خبير زراعي يقول: وداعاً لقطاع الدواجن في سورية
وداعاً لقطاع الدواجن…..هذا ما قاله المهندس عبد الرحمن قرنفلة- الخبير في الإنتاج الحيواني صباح اليوم
وأضاف: عندما يصل العاملون في تربية أمات دجاج اللحم الى إعدام الصيصان التي (فقست) للتو, وهي ثمرة تعبهم ورصيدهم المالي ورأس اموالهم, وبيع بيض التفريخ كبيض مائدة وبسعر بخس ، نتيجة غياب مربي الفروج الذين عجزوا عن تأمين قيمة الأعلاف لبدء دورات إنتاج جديدة..وعندما يلجأ مربو الدجاج البياض بألم الى ذبح قطعانهم قبل انتهاء عمرها الإنتاجي وهدر رؤوس أموالهم تجنباً لتورطهم بمزيد من الخسائر والديون, وعندما تتوقف مصانع الأعلاف عاجزة عن تمويل مربي الدجاج بمزيد من الديون المشكوك في تحصيلها , فهذا يعني فعلياً أن نقول بحزن بالغ : وهل كنا أوفياء حقاً لهذا القطاع الذي تحمّل عبء إمداد المواطنين بالبروتين الحيواني عالي القيمة الحيوية والرخيص اقتصادياً عبر سنوات الأزمة ، والذي نهض بمسؤولية تغطية العجز باللحوم الحمراء والحليب ومشتقاته والذي وضع سورية في المرتبة الأولى عربياً والخامسة عالمياً في تصدير بيض المائدة بواقع مليار ونصف المليار بيضة سنوياً؟
وهل فعلاً وقفنا إلى جانب مربي الدواجن الذين تحدّوا الإرهاب و كانوا يعملون تحت وابل نيرانه ، في ظل ظروف قاهرة جداً من غياب مستلزمات الإنتاج والارتفاع غير المسبوق في أسعارها والخلل في مواصفاتها ، وصعوبات بالغة في تأمينها ، ومن قطع الطرقات وتعرض مساكن الدجاج للتخريب تارة وللدمار تارة ثانية . ومن خلل سياسات التسعير الحكومي التي كانت ترى بعين واحدة فقط , ومن استبداد بعض الموظفين الحكوميين في منح المربين مخصصاتهم من بعض مستلزمات الإنتاج المحصور بيعها بالدولة .
وأشار قرنفلة إلى أن العاملين في قطاع الدواجن كانوا سنداً متيناً لقواتنا المسلحة التي كانت تتصدى للإرهاب بكل بسالة ، ولم يقتصر دورهم على إمداد افراد الجيش بالبيض ولحوم الدجاج فقط ، بل كانوا سنداً اقتصادياً عزز صمود جيشنا ، رغم الجراح العميقة والأضرار البالغة التي تعرض لها القطاع والعاملون فيه, حيث كان القطاع من أبرز مكونات بنك أهداف الهجمة الإرهابية التي تعرضت لها البلاد . والمؤلم أن بعضاً من المسؤولين في الحكومة لم يكونوا على دراية بالدور الاستراتيجي الذي ينهض هذا القطاع به على مستوى الأمن الغذائي وعلى مستوى الاقتصاد الكلي للوطن أو ربما تجاهلوا هذا الدور عمداً أو قصداً . ولم يرتقوا الى مستوى مد يد العون للأخذ بيد العاملين في تربية الدواجن, بل ذهب البعض الى التفكير بالاستغناء عن هذا القطاع وشطبه من الخارطة الاقتصادية السورية.
وأضاف قرنفلة : لعله من الوفاء والواجب هنا أن نشير الى الاهتمام الشخصي للسيد رئيس الجمهورية الذي وصف معاناة قطاع الدواجن بأنها حادة ، وذلك خلال لقائه رؤساء وأعضاء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية وغرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة يوم 26/7/2015 , والمكرمات التي جاءت من سيد الوطن لهذا القطاع ، والتي لولاها لتوقف القطاع عن العمل منذ وقت مبكر من بداية الأزمة التي خنقت العاملين في إنتاج منتجات الدجاج.
وكذلك من الوفاء الإشارة إلى المحاولات الحكومية التي سعت إلى المسح بحنان على رؤوس العاملين في إنتاج منتجات الدجاج من القطاع الخاص الذين يشكل إنتاجهم 90% من المطروح بالأسواق ، ورفع معنوياتهم وتقديم الكثير من الوعود لهم . بينما كانت تغدق العطاء والدعم المالي السخي على ابنتها المدللة المؤسسة العامة للدواجن التي تساهم بــ 10% فقط من إنتاج البلاد من لحم الفروج وبيض المائدة.
وأيضا لا بد من الإشارة الى جهود السيد وزير الزراعة والإصلاح الزراعي ، ومتابعته الشخصية لواقع القطاع ، وجهود اتحاد غرف الزراعة السورية ، إلا ان المثل انطبق على تلك الجهود ( العين بصيرة واليد قصيرة).
جشع بعض التجار ومنتجي الأعلاف كان كارثياً وأشار قرنفلة إلى أن قطاع الدواجن ترنّح أخيراً بالضربة القاضية التي تلقاها من مطرقة أسعار الأعلاف ، ولم تعد تجدي الصريع الأدمع ، حيث لم تساعده بنيته الهشة اقتصادياً على الصمود أكثر . ولم يرحمه جشع بعض تجار الأعلاف, حيث كان العبث بأسعار كسبة فول الصويا والذرة الصفراء / صعوداً فقط / حيناً. والتوقف عن بيع مخزونهم من العلف حيناً اخر لاغتنام فرصة فرض زيادة جديدة على الأسعار و لم يدركوا أن توقف عمل القطاع هو في النهاية توقف لأعمالهم أيضاً . ولم تسعفه نداءات الاستغاثة التي أطلقها مربو الدواجن منذ سنوات ، والتي طالبوا فيها بتفعيل دور المؤسسة العامة للأعلاف لكونها الموئل الأكثر أماناً لهم ( والتي قامت بدور محوري وأساس في تنمية هذا القطاع بداية ثمانينيات القرن الماضي ) ، ولم تنجح محاولات الحكومة الإسعافية بمنح قطاع الدواجن جرعة تعيد الحياة الى مفاصله التي تعرضت لأضرار جسيمة بفعل صدمات موجات ارتفاع أسعار الأعلاف التي تشكل حوالي 80% من تكاليف الإنتاج في ظل ضعف القوة الشرائية لمستهلكي منتجات الدجاج التي فرضت سقفاً قسرياً للأسعار هي أقل بكثير من تكاليف الإنتاج الفعلية و لاسيما أن أسعار مكونات علف الدجاج وصلت الى نقطة لم يعد معها بمقدور المربين تأمين قيمة ما تأكله قطعان الدجاج التي يربونها فقرروا بيع قطعانهم والبحث عن مصادر رزق بديل.
تشرين
إضافة تعليق جديد