دراما الحلقة الواحدة انتصرت للمشاهد .. ولـو عـن غيـر قصـد!
بعد أن نجحوا في كسر طوق «العرض الدرامي الرمضاني»، يبدو أن صناع الدراما السوريين، وبمساندة فضائيات عدة منتجة أعمالهم، بدأوا يعدون أنفسهم لإعادة إحياء دراما الحلقة الواحدة (السهرات التلفزيونية) التي عرفوا بها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. الدراما هذه هي لون إنتاجي قديم توقف مع ظهور الأعمال الدرامية الضخمة في التسعينيات، وجاء حصر الموسم الدرامي العربي بشهر رمضان المبارك الذي فرضه التسويق في الفضائيات العربية الناشئة آنذاك، ليكرس إنتاج مسلسلات معدة خصيصاً لدورة العرض المكونة من ثلاثين يوماً، وبذلك أصبح إنتاج المسلسلات المكونة من ثلاثين حلقة تقليداً طبيعياً ينسجم وشرط العرض الرمضاني، لم يخرقه أحد إلا ليبالغ في تحقيق هذا الشرط، حيث شهدنا الموسم الفائت قيام بعض شركات الإنتاج بمط مسلسلاتهم الرمضانية لتشمل أيام العيد الثلاثة أيضاً، كما كان الحال في مسلسلات «باب الحارة» و«ليس سراباً» و«خط أحمر».
إلا أن خرقاً ثانياً لطوق «الثلاثين حلقة» بدأنا نشهده اليوم، مع قيام أكثر من فضائية بعرض حلقات أسبوعية من سلاسل درامية تقوم على مبدأ الحلقة الواحدة، فتعرض قناة «أبو ظبي» السلسلة الدرامية «منمنمات اجتماعية»، بعد انتهاء السلسلة الدرامية البدوية «نساء من البادية»، بينما تقوم فضائية «أم بي سي» بالعرض الأسبوعي لحلقات الجزء الثاني مسلسل «أهل الغرام»، وتعرض قناة «خليجية» أسبوعياً السلسلة الدرامية «أصعب قرار». وكانت فضائية «أبو ظبي» قد افتتحت أسلوب العرض الأسبوعي من خلال السلسلة الدرامية «أسأل روحك»، بعدها قدمت القناة المسلسل الكوميدي «ضيعة ضايعة» للمخرج الليث حجو .
القاسم المشترك لتلك الأعمال أن جميعها تقوم على الحلقات المنفصلة التي تجمعها تيمة واحدة، أو تلك المسلسلات المتصلة ـ المنفصلة، إلا أن القاسم المشترك الأكبر بينها، هو أنها جميعها من إنتاج المحطات التي عرضتها وبعضها تم تنفيذه بتكليف مسبق من تلك الفضائيات، وهو الأمر الذي يكرّس وجهة النظر القائلة بتوجه تقوده بعض الفضائيات، ولا سيما قناة «أبو ظبي»، لتغيير تقاليد العرض الدرامي من دون أن يعني ذلك إهمال شركات الإنتاج ومن خلفها الفضائيات لدراما الثلاثين حلقة الرمضانية، فالعرض الرمضاني سلطان.
لا يمكن أن تخرج الرؤية الواقعية لإحياء الفضائيات دراما الحلقة الواحدة، من استنتاج مفاده ان الامر عبارة عن لعبة إنتاجية بحتة، بدأتها الفضائيات ـ المنتجة، وربما تنهيها أيضاً، إلا أن ذلك لا يمنع أن نتائجها على الأرض عموماً، جاءت على نحو ما لمصلحة المشاهد، الذي بات باستطاعته الاستمتاع بحكاية درامية كاملة، قد لا تسمح مشاغله أن يلاحقها في المسلسلات الطويلة. أكثر من ذلك، نرى أن المشاهد ومن خلال هذه السهرات الدرامية استعاد تقليد سهرة نهاية الاسبوع التي طمست معالمها الفضائيات المتخصصة بالدراما والسينما التي تبث على مدار الساعة.
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد