حوار في العمق: من أجل التقريب الحقيقي بين المسلمين (1-7)
الجمل: يدرك الكثيرون ضرورة مراجعة التراث مراجعة تأصيلّية بنّاءة..... ويمارس البعض هذه المراجعات على مستويات شتّى.. وينحرف البعض في مراجعاتهم كثيراً تحت تأثير الذوق والهوى...
ويرى آخرون أنّ مجرّد التفكير بذلك يعني اتّهام السَلَف والتاريخ، غير ممّيزين بين ما هو وحي إلهي وبين ما هو نتاج بشري متأثّر بزمان ومكان...
وفزعاً من التحقيق العلمي الموضوعي الجادّ: تشبّث أولئك بكلّ ما يرسّخ أهواءهم ويحميها...وأغلق هؤلاء الأبواب دون أدنى سؤال... فالتحقيق الجادّ سوف يُطيح بأشياء يعدّها هؤلاء وأولئك أركاناً في العقيدة والكيان!!.
ولكن هل يعني ذلك شيئاًَ بالنسبة للحقيقة الدينية؟
إنه يعني بالنسبة لهم أنفسهم أشياءً كثيرةً... أما الحقيقة الدينية والتاريخية فهي المنتصر الوحيد جرّاء التحقيق الجادّ.
وهذه الدراسة هي دعوة جادّة من أجل التصحيح القائم على التحقيق العلمي الجادّ، لا غير..
وقد أثارت هذه الدعوة قضايا حسّاسة قد يتحرّج الكثير من إثارتها رغم أنّها تدور في خلده، بل في مجالسه المطمئنّة مع ثقاته وخاصّته...فيما يراها آخرون خطراً يهدّد العقيدة!!.
فهي جديرة إذن بما صنعته، فشدّت نحوها أنصاراً يترقبونها، وآخرين! يحذرونها فيُحذّرون منها... لكن عليهما معاً ألا يفوتهما أنّها دعوة حوار وتحقيق جادّ لا مكان فيه للعودة إلى المشاحنات بما يراهُ البعض مسلّمات، تقليداً لا تحقيقاً، ولو أخضعها للتحقيق لانهارت وكأنّها ناطحات سحاب زُلزِلت أرضها!!.
أ - الفرق بين الحوار والصراع :
بين الصراع والحوار بونٌ شاسع :
- الصراع: غايته نفي الآخَر وإفناؤه.
- والحوار: غايته الإبقاء على الآخَر، وجذبه إلى الصواب بعد إزالة الشبهات العالقة...والأمر مُتبادَل بين أطراف الحوار.
- الصراع بين فصائل بني الإنسان: هو انتحار ذاتي تمارسه الإنسانية مع نفسها.
- الصراع بين فصائل الأمّة : هو انتحار ذاتي تمارسه الأمّة بحق ذاتها.
- أمّا الحوار بين فصائل الأمّة: فهو حياة للأمّة، وترشيد للحياة تمارسه الأمّة في خدمة ذاتها.
- العقل الواعي هو الذي يستطيع أن ينتقل بالصراع إلى الحوار...
- والجاهلون فقط، غير قادرين على الحياة في أرض يعيش عليها من يخالفهم في رأي وهوى!! أولئك وحدهم منحوا أنفسهم السلطان المطلق على أذهان الناس وأذواقهم وحرّياتهم، بل على دمائهم أيضاً!!.
ب - الحوار ضرورة حضارية :
كلّ ما هو إسلامي فمحورهُ العقيدة:
- الفكر الإسلامي، الثقافة الإسلامية، الاجتماع الإسلامي، الاقتصاد الإسلامي، الوحدة الإسلامية، كلها تتخذ من العقيدة الإسلامية محوراً تنطلق منه وتدور حوله.
- الانقسامات والخصومات الحاصلة بين المسلمين عبر التاريخ، هي الأخرى تتخذ من قضايا العقيدة محاور لها.
ونظراً لهذا وذاك فإنّ التقريب بين المسلمين سيبقى دائماً رهن العودة إلى قضايا العقيدة ـ محاور الفكر والعمل ومحاور النزاع ـ في أصولها الأولى ومصادرها، عبر قراءة تصحيحية وإصلاحية واعية متجردة، تستهدف تأصيل العقيدة وتنقيتها من كلّ دخيل ومشبوه أفرزته الصراعات العقيدية المعمّقة.
إنّ الحركات الإصلاحية المهمّة التي قادها مصلحون كبار في القرن الأخير قد ركزت غالباً على مبدأ معاصرة الأحداث، بعيداً عن النظر إلى الوراء... إلى ما قد يؤدي النظر فيه إلى تجديد النزاع.
وهذا مبدأ ينطوي على إيجابيات كبيرة، لكنه في نفس الوقت يحمل معه أسباب قصر أجله، وذلك حين يغضّ النظر عن حقيقة واقعة لا مناص من الاعتراف بها...
فدواعي النزاع والانقسام ـ القادرة على أن تقوض أي دعوةٍ إصلاحيةـ ما تزال متراكمة وفاعلة في تراثنا الذي سيكون دائماً هو مصدر ثقافة الأجيال، كل الأجيال، وفي كل مكان، مما يجعل دعوة الإصلاح لا تعدو أن تكون إطاراً يخبئ تحته أسباب تقويضه، كغشاء أبيض رقيق يلقى على حراب مشهورة وسيوف مسلولة ومواد متفجرة تنتظر من يحركها أدنى تحريك، فإذا بذاك الغشاء الأبيض لا عين له ولا أثر، إلا ما كان في ذاكرة التاريخ !
ولا مناص من هذه النتيجة إلا في نفي كل تراثنا الإسلامي وانتخاب مصادر بديلة للفكر والثقافة والعمل، وهذا ما لا يدعو إليه ولا يرتضيه إلا من ارتضى أن ينسلخ عن ذاته منهزماً أمام هذه الظاهرة.
هذه الهزيمة التي ظهرت في دعوات العلمنة والتغريب، أو الدعوة إلى إسلام بلا مذاهب، ونحوها.
كلا، لا هذا ولا ذاك، لا تناسي الحقيقة وإغفالها، ولا الهزيمة أمام مداخلاتها..
إنما الحوار العلمي الموضوعي هو السبيل الوحيد إلى الحل الجذري، الذي يحفظ لهذه الأمة هويتها ويضعها على الطريق الصحيح في البناء الحضاري المنشود.
فهل كان قدراً على المسلمين – وحدهم، بحكم تمذهبهم – أن يُحرَموا من فضيلة هذا الحوار العلمي لتبقى الذات الإسلامية ممزّقةً، طعمةً لكل آكل؟!
ج - مشروعية الحوار وسر هجرانه :
هل نستطيع أن نقف أمام حقائق الدين والتاريخ وقفة حياد تامٍّ كما نقف أمام الظواهر الكونية والنظريات العلمية في الفيزياء والكيمياء والفلك وطبقات الأرض؟
لماذا نقف أمام العلوم التجريبية بحياد تامٍ، فيما لا نعرف شيئاً من ذلك الحياد تجاه المفاهيم الدينية والحقائق التاريخية؟
لم يكن السر في ذلك هو اختلاف طبيعة الحقائق الدينية والتاريخية عن طبيعة الحقائق التجريبية.
إنما السر في أننا قد تبنينا مواقف مسبقة تجاه القضايا الدينية والتاريخية، وهذه المواقف المسبقة هي التي تتحكم في طريقة تلقّينا للقضايا والحقائق... بينما لم يكن شيء من ذلك تجاه القضايا التجريبية.
ومن مزايا هذه المواقف المسبقة أنها أضفت صفة القداسة على كثير من المفاهيم والأشخاص، فوقفت هذه القداسة سداً منيعاً دون تقبل أي حقيقة تصدمها أو لا تتلاءم معها! هذا مع أن المنهج الذي رسمه الإسلام للحوار والبحث العلمي قد ألغى أيّ نوع من القداسة على المفاهيم وعلى الأشخاص، وفتح أبواب البحث العلمي حتى حيال أقدس المبادئ والمفاهيم، ألا وهو مبدأ التوحيد.
فحين رد القرآن الكريم على الذين جحدوا مبدأ التوحيد لم يصدمهم أولاً بما لهذا المبدأ من قداسة، ولم يهول عليهم أمر التشكيك حتى أتى بالحجة والبرهان القاطع: قال تعالى:
( وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (المؤمنون 23/91)
فبعد أن قدم البرهان العلمي الثابت حق له عندئذٍ أن يبدي ما لهذا الأمر من قداسة، فقال:
( سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (المؤمنون 23/91)
ومثل هذا الأسلوب جاء أيضاً في قوله تعالى:
(أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ ) (الأنبياء21/21)
( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ) (الأنبياء21/22)
وبعد هذا البرهان القاطع قال: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الأنبياء 21/22)
أما النقاش في مبدأ المعاد واليوم الآخر فقد بسط القرآن الكريم فيه القول وفصّل وأجاب على الشبهات بأنواع شتى من البراهين، وكذلك الحال مع مبدأ النبوة والكلام في صدق الأنبياء ورسالاتهم، ففي كل هذه المبادئ التي تمثل أصول الدين، فلا دين إلا بها، لم يصدم القرآن المعاندين بالتهويل والتكفير حتى ساق الحجج ودافع عن هذه المبادئ والمفاهيم بالبراهين العقلية القاطعة ليوقفهم على حقيقة واضحة وضوح البديهيات التي لا يتنكر لها إلا معاند يعشق اللجاجة والجحود.
وكل شيء من العقائد الإٍسلامية هو دون هذه العقائد الثلاث بلا شك، وبلا أدنى خلاف...
إذن لنا كل الحق في مناقشة ما هو دون ذلك، ومعنا في حقنا هذا: القرآن والسنة.
نحن نعتقد بعصمة القرآن وعصمة السنة وبأن للتاريخ مساراً ما.
ولكننا نعود فنفرض آراءنا المذهبية على القرآن، فتظهر له معان شتّى ووجوه مختلفة وأهداف متناقضة !.
ونفرض آراءنا المذهبية على السُنّة، فتظهر وكأنها سُنن شتى لا سُنّة واحدة.
ونفرض أهواءنا على التاريخ، فنصدق منه ما وافقها، ونكذّب بما خالفها!
إن هذا يعني أننا في الحقيقة إنما اعتقدنا بعصمة أهوائنا وآرائنا المذهبية، فجعلناها حاكمةً على كل شيء، لا على حقائق الأحداث فقط، بل على القرآن والسنة أيضاً !!.
وهذا هو السر في نمو النزاع واستفحاله وتفشيه.
د - جــذور النـزاع :
لقد ابتدأ النزاع في هذه الأمة سياسياً، ومضى إلى وقت ليس بالقصير نزاعاً سياسياً. ثم كان من شأن السياسة أن تقود هذا النزاع إلى ميادين الفكر والاجتماع الأخرى.
حتى توالت على الأمة عهود تتابع فيها حاكمون يتبنون اتجاهاً واحداً يتعصبون له ويوفرون له الحماية وأسباب الانتشار ويواجهون بالعنف كل اتجاه آخر.
ثم وجدوا في كل عصر رجالاً ممن عرف بالفقه تقربوا إليهم واجتهدوا في توطيد سلطانهم، فتعاظم الشرخ بين فصائل الأمة، وترسخت الحواجز التي أصبحت هنا حواجز دينية بين فئة تعيش في ظل السلطان ثم تمنحه الشرعية في سياساته ومقاصده، وفئات أخرى يطارد رجالها ويؤذى كبراؤها، وربما يقتلون ويحجز على أفكارهم وتعاليمهم وكتبهم.
يقول الإمام الغزالي : إنه لما انقرض عهد الخلفاء الراشدين أفضت الخلافة إلى قومٍ تولوها بغير استحقاق ولا استقلال بعلم الفتاوى والأحكام، فاضطروا إلى الاستعانة بالفقهاء وإلى استصحابهم في جميع أحوالهم. وقد كان بقي من العلماء من هو مستمر على الطراز الأول وملازم صفو الدين، فكانوا إذا طُلبوا هربوا وأعرضوا، فرأى أهل تلك الأعصار عز العلماء وإقبال الأئمة عليهم مع إعراضهم، فاشرأ بوا لطلب العلم توصلاً إلى نيل العز ودرك الجاه، فأصبح الفقهاء بعد أن كانوا مطلوبين طالبين، وبعد أن كانوا أعزة بالإعراض عن السلاطين أذلةً بالإقبال عليهم، إلا من وفقه الله .(1)
والحق أن هذا لم يكن وقفاً على جماعة واحدة دون سواها، فصحيح أنه استغرق الحقب الأطول والمساحات الأوسع والأشمل لصالح مذاهب الجمهور على أيدي الأمويين وأغلب الخلفاء العباسيين ثم السلاجقة والأيوبيين والمماليك والعثمانيين، إلا أن الطوائف الأخرى كان لها دورها أيضاً، فكان للمعتزلة دور أيام المأمون والمعتصم، وللشيعة دور أيام البويهيين والصفويين، وللاسماعيلية دور أيام الفاطميين، وإن اختلفت تلك الأدوار في مساحاتها الزمنية والمكانية ودرجة التطرف وحجم الأضرار، إلا أن الموضوع واحد في آثاره الاجتماعية والأدبية والدينية .
تلك الأجواء كانت السبب المباشر في ظهور الأخبار المكذوبة والأحاديث الموضوعة والعقائد الدخيلة، التي تسلحت كل فرقة بطائفة منها، ورمت خصومها بطائفة أخرى، ساعد على ذلك قمع السلطات للعلماء المخلصين والمجاهدين والمصلحين، وابتعاد بعضهم عن المواجهة. فهل ذهبت تلك النزاعات ودرست مع الزمن، واختفت آثارها؟
يغالط نفسه ويخادعها من يزعم ذلك...
إن الحقيقة التي ينبغي أن لا تغيب عن أحد أن تراثنا الموجود بين أيدينا إنما جمع وصنف في تلك الأحقاب، لا غير...
كل تراثنا الذي نقرأه: في الحديث، في التفسير، في الفقه، في الأصول، في العقائد، في التاريخ، كله تراث تلك العهود، عهود النزاع السياسي والمذهبي .
إذن لا شك أن يأتي تراثنا محملاً بتلك الآثار الخطيرة، وهذه هي الحقيقة التي طغت على تراثنا الإسلامي .
هذه الحقيقة هي أو ما ينبغي أن نقف عنده، لا على طريق التقريب بين المذاهب فقط، بل على طريق المطالعة الحرة أيضاً، وعلى طريق الدرس والتلقي، أو التحقيق أو التصحيح .
ثم ليس من حقنا أن ننتظر أي فائدة ترجى من وراء هذه الوقفة ما لم يصحبها شرطان متلازمان على طول الطريق وحتى النهاية، وهما :
1- الجدّ في التأمّل والنظر والمتابعة .
2- الحياد التام في التعامل مع المفاهيم والأحداث.
وسوف ننتخب لهذا البحث ثلاثة مواضيع، نتناول المصادر الأساسية لكل منها، ونسلط الضوء على جذور النزاع فيها. وسوف نرى في النهاية أن أسباب الخلافات والتباعد بين المسلمين، ومادّة تلك الخلافات، هي تلك المجموعة من الأخبار المكذوبة والأحاديث الموضوعة والعقائد الدخيلة التي أفرزتها أيام الصراع السياسي، ثم أخذت تنمو وتنتشر حتى دخلت في صلب عقائد المسلمين.
وهذه المواضيع الثلاثة التي انتخبناها للدرس هنا هي:
1- التفسير.
2- الحديث.
3- التاريخ.
وقبل الدخول في التفصيل نوجز وجهة النظر التي نتبنّاها في هذا الموضوع، فنقول:
1- إن التقريب ثمرة طبيعية للتصحيح، فكما لا يمكننا أن ننتظر ثمرة تنتج بلا شجرة، لا يمكننا كذلك أن ننتظر للتقريب وجوداً ومعنى دون أن نقطع أشواطاً هامة على طريق التصحيح.
وكما أن جودة الثمرة ورونقها يتوقف على مقدار العناية بالشجرة وتوفير أسباب نموها وحفظها من الآفات، فكذلك هو المستوى المرجو من التقريب، فإنه يتوقف على المقدار المنجز من التصحيح ودرجة نقائه.
2- إنّ التصحيح ثورة حقيقية، ولا يجرؤ على تقحم نيران الثورة إلا الثوريون.
فالثوريون هم الذين امتلأوا استعداداً لتقديم الغالي والنفيس على طريق الثورة، ولا يشغلهم عن أهدافهم ما سيفقدونه من راحة ونعيم وأموال وبنين وأهلين...
وكذلك من أدرك أن التصحيح ثورة، ومضى على طريقه، فسوف لا يوقف مسيرته ما يراه من تساقط الكثير من المعلومات والمفاهيم التي كان قد ورثها وقرأها وترسخت في ذهنه وأصبحت جزءاً من عواطفه، وربما أصبحت جزءاً من وجوده الاجتماعي أيضاً، لا يهمه أن يرى ذلك كله يتساقط على طريق التحقيق العلمي الدقيق.
إن التصحيح بهذا المعنى سيمر من خلال ثورتين:
- ثورة على التراث، تثير كوامنه وتكشف حقائقه...
- تسبقها ثورة على أواصر عوجاء أو معكوسة شدّتنا إلى هذا التراث شداً مغلوطاً حال حتى دون الإذن بمناقشته .
وهذا لا يعني أننا نستنكر أي نوع من الارتباط العاطفي بالتراث، كلا، فإن الارتباط العاطفي الصحيح المشذب ضروري جداً في ثبات العقيدة .
بعد هذا الإيجاز ننتقل إلى شيء من التفصيل في الميادين الثلاثة التي انتخبناها من بين ميادين التراث الواسعة، بغية فتح أبواب الحوار على طريق التصحيح الذي سوف يكون التقريب ثمرةً طبيعية من ثماره .( )
( للبحث صلة )
صائب عبد الحميد
الجمل
إضافة تعليق جديد