رسالة دعم أوروبية لحزب العدالة والتنمية
أنهى رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو زيارة إلى تركيا استمرت أياماً، التقى خلالها معظم المسؤولين وزعماء المعارضة وتوّجها بإلقاء كلمة أمام البرلمان التركي.
وقد واجهت الزيارة ردود فعل متعددة نظراً للانطباع الذي سبقها، بأنها جاءت بمثابة دعم لحزب العدالة والتنمية ضد قرار محاكمته وربما إغلاقه. كما حظيت آراء باروسو أثناء الزيارة بسجالات، ولا سيما مع المعارضة العلمانية التي وصفت تصريحاته حول العلمنة بأنها تنم عن عدم فهم تركيا على حد قول زعيم حزب الشعب الجمهوري دينيز بايكال.
وكان لافتاً تركيز باروسو على مسألتي الديموقراطية والعلمانية، لكن تلك التي لا تحرم المرأة حريتـها في ارتــداء الحجـاب أو عدم ارتدائه.
وقال باروسو إنه جاء ليوجه رسالة قوية للأتراك إن الاتحاد الأوروبــي لن يقف متفرجاً على ما يجري من تطورات في أنقــرة المرشحة للانضمام إلى الاتحاد، وإن على جمـيع الأطـراف دعم الإصلاح.
وينفي باروسو أنه جاء لدعم حزب العدالة والتنمية، موضحاً أنه أتى «لأن تركيا بلد مهم وليس هامشياً بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، ومن الطبيعي أن نهتم بما يجري في بلد نجري محادثات عضوية معه. وهذا ليس تدخلاً في شؤونه الداخلية بل من صلب طبيعة علاقتنا».
وشدد باروسو على انه لم يأت لدعم حزب ضد آخر. وقال «نعم لنا علاقات جيدة مع الحكومة، لكن لنا علاقات مع كل من يدعم الإصلاح». وأشار إلى قلق المفوضية من دعوى إغلاق الحزب الحاكم، موضحاً «إذا كان الدســتور أو القوانين في تركيا لا تنسجم كثيراً مع معايــير الاتحاد الأوروبي، وإذا كانت شروط إقفال الأحــزاب لا تتوافق مع معايير البندقية، فيجب أن نوضــح ذلك، فتركيا بلد مهم لنا ونحن معها في مرحلة شراكة». وتابع «من الخطأ فهم الديموقراطــية فقط على أنها نظام يغلب فيه صوت الأكـثرية، لكن لا يوجد في أي مكان في العالم ديموقراطيـة تتعارض مع إرادة الأكثرية».
واعتبر باروســو أنه «يجــب دعم الديموقراطية من جانب الأكثرية، وإذا كــانت القوانين على نقيض مع الأكــثرية، فهـذا عجــيب وغريـب. وإذا نظرنــا مـن بروكسـل فإنــه لا يمكــننا أن نشـرح حتى لأنفسـنا كـيف يغـلق حـزب الأكـثرية».
ووجد باروسو أن الاختلافات في تركيا حول مفهوم الديموقراطية «عميقة». وهنا تطرق إلى موضوع الحجاب الذي هو حق اختيار للمرأة بإرادتها الحرة. وقال «لا يمكن لأحد تقييد الحريات الفردية، لا الدولة ولا الدين، والحريات الفردية هي حجر الرحى في الاتحاد الأوروبي، وأنا مستعد لمناقشة أي موضوع، لكن الحريات الفردية غير خاضعة لأي نقاش. وأنا إلى جانب إظهار الاحترام للإرادة الحرة للنساء»، موضحاً انه لا يرى موجباً لكي تخفي تركيا هويتها الإسلامية. وأضاف انه هنا ليس طرفاً في النقاش الداخلي حول الحجاب في تركيا، فهذه مسألة تركية، وعليهم هم حلها، لكن علينا كاتحاد أوروبي أن نقول ما إذا كان ذلك منسجماً مع معايير الاتحاد أم لا.
ودعا باروسو حزب العدالة والتنمية إلى طرق سبيل التوافق الداخلي بالنسبة للمسألة العلمانية، وهــو ما فســّرته الأوساط العلمانية بأنه انتقاد لموقف الحــزب الحـاكم من هذه المسألة.
وفي هذا الإطار نقلت صحيفة «راديكال» احتمال أن يقدم حزب العدالة والتنمية على خطوة ترضي العلمانيين بتضمين التعديلات الدستورية المحتملة لقطع الطريق على إغلاق الحزب عبارتين على عدم ارتداء الحجاب أو أي زي ديني في الدوائر الحكومية والمدارس، من الصف الأول إلى نهاية المرحلة الثانوية.
وأيد باروسو عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، لأنها مهمة، ليس فقط لأوروبا بل لكل العالم، إذ ستظهر هذه التجربة ما إذا كان لبلد مسلم أن ينسجم مع الديموقراطية. وأعرب عن ثقته أن أنقرة ستنجح في ذلك، لكن النضال لذلك لم ينته بعد، موضحاً انه في حال تحقق ذلك فسيكون الحدث الجيوبوليتيكي الأهم في العالم. وقال إن «الذين يعارضون تركيا من الأوروبيين ينطلقون من تصورات مسبقة». وأعطى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مثالاً على ذلك، بالقول إن معارضة ساركوزي لتركيا لم تمنع استمرار عملية المفاوضات مع أنقرة، لأن القرار في الاتحاد ليس فردياً بل يراعي مزاج الأكثرية. وقال «اليوم لا تركيا ولا الاتحاد الأوروبي جاهزان لعضوية انقرة، لكن تركيا ستكون في المستقبل عضواً، وسيكون ذلك مصدر فخر للطرفين».
إلى ذلك، تظاهــر 20 ألف تــركي علماني في أنقرة، أمس الأول، ضد الحـزب الحاكم. وردد متظاهرون، يلوحون بالأعلام الــتركية ويحملون صور مؤسس تركيا الحديثــة مصــطفى كمال أتاتورك هتـافات ضــد كل من حزب العدالة والتنمية والاتحاد الأوروبي الذي ينتقده كثيرون من الأتراك بسبب ما يرون انه تدخل في السياسة الداخلية لتركيا.
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد