شركات برمجة سورية تتحايل على الحظر الاميركي وتنافس عالمياً
تشهد صناعة البرمجيات في سورية واقعاً أليماً. ففي الوقت الذي يسعى فيه العاملون في صناعة البرمجيات Software الى إيجاد بيئة مناسبة لصناعة قوية تضع سورية على خريطة البرمجيات العالمية، يغيب اهتمام الحكومة عن هذا القطاع الذي يحقق معدلات نمو سريعة، فينصب اهتمامها على مسألة نشر الكومبيوتر والانترنت والاتصالات الخليوية.
«ترانس تيك» TransTech إحدى الشركات السورية التي تجهد لحجز مكان لها على خريطة البرمجيات. وهي تحايلت على قضية الحظر الأميركي لتصدير التكنولوجيا. واستطاعت ان تنتج برامج تستطيع ان تنافس نظيراتها عالمياً واقليمياً.
واستعانت بمبرمج سوري عمل على مدى 25 سنة في كبرى شركات البرمجة في العالم، وبات المصمم الرئيس لبرامج الشركة. درب هذا الخبير فريقاً من المبرمجين الذين صاروا على مستوى عال من المهارة والتمكّن من التقنية الرقمية.
واستطاع ان يُنجز تصميم النظام الأساسي للشركة.
يقول مدير عام «ترانس تيك» عبدالسلام هيكل ان شركته «عكست القاعدة المعروفة... فبدلاً من ان يكون هناك زبون ننتج له برامج في المعلوماتية، أنتجنا برمجيات قدّرنا ان السوق في حاجة إليها، ثم بحثنا عن الزبون». ولفت الى «ان أحد هواجس الشركة تمثل في إنجاز التصاميم لأننا نعتقد بأن التنفيذ يمكن لأي شركة تنفيذه تقنياً لكن الأساس هو في وضع التصميم الذي ينطلق من واقع كل مؤسسة».
وأشار هيكل الى ان شركته طورت نظام «كومباس إي آر بي»Compass ERP ليلائم حاجات السوق المحلية التي يتجاوز عدد سكانها عشرين مليوناً، وبشكل يضاهي الأنظمة العالمية، إضافة الى استخدامه اللغة العربية بالمفردات ذاتها التي يستخدمها الإداريون والصناعيون في سورية والعالم العربي. وتشير الأرقام الى وجود نحو 160 ألف مشترك بالإنترنت في سورية، ما يعادل نصف مليون مستخدم للإنترنت على افتراض أن ثلاثة أشخاص يتقاسمون الاشتراك عينه.
وعلى رغم إقراره بحاجة السوق المحلية، يشير الى غياب الاستراتيجية الوطنية في مجالي المعلوماتية والاتصالات. وأدى الأمر الى إحجام مؤسسة الدولة، التي تُشكل نحو 90 في المئة من السوق، عن اللجوء الى الشركات المحلية واعتمدت في شكل كامل على الشركات الأجنبية.
وكشف عن نية «وزارة الاتصالات والتقانة» وضع مــــشروع طموح للشركات الحكومية يضع شروطاً موحدة ويعطي عقوداً لشركات البرمجة المحلية.
ويرى هيكل ان المعوقات التي تواجه شركات البرمجة في سورية كثيرة، وتبدأ من تعامل القوانين مع هذه الشركات كما مع أي محل أو ورشة تجارية أخرى، ولذا فإنها تُنظّم من خلال سجل تجاري بحت لا يشير إلى أنها شركات لـ «سوفت وير» الكومبيوتر. ويشير هيكل الى تخوف العاملين في هذا القطاع من غياب قوانين مناسبة مثل حماية الملكية الفكرية والطبيعة الخاصة للتجارة الإلكترونية والتصنيف القانوني للتوقيع الرقمي والضرائب وعدم مراعاتها مجال البرمجيات إضافة الى غياب مديري المعلوماتية في المؤسسات الحكومية والخاصة. وأكّد ان من دون هذه المقومات الأولية يبدو من المستحيل جذب استثمارات مالية الى هذا القطاع.
وعلى رغم كل العقبات التي تواجه شركات البرمجيات في سورية، تطمح هذه الشركات الى الانطلاق من المحلية الى العالمية كما يؤكد هيكل. وتتكئ على الفرص الكبيرة التي تتيحها شركات الاستثمار الكبيرة التي بدأت تدخل القطر، إضافة الى دخول المصارف الخاصة وانطلاق البورصة في العام المقبل.
ويؤكد هيكل ان حجم أعمال شركات البرمجيات المحلية في سورية لا يزال صغيراً، إذ لا يتجاوز حجم مبيعات 50 شركة اكثر من 10 ملايين دولار سنوياً بينما يتجاوز 50 مليون دولار في الاردن و100 مليون دولار في مصر.
ويرى هيكل ان دخول سورية الى خريطة «السوفت وير» يتطلب تقديم دعم ملموس للشركات العاملة في هذا المجال، والتعامل معها كصناعة استراتيجية، وتعديل تسجيلها التجاري، وخفض الضرائب وإقامة حديقة تكنولوجية تستطيع جذب شركات أجنبية من الخارج فتخلق تفاعلاً بين الخبرات المحلية والخارجية.
سمر أزمشلي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد