عاصمة الرشيد تحت رحمة الجوع والعطش
يكاد أسبوع يكتمل على عملية «صولة الفرسان» التي انطلقت ضد «جيش المهدي» التابع للتيار الصدري في البصرة، لتطيح شظاياها مختلف مدن الجنوب وأحياء بغداد، حيث فرض فجأة حظر تجول شامل، ما أدى إلى تدهور الاوضاع الانسانية للمدنيين في هذه المناطق مع نفاد المؤن الغذائية والطبية ومياه الشفة.
وسيراً على الإقدام، خرج العراقيون أمس الى الاسواق القريبة من منازلهم بحثاً عن مواد غذائية بعد نفاد مؤنهــم، في ظلّ شحّ يزحف إلى بضائع المتــاجر الــتي قفزت أسعارها. وفيما لم تعد أم أحمد من مدينة الصدر المحاصرة شرقي العاصمة، قادرة على تلبية احتياجات أطفالها الصغار، لم يتمكن زوجها، بسبب الحصار والقصف الجوي المستمر، من بلوغ المخــابز الواقعة في الشارع المجاور، ما دفعها الى «الاستــعانة بما تبقى من الخبز اليابس لصنع نوع من (الـثريد) لإطعام الاطفال».
ويقول وسام من مدينة الشعب غربي بغداد، إن عائلة تقطن على مقربة من الشارع الرئيسي لمنطقة المواجهات، تعرضت لرشقات نار كثيفة. ويوضح أن «المواجهات الاخيرة لم تسمح للاهالي بأخذ الحيطة والحذر، لأن فرض حظر التجول اعلن بصورة مفاجئة».
ويصف حيدر انذار، الطبيب في مستشفى مدينة الطب وسط بغداد، الوضع في المستشفى بأنه «مأساوي»، مع تزايد عدد الجرحى المنقولين من مدينة الصدر والشعلة، وعدم كفاية الادوية لمعالجتهم، واضطرار الاطباء الى وضع الجرحى في دهاليز المستشفى، ثم إخراج من يتم تعقيم جروحه لإفســاح المجـال أمام آخرين.
يضيف انذار أن أصحاب الصيدليات والمستشفيات من منطقة الغزالية (التي لا تتعرض لقصف) تبرعوا بمستلزمات طبية، جلبها بنفسه وسط حظر التجول، مع نفاد مواد ضرورية مثل خيوط تقطيب الجروح وأدوية التعقيم. ويحذر من أن استمرار الازمة ليومين لاحقين سيؤول إلى كارثة طبية حقيقية في البلاد.
الازمة ضربت أيضاً طلاب المناطق الذين يعيشون في الاقسام الداخلية من دون مؤونة أو مال. وتقول زينب، طالبة الماجستير في جامعة بغداد، إن حظر التجول المفاجئ حال دون أن تتمكن مع زميلاتها في القسم الداخلي من شراء الغذاء والخبز الكافيين لايام الحظر، «كما لم نستطع المغادرة الى عوائلنا في وسط وجنوب العراق بسبب الحظر، فضلاً عن ان غالبية مناطقنا في الجنوب تعيش اوضاعاً امنية مماثلة».
تضيف زينب أن بعض رجال الشرطة والامن الجامعي جلبوا لهن القليل من المؤن والاغذية الضرورية والخبز لتخفيف الازمة.
تستمر الازمة، رغم إعلان قيادة عمليات بغداد السماح بتقديم الخدمات الصحية والغذائية والخدمية في مناطق بغداد كافة، بالتنسيق مع قيادة العمليات، التي اتهمت «المجاميع الخارجة عن القانون» بتهديد وقتل عمال الخدمات في المناطق المحاصرة، و»استخدام العجلات الخدمية لاغراض القيام بالعمليات المسلحة ضد القوات الامنية».
وقد لقي نحو 300 شخص، معظمهم من المدنيين، مصرعهم في الاشتباكات المستمرة بين القوات العراقية والأميركية و«جيش المهدي»، التي اندلعت يوم الثلاثاء الماضي، فيما أعربت منظمات دولية غير حكومية مثل «اليونيسيف» و«الصليب الاحمر» و«المنظمة الدولية للهجرة»، عن قلقها من تدهور الاوضاع الانسانية في هذه المناطق.
وكانت منظمة «الصليب الاحمر» في جنيف أكدت أن لدى فرعها في العراق «مواد تموينية كافية، لكن المشكلة الرئيسية تكمن في كيفية توزيعها على السكان»، مشيرة إلى استهداف قوافل الادوية وسيارات الاسعاف. وحذرت «يونيسيف» من أن احتياطي مياه الشفة لدى السكان «يكفي لمدة يومين فقط». وكان هذا الكلام منذ يومين...
اميمة العمر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد