فن التواصل الحواري: العصا الناطقة (شيروكي)
د. عماد فوزي شُعيبي :
من المؤكد أن غالبية الناس لديها عطب في الاستماع والتفهّم. وهذا ما يبدو لنا من خلال الدراسات التاريخية التي تؤكد أن البشر منذ زمن طويل قد عانوا من أنهم لا يسمعون بعضهم. ولكنّ قلّة منهم قد ابتكروا طرقاً للاستماع.
و المفاجيء أن الهنود الحمر قد ابتكروا طريقة مهمة وهي طريقة العصا الناطقة. التي تسمح بتفريغ رغبة من يتكلّم بالكلام، وحقه في أن يعرض وجهة نظره حتى النهاية وأن يشرح حتى يفهم الآخرون ما يقصد. وواجب من يستمع أن يسمع ويتفهّم ويفهم!
الطريقة تقوم على أن يحمل المُتكلّم العصا الناطقة، ويتكلم دون أن يقاطعه أحد حتى يتأكد من أن من سمعه قد فهم عليه. لكن لهذه العصا ميزات تدلّ عليها صنعتها:
فهي عصاةٌ:
1. معقود عليها ريشة نسر وتعني أن من حق المتكلم أن يتكلم بصراحة وقوة ولكن ... مع الحكمة.
2. في أسفلها أيّ في قاع كلماته فروة أرنب لتذكّره بأن عليه أن يتكلم برقةٍ و ودٍّ من قلبه
3. ملصوق عليها حجر أزرق ليُذكِّره بأن (الروح العظيمة) تسمع ما يدور في قلبه وما يقوله وبالتالي فإن عليه ألا يكون بوجهين أو متناقضاً مع نفسه أو مرائياً.
4. مثبّت عليها صدفة تتغير ألوانها لتُذكِّره بأن الحياة البشرية متنوعة ومتلونة. وأن الحياة نفسها كما فيها كلّ الفصول، فيها أيضاً كل أنواع البشر وتنوعات فهمهم بل -ربما- وتنوع قدرات ذكائهم وأمانتهم لما يُقال.
لقد أدرك هؤلاء البدائيون أن تداخل الأصوات overlapping عندما يتكلم الجميع بنفس الوقت لا يصلح للإدراك، وخصوصاً عند الرجال الذي لا يستطيع المخ لديهم على العمل على التوازي وبهذا الشكل المُتداخل، فابتكروا هذه الطريقة.
وبعيداً من عصا شيروكي الناطقة هذه، نحن مع التدريب الذاتي على الاستماع حتى يتحقق الفهم. ولكن بنفس الوقت مع تدريب المتكلّم على الكلام بحيث ينتبه للتالي:
1. أن ليس عليه تفريغ عقده الطفلية التي منعته من الكلام بحيث يتكلم ولا يتوقف. فالآخرون ليسوا مفرغةً لعقدة ( أزمة الحكي) لديه
2. أن عليه ألاّ يحشو جُمَلَه بطاقةٍ انفعاليّة سلبية (كالشتم والحقد و السلبية و التحريض والكذب....) والمهم جداً عدم احتقار الآخرين؛ فالأمانة تقتضي عدم إيذاء الآخرين...
3. أن عليه أن يختصر ويُكثف ويوضّح ما يقصد حرصاً على وقت الآخرين وعلى درجات فهمهم، والأهم أن يكون قادراً في كلامه على أن يجيب على الأسئلة قبل طرحها !
4. أن لايكون متناقضاً مع نفسه وأميناً مع الآخرين
5. ألا يعتبر نفسه مالك الحقيقة الأوحد.
6. أن يكون ما يعرض كما قلنا مُكثفاً واضحاً كي يستمع لوجهة نظرهم فالحوار إغناء للأفكار و المسار في الأفكار يكون جيئة وذهاباً وليس إرسالاً بلا استقبال.
7. في اللحظة التي تجد نفسك فيها مُنفعلاً انتبه إلى طبقة صوتك حتى لا تقل انفعالك، واعتذر إن فعلت، فالبشر ليسوا [مصرفاً] لانفعالاتك. وإن لم تستطع ضبط انفعالك توقف عن الكلام. وحاول ضبط ما ينتج عن هرموناتك المرتفعة. خذ نفساً عميقاً لعشر مرات و ازفره ببطء أثناء الاستراحة. فأنت لست وحدك في الحياة.
بعض البشر من النوع العجول هؤلاء لايسمعون. يحتاجون إلى التدرّب بأمانة على الاستماع فهم يفقدون الكثير في الحياة.
إضافة تعليق جديد