم على سجل دفتر زيارة.
وتابع المهندس طيارة حديثه: إن هناك ستة أماكن يتم فيها الذبح «الأغنام والأبقار» وهي عبارة عن مخازن أو بيوت عربية وتقوم مديرية الشؤون الصحية بجولات دورية عليها وتتم مراقبة عمليات الذبح فيها ولا تمهر تلك الذبائح بأي ختم!.
وحين سألناه عن السبب أنه من دون ختم وخاصة أن هناك (بالتأكيد) مذابح سرية لا تستطيع المديرية الوصول إليها أو قد لا تعلم بها؟ فأجاب لا تختم الذبيحة إلا إذا ذبحت في المسلخ (وهنا يجد من يقوم بالذبح بشكل سري- والكلام للمحرر-) فرصة مواتية ومناسبة لذبح الذبائح بشكل غير شرعي، فلا بد من الختم لأنه يضمن أن عملية الذبح مراقبة وتحت إشراف صحي.
وعن سؤالنا عن اللحوم الفاسدة أجاب طيارة إنه تتم مراقبة بيع اللحوم في محال «القصابة» في أرجاء المدينة كافة ولم يتم لحظ وجود لحوم فاسدة.
وعن الإجراءات التي تم اتخاذها للحد من انتشار هذه الظاهرة أفاد طيارة : إنه تم مؤخراً تشكيل لجنة من قبل المحافظ مع مديرية الصحة ومديرية التجارة الداخلية ومجلس مدينة حمص ومديرية البيئة لمراقبة عمليات الذبح العشوائي وقد بدأت تلك اللجنة بجولات على أماكن الذبح والمحال في محاولة لضبط هذه الظاهرة والحد من انتشارها، مشيراً إلى أنه تم توجيه 60 إنذاراً مع مخالفة لجمع نوعين من اللحوم كما تم توجيه إنذارات لجميع القصابين بعدم بيع اللحوم المثلجة مع أي نوع آخر.
ورداً على سؤالنا المتعلق بإيجاد مسلخ بديل للمسلخ البلدي أجاب: تم الإعلان أكثر من مرة من أجل استثمار مسلخ وقد تقدم أحد المواطنين إلا أنه لم يحقق الشروط الفنية.
وعلى ما يبدو ستبقى ظاهرة الذبح العشوائي في جميع أنحاء مدينة حمص باقية ما دام المسلخ البلدي في ذمة الأموال التي ستأتي ولم تصل حتى الآن والخوف من ألا تصل. ويبقى السؤال إعادة تأهيل المسلخ البلدي في ذمة من؟
نبال إبراهيم
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد