16-01-2012
زيارة داود أوغلو: المواجهـة مـع سوريـا مـن لبنـان أيضـاً
صال وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو، وجال في شوارع السياسة اللبنانية ودهاليزها. ولم يفته كالعادة أن يختمها بمسك ما هو عزيز على قلبه، أي أن يفرد لأكاديميته وثقافته حيزا عبر اللقاء مع ثلة من المثقفين والصحافيين.
لكنه على غير عادته لم يغص صاحب «العمق الاستراتيجي» في عمق التاريخ الذي ميزّ جلسة مماثلة معه قبل سنة ونيف، ربما لأن العودة إلى التاريخ قد غادرت وظيفتها بعدما انهارت سياسة تصفير المشاكل، ولم يعد من معنى للحديث عن وشائج القربى مع جوار جغرافي مباشر بات معظمه على النقيض من التوجهات التركية الجديدة منذ حوالى السنة. لذا طغت العناوين اليومية المتداولة المعروف مضمونها على هذا اللقاء.
الشكوك التي سبقت وصول الوزير التركي تجلت بأوضح أشكالها في التباين في وجهات النظر وفي الرؤية مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد وفي «البرودة» التي بدا عليها اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. وصل الوزير التركي ومعه مواقفه التي تلت زيارته طهران والمحملة إيران مسؤولية أي صدام قد يحصل في لبنان والعراق، كما الكلام على الإحياء الشيعي الذي فشل والإحياء السني الذي يباشر «ديموقراطيته» في دول «الربيع العربي».
ينفي داود اوغلو اتهام البعض حكومة حزب العدالة والتنمية بأنها تنهج نزعة سنية في الأحداث في المنطقة. يقول انه حمى الأكراد العراقيين ضد صدام حسين السني، وأيد قائمة «العراقية» التي يرأسها الشيعي اياد علاوي، وعمار الحكيم صديق حميم لا يفارق التشاور معه.
تحميل الرئيس السوري بشار الأسد مسؤولية استمرار الأزمة في سوريا احتل معظم الوقت المخصص للحديث. لم يصل داود اوغلو الى حد الطلب من الأسد الرحيل، بل يقول له أصغ إلى شعبك ولا تصغ حتى الى تركيا وجامعة الدول العربية ولا إلى اي طرف آخر، بل اصغ الى الشعب.
يكرر الوزير التركي معزوفة عدم إصغاء الأسد للنصائح التركية، مرة واثنتين وثلاثا، بل كان يرد بالهجوم المسلح على المدن وفي أوقات الصوم والمناسبات الدينية.
أما ماذا يريد من ايران تجاه سوريا، فيقول انه لا يريد من ايران سوى ان تقول للأسد أن يصغي الى شعبه. يرفض الوزير الرأي الذي يتهم تركيا بأنها كانت منحازة لطرف دون آخر، وانها كانت تطلب فقط من الأسد ان يتنازل من دون ان تطلب من المعارضة اي شيء.
يقول الوزير ان تركيا اقترحت اكثر من مرة على الأسد مؤتمرا للحوار مع المعارضة، وليسمّ من شاء من المعارضين في الداخل أو الخارج، لكنه كان في كل مرة يرفض الاعتراف بوجود معارضة، ويقول انه يوجد فقط ارهابيون ولا توجد معارضة ليتحاور معها. ومع ذلك يقول داود اوغلو ان حكومته لم تتواصل مع اي معارض طوال الأشهر الأولى من الأزمة، الى ان يئست من تجاوب النظام فقررت التواصل مع المعارضة بدءا من تشرين الأول الماضي.
ليس في جعبة الوزير التركي على ما يبدو اي فكرة جديدة يمكن ان يقترحها لحل الأزمة السورية، بما في ذلك اي مبادرة مشتركة مع ايران.
لفت اهتمام الكثيرين في برنامج الوزير التركي اللقاء مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. لم يرشح شيء عن اللقاء، ولم يشر داود اوغلو اليه لا من قريب ولا من بعيد في اللقاء مع الاعلاميين والمثقفين.
لكن السياق الذي جاء اللقاء مع البطريرك الراعي من خلاله يمكن أن يدرج في اطار السعي التركي، الذي كان داود اوغلو قد اعلنه قبل اسابيع، وهو أن عدم معارضة المسيحيين في سوريا للنظام في سوريا هو من عوامل قوة النظام. وهنا لا بد من القيام بخطوات لإبعاد المسيحيين عن النظام وتقديم ضمانات لهم تحت حماية تركيا نفسها.
كان داود اوغلو قد وعد بالقيام بخطوات في هذا المجال. وقد يكون اللقاء مع البطريرك الماروني ضمن الخطوات الرامية إلى طمأنة المسيحيين بأن أي تغيير للنظام في سوريا لن ينعكس سلبا على المسيحيين، وفي هذا الإطار جاء أيضا اللقاء السابق بين رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان مع بطريرك الكنيسة القبطية في مصر.
ويكشف داود اوغلو في لقائه معنا أن تركيا تفكر جديا في عقد لقاء يجمع بين علماء الدين المسيحيين والمسلمين في الشرق الأوسط ويعقد في تركيا. بل يكشف أن هذه فكرة الرئيس اللبناني الاسبق أمين الجميل الذي زار تركيا قبل مدة واجتمع مع داود اوغلو وغيره من مسؤولين أتراك.
من الواضح ان مساعي تفكيك جبهة القوى المؤيدة للنظام السوري، أو على الأقل التي تنظر بعين الحذر والشك الى الدور التركي الداعم للحركات الاسلامية، هي من أولويات السياسة التركية، وهي مؤشر الى ان الكباش في المنطقة على سوريا ومع سوريا متواصل وتنتظره فصول جديدة، وليس ما يوحي الى اقتراب انتهائه. ومحصلات لقاءات داود اوغلو مع المسؤولين كما لقاؤه معنا على مدى ساعة ونصف الساعة لم تقدم اي اشارة أمل في هذا الاتجاه.
لكنه على غير عادته لم يغص صاحب «العمق الاستراتيجي» في عمق التاريخ الذي ميزّ جلسة مماثلة معه قبل سنة ونيف، ربما لأن العودة إلى التاريخ قد غادرت وظيفتها بعدما انهارت سياسة تصفير المشاكل، ولم يعد من معنى للحديث عن وشائج القربى مع جوار جغرافي مباشر بات معظمه على النقيض من التوجهات التركية الجديدة منذ حوالى السنة. لذا طغت العناوين اليومية المتداولة المعروف مضمونها على هذا اللقاء.
الشكوك التي سبقت وصول الوزير التركي تجلت بأوضح أشكالها في التباين في وجهات النظر وفي الرؤية مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد وفي «البرودة» التي بدا عليها اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. وصل الوزير التركي ومعه مواقفه التي تلت زيارته طهران والمحملة إيران مسؤولية أي صدام قد يحصل في لبنان والعراق، كما الكلام على الإحياء الشيعي الذي فشل والإحياء السني الذي يباشر «ديموقراطيته» في دول «الربيع العربي».
ينفي داود اوغلو اتهام البعض حكومة حزب العدالة والتنمية بأنها تنهج نزعة سنية في الأحداث في المنطقة. يقول انه حمى الأكراد العراقيين ضد صدام حسين السني، وأيد قائمة «العراقية» التي يرأسها الشيعي اياد علاوي، وعمار الحكيم صديق حميم لا يفارق التشاور معه.
تحميل الرئيس السوري بشار الأسد مسؤولية استمرار الأزمة في سوريا احتل معظم الوقت المخصص للحديث. لم يصل داود اوغلو الى حد الطلب من الأسد الرحيل، بل يقول له أصغ إلى شعبك ولا تصغ حتى الى تركيا وجامعة الدول العربية ولا إلى اي طرف آخر، بل اصغ الى الشعب.
يكرر الوزير التركي معزوفة عدم إصغاء الأسد للنصائح التركية، مرة واثنتين وثلاثا، بل كان يرد بالهجوم المسلح على المدن وفي أوقات الصوم والمناسبات الدينية.
أما ماذا يريد من ايران تجاه سوريا، فيقول انه لا يريد من ايران سوى ان تقول للأسد أن يصغي الى شعبه. يرفض الوزير الرأي الذي يتهم تركيا بأنها كانت منحازة لطرف دون آخر، وانها كانت تطلب فقط من الأسد ان يتنازل من دون ان تطلب من المعارضة اي شيء.
يقول الوزير ان تركيا اقترحت اكثر من مرة على الأسد مؤتمرا للحوار مع المعارضة، وليسمّ من شاء من المعارضين في الداخل أو الخارج، لكنه كان في كل مرة يرفض الاعتراف بوجود معارضة، ويقول انه يوجد فقط ارهابيون ولا توجد معارضة ليتحاور معها. ومع ذلك يقول داود اوغلو ان حكومته لم تتواصل مع اي معارض طوال الأشهر الأولى من الأزمة، الى ان يئست من تجاوب النظام فقررت التواصل مع المعارضة بدءا من تشرين الأول الماضي.
ليس في جعبة الوزير التركي على ما يبدو اي فكرة جديدة يمكن ان يقترحها لحل الأزمة السورية، بما في ذلك اي مبادرة مشتركة مع ايران.
لفت اهتمام الكثيرين في برنامج الوزير التركي اللقاء مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. لم يرشح شيء عن اللقاء، ولم يشر داود اوغلو اليه لا من قريب ولا من بعيد في اللقاء مع الاعلاميين والمثقفين.
لكن السياق الذي جاء اللقاء مع البطريرك الراعي من خلاله يمكن أن يدرج في اطار السعي التركي، الذي كان داود اوغلو قد اعلنه قبل اسابيع، وهو أن عدم معارضة المسيحيين في سوريا للنظام في سوريا هو من عوامل قوة النظام. وهنا لا بد من القيام بخطوات لإبعاد المسيحيين عن النظام وتقديم ضمانات لهم تحت حماية تركيا نفسها.
كان داود اوغلو قد وعد بالقيام بخطوات في هذا المجال. وقد يكون اللقاء مع البطريرك الماروني ضمن الخطوات الرامية إلى طمأنة المسيحيين بأن أي تغيير للنظام في سوريا لن ينعكس سلبا على المسيحيين، وفي هذا الإطار جاء أيضا اللقاء السابق بين رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان مع بطريرك الكنيسة القبطية في مصر.
ويكشف داود اوغلو في لقائه معنا أن تركيا تفكر جديا في عقد لقاء يجمع بين علماء الدين المسيحيين والمسلمين في الشرق الأوسط ويعقد في تركيا. بل يكشف أن هذه فكرة الرئيس اللبناني الاسبق أمين الجميل الذي زار تركيا قبل مدة واجتمع مع داود اوغلو وغيره من مسؤولين أتراك.
من الواضح ان مساعي تفكيك جبهة القوى المؤيدة للنظام السوري، أو على الأقل التي تنظر بعين الحذر والشك الى الدور التركي الداعم للحركات الاسلامية، هي من أولويات السياسة التركية، وهي مؤشر الى ان الكباش في المنطقة على سوريا ومع سوريا متواصل وتنتظره فصول جديدة، وليس ما يوحي الى اقتراب انتهائه. ومحصلات لقاءات داود اوغلو مع المسؤولين كما لقاؤه معنا على مدى ساعة ونصف الساعة لم تقدم اي اشارة أمل في هذا الاتجاه.
محمد نور الدين
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد