جودة مفقودة في سوريا
هل كانت الفكرة التي أطلقها د. عمرو سالم نموذجاً لحالة تسيطر على آليات عملنا عندما نبه إلى الكثير من المعايير التي افتقرت إليها الجمعية العلمية السورية للجودة أثناء الإعداد لمؤتمر الجودة وخاصة في بطاقات الدعوة وطرق التعامل مع الحرف العربي وألوان العروض التقديمية؟
لاشك في أن الجمعية أقدمت على عمل عظيم عندما دعت إلى ورشة عمل تشارك فيها مؤسسات الدولة والقطاع الخاص للوصول إلى توجهات عامة في موضوع الجودة، والدليل على ذلك أن هذه الورشة كشفت عن الكثير من العيوب في موضوع التعامل مع الجودة والمعايير ومؤشرات القياس وغيرها.
الدكتور سالم تحدث عن الجودة كمنتج معرفي ورأى أن معايير الجودة لاتتعلق بمجتمع معين وأنها تجسيد لتراكم الخبرات وبالتالي لتراكم معرفي، وبالتالي لايمكننا النظر إلى المعايير كمعوقات لعملية الإبداع، بل محرض لها، لكنه اعترف بأن مؤسساتنا تكاد معظم أوقاتها بـ )إطفاء الحرائق( وهو يقصد )حل المشاكل اليومية العالقة(، وهذا يحد كثيراً من تفكيرها باتجاه المستقبل.
المحاضرات التي ألقيت أكدت بدورها أنها هي بحد ذاتها )المحاضرات( بحاجة إلى معايرة وتقييس، فلا هي التزمت بسياق محدد، ولا بمعطيات محددة ولا بوقت محدد، وقد لاحظنا الفرق كبيراً بين مؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص في هذا المجال، وكأن القطاع الخاص وحده هو الذي يؤمن بأهمية الجودة والمعايير.
في الجودة لايوجد محاسبة وإنما يوجد أداء، هذا ما قاله أحد المحاضرين وهنا فإننا نطلب من الجمعية العلمية السورية للجودة قياس أداء المحاضرين، وفق مؤشرات قياس دقيقة، ليس من أجل أن نحاسب أحداً وإنما في سبيل نزع نقاط الضعف في تعاملنا مع قضايا الجودة.
محاضر آخر اكتشف أننا فرغنا شعار الإيزو من مضمونه لأننا تعاملنا معه بآليات غير قياسية، وأصبح بالتالي مجرد صفة تسويقية لامعنى لها في معايير الجودة.
وتحدث آخر عن استحالة الوصول إلى الجودة بغياب الاستراتيجية والمنهجية، وهذا يكفي لكي ندرك أننا والجودة في قطيعة طويلة المدى، لأن عدد المؤسسات التي وضعت استراتيجيات لها في تحسين الأداء والخدمات والإدارة والمتابعة والتقويم، تعدّ على الأصابع.
رئيس إحدى الجلسات قال: مشاكلنا كبيرة ولا يمكن حلها إلا بتضافر الجهود، وهو يعني بذلك (توزيع الدم على القبائل( وهذا الكلام يتناقض بشكل كبير مع مفهوم الجودة.
محاضرات آخرى كانت أشبه بالبريد التطفلي Spam حيث انها تحولت إلى حديث عن إنجازات أو فعاليات لهذه المؤسسة أو تلك، وهي من نوع العمل الإجرائي اليومي، وقد أصاب ذلك جمهور الورشة الذين غصت بها صالة مكتبة الأسد في البداية لكنها مالبثت أن افتقدتهم، حيث لم يبق في القاعة في الجلسة الأخيرة سوى 50 شخصاً.
أحد الحضور عقب على آلية التعامل مع مفهوم الجودة، موضحاً أن هذا المفهوم يتطور عالمياً وأن العالم سيشهد في عام 2008 ولادة مواصفة باسم (المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات)وطالب أن يؤخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار.
أحد المنظمين اعترف بأن عدداً من المحاضرات التي قدمت لاتفي بما هو مطلوب في هذه الورشة وخاصة من حيث ابتعادها عن طرح توصيات محددة، أو تقديم خطط رقمية (بالأرقام)، وليس الاكتفاء بعبارات توصيفية غير قابلة للتقييس.
يبقى أن نقول ان كل ماشهدناه في الورشة يكشف لنا أن ثقافة الجودة ليست غائبة فقط عن الجمهور وإنما عن المسؤولين وعن المؤسسات وخاصة الرسمية منها، والأمل كبير بأن تؤدي الجمعية دوراً كبيراً في هذا المجال.
حسين الإبراهيم
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد