سقف الحرية الجزراوية

بين صفحات كتاب "الجزيرة وأخواتها" تأليف محمد كريشان الذي صدر مؤخرا عن سلسلة براعم، حيث يقع ضمن تصور اللجنة العربية لحقوق الإنسان، لضرورة فتح أوسع نقاش بين عالم حقوق الإنسان وعالم الصحافة، ذلك باعتبار التضامن والتفاعل بين السلطة الرابعة والسلطة المضادة ضرورة ماسة لإصلاح حال أية سلطة ولتجنب الوقوع قدر الإمكان فيما يعرف بجنوحات ممارسة السلطة، نطالع مجموعة من المقالات التي تتناول محاور مختلفة من فضاءات الإعلام المعاصر، عربيا وعالميا، مقالات أعدت للصحافة أحيانا لتعبر عن تفاعل الإنسان والصحفي مع الحدث، وأحيانا أخرى لتفتح باب النقاش في موضوعات لم يعد بالإمكان ولوج ثورة الاتصالات بالمعنى الواسع دون مناقشتها وتناولها بعمق.
في هذا الكتاب قناة "الجزيرة" حاضرة فيها بقوة ليس كونها قناة محمد كريشان وإنما لأن مغامرة "العصيان على الرقابة" كما يعبر عنها الكاتب في مؤلفه حيث بدأت بأوسع المعاني باللغة العربية السمعية البصرية مع تجربة الجزيرة، وهي التجربة الرائدة التي رفعت سقف الحريات وباتت، بإرادتها أو بالرغم عنها، بارومتر أية قناة فضائية، مثلما يصفها الكاتب.
ويبحث الكاتب من خلال مقالاته في طبيعة وماهية العلاقة الوطيدة بين حرية التعبير ومهنية الصحفي، ويبرز الكاتب تباعا خطا مشتركا أوحد لها، اسمه همّ انتقال الإعلام العربي إلى مكان طليعي في الخارطة الإعلامية الدولية، وذلك عبر نقد الذات واكتشاف عيوب من سبق ومحاولة استقراء وسائل التقدم، بحيث يتجلى القاسم المشترك الأعلى والذي هو حرية الصحافة وحماية المهنة والدور الريادي للإعلامي العربي وعدم الوقوف موقف المتفرج في المنعطفات والأحداث التي يعيشها العالم، وهو هدف الكتاب الأول.

المصدر: وكالات