رحيل حمزة شكور.. نهاية مشروع إنشادي؟
هل يكون رحيل حمزة شكور عميد الإنشاد الديني في سورية، نهاية مشروع طموح في هذا المضمار؟ فشكوّر أراد ادخال الإنشاد الديني في سورية عوالم جديدة، وجعله فناً قائماً بذاته مستقلاً عن المساجد. وخطا في ذلك خطوات مهمة.
أولى هذه الخطوات تمثلت في قيامه بإدخال الفرقة الموسيقية إلى الإنشاد الديني. وهذه مغامرة جريئة تحسب له، لا سيما إذا عرفنا أن السائد الديني في سورية يحرم استخدام الآلات الموسيقية في الإنشاد الديني باستثناء الدف أو المزهر. والموسيقى أساساً حرام عند معظم رجال الدين.
في البداية لجأ شكور إلى تشكيل فرقة موسيقية صغيرة، حملت اسم «فرقة الكندي»، وضمت عازف القانون السويسري جوليان فايس الذي اتخذ من حلب مقاماً له بعد ان اعتنق الإسلام، وأطلق على نفسه اسم جلال الدين فايس، كما ضمت عازف العود محمد قدري دلال وعازف الناي زياد قاضي أمين إضافة إلى ضارب الإيقاع عادل شمس الدين.
ومن ثم خطا شكور خطوة أكثر جرأة حين أدخل فرقة موسيقية كبيرة إلى رابطة المنشدين في دمشق، التي تولى رئاستها منذ عام 2002، بعد رحيل رئيسها السابق سليمان داوود، وقدم معها حفلات عدة في دار الأوبرا. وفي هذه الخطوة تحد كبير للسائد الديني، خصوصاً أن رابطة المنشدين هي مؤسسة دينية بمرسوم تشريعي وتابعة للمسجد الأموي في دمشق.
الخطوة الثانية التي أقدم عليها شكور، تمثلت في ادخال العنصر النسائي إلى الإنشاد الديني. ففي أكثر من أمسية لرابطة المنشدين شارك شكور مجموعة من الفتيات في الإنشاد الديني، لكن وجودهن كان شكلياً، إذ لم يضف وجودهن جديداً.
ولاقت هذه الخطوة استياء أيضاً من بعض رجال الدين الذين يعتبرون صوت المرأة عورة، كما جرت عليه الكثير من المتاعب.
خطوة شكور الثالثة، تمثلت في حفلات الإنشاد الديني المشتركة بين رابطة المنشدين وجوقة الفرح التابعة لكنيسة سيدة دمشق، والتي تعاون فيها مع الأب الياس زحلاوي. ولاقت هذه الحفلات ارتياحاً وترحيباً واسعاً على الصعيدين الديني والشعبي، باعتبارها تمثل شكلاً مهماً من أشكال التآخي والتآلف الديني الإسلامي المسيحي.
واليوم بعد رحيله، هل تستمر هذه الخطوات؟ ... الجواب سيكون لا بالتأكيد. فخطوتا شكور في ادخال الفرقة الموسيقية والفتيات إلى الإنشاد الديني، لم تكن ترضي رفاقه في رابطة المنشدين، ولا الكثير من رجال الدين، لكنه فرضها بنفوذه الكبير.
ومن سيتولى إدارة الرابطة هم من المعارضين لخطواته تلك، إذ أن الرئاسة آلت نظرياً إلى الشيخ عبد الوهاب أبو حرب المقعد على فراش المرض منذ سنوات (بحسب النظام الداخلي للرابطة)، وعملياً سيتولاها حامد داوود، وهو من المحافظين وغير الراضين عن خطوتي حمزة شكور، ما يعني أن الرابطة ستعود إلى مهمتها الأساسية كمؤسسة للإنشاد الديني في الجامع الأموي.
أما حفلات الإنشاد الديني المشتركة مع جوقة الفرح فستستمر كما أوضح حامد داوود، خصوصاً أنها لاقت ترحيباً وتشجيعاً من أعلى المستويات الرسمية في سورية.
حمل شكور على عاتقه نشر الإنشاد الديني الدمشقي إلى العالم كحالة حضارية إسلامية. وكانت البداية مع فرقة الكندي، ثم مع رابطة المنشدين اللتين جال معهما أوروبا وأميركا وآسيا ومعظم البلدان العربية. وكان شكور حريصاً في كل حفلاته في العالم المسيحي خصوصاً على افتتاحها بآيات من القران الكريم عن السيد المسيح ووالدته مريم، تعبيراً عن مكانتهما الكبيرة لدى المسلمين.
وكان حريصاً على ادخال المولوية في تلك الحفلات، لما تحمله من رموز صــوفية إنســانية، كما صدرت لشكور عدة أسطوانات في أوروبا، أهمها الأسطوانة التي صدرت عام 1994 في باريس عن دار «لونغ ديستانس».
أحمد بوبس
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد