حرب الاغتيالات تعود إلى الغوطة
تصعيد خطير تشهده الغوطة الشرقية، لكن هذه المرة من داخلها، مع اغتيال القائد العسكري لـ «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام»، وسط مناخات توحي باقتراب مواجهة يسعى فيها «جيش الإسلام»، بزعامة زهران علوش، للسيطرة بشكل كامل على الريف الدمشقي .
وأكد «أجناد الشام» نبأ اغتيال قائده العسكري أبو زيد قناص، وذلك بعد أن أوقفه أمس حاجز تابع لـ «جبهة النصرة» في عربين، بحسب بيان على الصفحة الرسمية للفصيل وتناقله بسرعة ناشطو الغوطة، قبل أن يتم حذفه. وشن العديد من الإعلاميين التابعين إلى «جيش الإسلام» حملة ضد «النصرة»، على خلفية ما جرى على الرغم من أن الفصيلين قد شاركا قبل أيام بحملة اقتحام لسقبا لاعتقال مجموعات قالوا إنها تتبع لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ــ «داعش».
ويقول مصدر ميداني معارض إن العلاقة بين «الأجناد» و«النصرة» وصلت الى أسوأ حالاتها قبل أيام، حين اصدر الأول بياناً يتهم الجبهة بمحاولة اغتيال قائد «كتائب الشام» التابعة للفصيل، ويدعى أبو نعيم يعقوب، وأصيب حينها إصابة بليغة، معتبراً أن ذلك جاء اثر مزايدات من قبل «النصرة» على المقاتلين في عربين.
وسارعت «جبهة النصرة» إلى الرد بتسليم المتهمين ومحاكمتهم من دون أن يعني ذلك التهدئة بين الطرفين. ويعلق المصدر أن عناصر «الأجناد» باتوا مهددين من «النصرة»، في الفترة الأخيرة، بتهم تتعلق بالانتماء إلى «الجيش الحر» والعلمانية والفساد وغيرها من التهم التي تطلقها الجبهة على الفصائل.
ويعد «أجناد الشام» ثاني اكبر المجموعات في الغوطة، ويضم «كتائب شباب الهدى» و «كتائب الصحابة» و«لواء درع العاصمة» و «تجمع أمجاد الإسلام»، وتنتشر نقاطه في حمورية وكفربطنا وسقبا، وكان أول من تبنى، في الصيف الماضي، قصف العاصمة بصواريخ «الكاتيوشا»، رداً على استهداف الطيران الحربي للغوطة.
نقطة أخرى تبدو لافتة في مسألة «الأجناد»، وهي أن اغتيال قائده يأتي في وقت تؤكد فيه الأنباء الواردة من الغوطة قرب التحالف بينه وبين «فيلق الرحمن». ويقول مصدر إن تقارباً قد بدأ ينشأ بين الفصيلين، رغم أن «أجناد الشام» ذات مرجعية دينية يقودها شيوخ و «شرعيون» مقابل «الفيلق» الذي يخضع لبنية عسكرية وتنظيمية أكثر صرامة. غير أن المصدر يعيد السبب الحقيقي إلى «رغبة بتشكيل كيان موحد قادر على التصدي لمشروع جيش الإسلام بالتمدد، وخاصة أن العلاقة مع زهران لم تعد إيجابية، بعد تنصل فصائل القيادة الموحدة من حربه على جيش الأمة، وإشكاليات أخرى تتعلق بالمعارك في جوبر ومسألة قصف العاصمة».
وجلي أن زهران يسعى للامساك بمفاصل الغوطة تدريجياً، بعد تصفيته لـ «جيش الأمة»، وبعد أن عمل على تحجيم دور «النصرة» بإبعادها عن «القيادة الموحدة»، ثم شن هجمات على فصائل يتهمها بالعمل لمصلحة «داعش» وتأسيس «رابطة إعلاميي الغوطة» التي يتحكم من خلالها بالناشطين الإعلاميين، ويستدعي ويعتقل كل من لا يمتثل لأوامره.
وتحرك تجار الغوطة بالأمس لسحب المواد الغذائية من الأسواق، على خلفية القصف الذي طال دمشق، والرد من الطيران الحربي بقصف الغوطة. وبالحديث عن التجار تكشف المعلومات أن الغالبية الساحقة لا تتحرك إلا بقرار من الفصائل الكبرى، سواء «جيش الإسلام» أو غيره من المجموعات كل حسب نفوذه في بلدته أو منطقته. ويتعلق كل هذا بإدخال البضائع إلى الأسواق عبر حاجز مخيم الوافدين، أو تصدير المواد إلى دمشق، وكذلك التحكم بالسعر من دون أن يكون لـ «القضاء الموحد» أي سلطة، باستثناء توصية التجار بعدم الاحتكار أو رفع أسعار السلع.
طارق العبد
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد